ليبيا.. تعثر مفاوضات وقف إطلاق النار وتدخل أممي وعربي عاجل

حسام السبكي

حسام السبكي

ساعات قليلة فقط، فصلت إعلان الجيش الوطني الليبي، عن وقف مشروط لإطلاق النار، بعد أشهر من المعارك الشرسة، بين قوات الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر، ومسلحي حكومة الوفاق الوطني في العاصمة طرابلس، استبشر خلال الليبيون أملًا جديدًا في انتهاء أزمتهم، أو على الأقل لملمة جراحهم، وأخذ هدنة تخدم الجهود الإنسانية والإغاثية، حتى اصطدمت في الساعات الماضية برحيل قائد الجيش الليبي عن موسكو، دون توقع الاتفاق الذي ترعاه روسيا وتركيا بين الفرقاء الليبيين.

بيان الجيش الليبي، أشار إلى أن المشير حفتر، أراد التريث بعض الوقت، لدراسة وافية لوثيقة وقف إطلاق النار، قبل اعتمادها رسميًا، وهو ما قد يعقد المشهد مجددًا، والذي استدعى بدوره تدخلًا أمميًا عاجلًا لمراقبة الموقف، قبل انطلاق جولة جديدة من المباحثات حول الوضع الليبي، عبر مؤتمر تستضيفه العاصمة الألمانية برلين في الأيام المقبلة.

تطور جديد

أعلنت الخارجية الروسية، الثلاثاء، أن المشير خليفة حفتر غادر موسكو بدون التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق نار الذي تم التوصل إليه برعاية أنقرة وموسكو ينهي تسعة أشهر من القتال.

وكان من المفترض أن تمهد الهدنة المرتقب التوقيع عليها في موسكو بين حفتر والسراج إلى مؤتمر دولي حول ليبيا يعقد برعاية الأمم المتحدة في برلين، الأحد، المقبل.

موقف حفتر

بوصفه بطلًا للمشهد الحالي، سواءً بقيادته للنجاح الذي يحققه الجيش الليبي على الأرض، وحتى الموقف الأخير من المفاوضات الحالية، فقد أسهبت وسائل إعلام عربية ودولية، في البحث وراء أسباب انسحاب المشير خليفة حفتر من موسكو دون تثبيت اتفاق، قام فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني بالتوقيع عليه.

وطلب حفتر، مساء الإثنين، “بعض الوقت الإضافي حتى الصباح” لدراسة الوثيقة بعدما وقع عليها رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج، لكنه غادر من دون توقيع الاتفاق الذي تم التوصل إليه برعاية أنقرة وموسكو، وفق ما أوضحت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا.

من جانبها، ذكرت مصادر مطلعة لقناة “العربية”، أن المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي يرفض أي تدخل أو وساطات أو مشاركة تركيا في الإشراف على وقف إطلاق النار في البلاد، لافتا إلى أن المسودة الروسية لوقف إطلاق النار تجاهلت عددا من مطالب الجيش الليبي.

وأضافت المصادر أن بند سحب القوات التركية من ليبيا لم يكن موجودا في الهدنة، مشيرة إلى أن المشير خليفة حفتر يتحفظ على عدم تجميد الاتفاقية الموقعة بين فايز السراج رئيس حكومة الوفاق والرئيس التركي أردوغان.

وأوضحت أن حفتر اشترط عدم توقيع “الوفاق” على اتفاقيات من دون الرجوع للجيش الوطني الليبي.

موقف حفتر الحالي، من مشاركة تركيا في جهود الوساطة الدولية، يعيد للأذهان موقفه السابق، والرافض أواخر الأسبوع الماضي، تدخل أنقرة في المبادرة التي اقترحتها موسكو أيضًا، لإنهاء العمليات القتالية، حيث اتهم حفتر “بعض الدول والحكومات” – في إشارة إلى تركيا في المقدمة – بتزويد القوات المتمركزة في طرابلس “بمعدات عسكرية وذخائر أسلحة مختلفة فضلا عن الطائرات الهجومية المسيرة، هذا بالإضافة إلى أن هذه الدول والحكومات تقوم بنقل أعداد كبيرة من الإرهابيين من جميع أنحاء العالم للقتال ضد القوات المسلحة والشعب الليبي”.

