لِمَ تُعيد تركيا اللاجئين السوريين؟

علاء بريك

مع تفاقم أزمة الاقتصاد التركي وتوقف المعارك الحربية في سوريا، لِمَ تُعيد تركيا اللاجئين السوريين إلى سوريا؟


قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إنّ مليون لاجئ سوري يُخطط لإعادتهم إلى سورية.

أتت هذه التصريحات خلال كلمةٍ ألقاها عبر الفيديو في حفل افتتاح مجمع سكني جديد في الشمال السوري، ضمن مشروع مزمع لإعادة توطين السوريين في سورية، لكن السؤال: لم الآن؟

تزايد في الصدامات

بحكم حدودها الطويلة مع سوريا، كانت تركيا وجهة رئيسة في ظاهرة اللجوء السوري. وفي البداية رحب الأتراكُ بالفارين من الحرب وخلال هذه الفترة لم تشهد أي مواجهات عنيفة أو صدامية تُذكَر بين الفريقين.

ومع مرور الوقت تغيَّرت الأمور وبدأت تطفو على السطح حوادث اعتداء على سوريين وعرب، سواء بالتعرض الجسدي أو التهديدات، وبلغت البروباجندا مستويات غير مسبوقة بنشر مقطع مصورٍ عنوانه “الاحتلال الصامت” يحمل خطابًا معاديًا للعرب واللاجئين.

تحوّل في الاقتصاد

بحسب صحيفة نيويورك تايمز، تزامنت حركة اللجوء السوري مع نشاط اقتصادي جيد واستقرار في المؤشرات الكلية للاقتصاد التركي، ولم يتسبب وفود الأعداد المليونية من السوريين في أي ضغوطات تعرقل حركة الاقتصاد آنذاك.

لكن في السنوات الأخيرة، تراجع أداء الاقتصاد التركي وهوَت قيمة الليرة التركية وتزايدت معدلات التضخم، وعلى إثر هذا شهدت تركيا أزمة اقتصادية لا تزال تحاول التعامل معها، وفي هذا الإطار لم تَعُد قضية استيعاب اللاجئين أولوية.

هل انتهت مدة ورقة اللاجئين؟

بحسب ورقة نشرها معهد الشؤون الدولية والأمنية الألماني، كان اللجوء السوري إحدى الأوراق بيد حكومة أردوغان في ظل السياسة التركية تجاه سوريا وتدخلها المباشر في الأزمة، وفضلًا عن ذلك كانت الحكومة تحاول إظهار تركيا بمظهر الدولة القوية والمحورية في المنطقة.

بيد أنَّ ضغط المعارضة التركية وتعمّق الأزمة الاقتصادية جعل من محاولات إظهار القوة إدعاءاتٍ فارغة، وسبق أن قال أردوغان إن إيواء 3.6 مليون لاجئ سوري كلف البلاد 40 مليار دولار، حسب ما كتب موقع “voa news”. لكن تبرز هنا أهمية ملف اللاجئين في العلاقة مع أوروبا ما يعقّد من الحسابات.

مناطق آمنة

بحسب تقرير في صحيفة نيويورك تايمز، فإن ضلوع تركيا المباشر في الصراع السوري جعل منها مشرفة على قطاع كبير من الأراضي داخل سوريا على طول الحدود بين البلدين، وعجَّلت سيطرة ميليشيات موالية لتركيا على هذه المنطقة في بدء مشروع إعادة اللاجئين إلى هذه المناطق “الآمنة”.

مع خمود الحرب في حالة من لا غالب ولا مغلوب وأزمة الاقتصاد التركي بدأ تنفيذ المشروع المزمع، وبغية ترغيب السوريين في العودة لم تقتصر الخطة على بناء المنازل، بل ستبني تركيا أيضًا مدارس ومستشفيات والبنية التحتية الكافية، ومنذ 2016 عاد إلى سوريا نحو 130 ألف شخص طواعيةً بحسب تقديرات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.

ربما يعجبك أيضا