وأعلنت وسائل إعلام، عن وصول المشير خليفة حفتر والوفد المرافق له إلى بنغازي، تاركًا اتفاق وقف إطلاق النار في مهب الريح.

تفاؤل روسي

سارعت الأمم المتحدة، بتدخل مباشر، للحيلولة دون العودة بالأزمة الليبية إلى المربع الأول، خاصةً بعد تعثر تثبيت الهدنة بين الفرقاء مؤخرًا.

فقد أفادت مصادر دبلوماسية، أن مباحثات تجري في الأمم المتحدة لإرسال بعثة لمراقبة وقف إطلاق النار المرتقب في ليبيا تكون على غرار تلك الموجودة في اليمن حاليا.

وأكد المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك على الحاجة إلى “مراقبة محايدة”، بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار بين طرفي النزاع، وصرح دوجاريك أنه “من أجل احترام وقف إطلاق النار في ليبيا، يجب أن تكون هناك آلية محايدة للمراقبة والتطبيق بالإضافة إلى تدابير لبناء الثقة”.

كما لفت المتحدث الأممي إلى أن “بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا” (تضم حوالي 230 شخصا) بقيادة غسان سلامة “تقوم حاليا بتسجيل انتهاكات وقف إطلاق النار المبلغ عنها والتحقق منها”.

وحول تدخل أممي أكثر إيجابية، تشير تقديرات، إلى أنه بعد جولة المباحثات المرتقبة في برلين، في التاسع عشر من يناير الجاري، فيمكن لمجلس الأمن الدولي أن يدعم نتائجها، ويقرر إنشاء بعثة لمراقبة وقف إطلاق النار في ليبيا.

وبحسب دبلوماسيين فإنه ليس مطروحا على طاولة البحث تشكيل بعثة لحفظ السلام في ليبيا بل بعثة لمراقبة وقف إطلاق النار مماثلة لتلك الموجودة في اليمن.

مساع عربية حثيثة

على الرغم مما يشهد الملف الليبي حاليًا من أزمة، يستعد وفد دبلوماسي جزائري رفيع المستوى برئاسة وزير الشؤون الخارجية صبري بوقادوم، للتوجه يومي 14 و15 يناير الجاري إلى كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

وأفاد البيان لوزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، بأن الوفد الجزائري سيجري مباحثات مع المسؤولين السعوديين والإماراتيين خلال هذه الزيارة “ستتناول مستجدات الأوضاع في المنطقة العربية بوجهٍ عام، والوضع في ليبيا بشكلٍ خاص، عبر استعراض سبل وقف التصعيد العسكري، من خلال وقف دائم لإطلاق النار، والتشاور حول طرق دعم مسار بعث التسوية السياسية لهذه الأزمة عبر الحوار بين مختلف الأطراف الليبية”.

رغم حالة الضباب السياسي، التي تلوح في الأفق حاليًا، والتي خلفها بالطبع انسحاب وفد الجيش الوطني الليبي، دون إقرار وقف إطلاق النار رسميًا، مع قوات حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، إلا أن تصريحات المسؤولين الروس، تحمل تفاؤلًا حول مستقبل الأزمة الليبية.

فقد أعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، الثلاثاء، أن روسيا ستواصل جهودها للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في ليبيا، بعدما غادر القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر، المحادثات في موسكو بدون توقيع اتفاق.

وأضاف لافروف في مؤتمر صحافي في كولومبو، “سنواصل جهودنا في هذا الاتجاه، لم يتم تحقيق نتيجة نهائية حتى الآن”، حسب وكالة الأنباء الفرنسية.

تدخل أممي

ربما يعجبك أيضا