ماذا يعني تجمع قادة العالم في الصين؟

شروق صبري
رابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان)

هل يدمر التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، وتكتيكات الحرب الباردة، العلاقات بين الصين والآسيان على المدى الطويل؟


التقى الرئيس الصيني شي جين بينج، الجمعة 31 مارس 2023، رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، ورئيس الوزراء الماليزي داتوك سيري أنور إبراهيم، ورئيس الوزراء السنغافوري لي هسين لونج، في بكين.

وقالت صحيفة جلوبال تايمز الصينية، اليوم السبت 1 إبريل 2023، إن قاعة الشعب الكبرى في بكين شهدت جمعة مزدحمة، حيث التقى الزعيم الصيني الأعلى بقادة إسبانيا وماليزيا وسنغافورة، لتعزيز العلاقات الثنائية.

مواجهة التكتلات

وفق الصحيفة الصينية، شدد القادة، خلال اجتماعات الآسيان، على تعميق التعاون، وتعزيز التنمية الإقليمية والعالمية، وتعهدوا بدعم الموقف الأساسي للآسيان، ورفض عقلية الحرب الباردة، ومواجهة التكتلات.

وأشارت جلوبال تايمز إلى أن التفاعلات بين كبار القادة في المؤتمر السنوي لمنتدى بوآو الآسيوي (BFA)، الذي عقد خلال الفترة من 28 حتى 31 مارس في بلدة بوآو جنوب الصين، ستضخ زخمًا إيجابيًّا في المنطقة والعالم وسط أزمة جيوسياسية متنامية.

تعميق التعاون

قال شي إنه خلال زيارة رئيس الوزراء الماليزي، توصلت بكين وكوالالمبور إلى توافق بشأن البناء المشترك لمجتمع صيني ماليزي ذي مستقبل مشترك، ما سيفتح بالتأكيد فصلًا جديدًا في تاريخ العلاقات الثنائية، حسب ما أوردت الصحيفة الصينية.

ودعا الجانبان إلى بذل جهود منسقة لدفع تنمية العلاقات الثنائية والتعاون في مختلف المجالات في المرحلة المقبلة، ودفع النمو المطرد والمستدام للعلاقات بين الصين وماليزيا، وضخ زخم جديد في ازدهار وتنمية جمهورية الصين الشعبية.

الرئيس الصيني شي جين بينغ يلتقي برئيس الوزراء الماليزي داتوك سيري أنور إبراهيم

الرئيس الصيني شي جين بينغ يلتقي برئيس الوزراء الماليزي داتوك سيري أنور إبراهيم في بكين

رفض عقلية الحرب الباردة

نقلت جلوبال تايمز عن الزعيم الصيني قوله إن سعي الصين الدؤوب لتحقيق انفتاح عالي المستوى والتحديث الصيني سيجلب فرصًا جديدة لتنمية ماليزيا ودول أخرى، داعيًا إلى مواصلة دفع التعاون إلى أعلى مستوياته في إطار مبادرة الحزام والطريق.

ودعا شي ماليزيا إلى دفع عجلة التقدم في المشاريع الرئيسة المشتركة، وتعزيز مجالات النمو في الاقتصاد الرقمي، والتنمية الخضراء والطاقة المتجددة، وتعميق سبل التعاون حتى تعود العلاقات بين الصين وماليزيا بمزيد من الفوائد على الشعبين.

وحسب جلوبال تايمز، أكد الرئيس الصيني أن بلاده مستعدة للعمل مع ماليزيا لدعم الموقف الأساسي لرابطة دول جنوب شرق آسيا، الرافضة لعقلية الحرب الباردة ومواجهة المعسكرات.

رفض الحروب

قال رئيس الوزراء الماليزي، إن الصين نجحت مؤخرًا في التوسط في الحوار الإيراني السعودي في بكين، ما أظهر أيضًا أنها تلعب دورًا بناءً في تعزيز السلام.

وأضاف أن مبادرة الأمن العالمي التي اقترحتها الصين (GSI) ومبادرة التنمية العالمية (GDI) ومبادرة الحضارة العالمية (GCI) تردد صدى مبادرة (ماليزيا مدني) وهي إطار سياسي يركز على الحكم الرشيد والتنمية المستدامة، حسب جلوبال تايمز.

ومن جانبه، قال رئيس غرف التجارة والصناعة الصينية التابعة لماليزيا (ACCCIM) لو كيان تشوان، لصحيفة جلوبال تايمز، إن مجتمع الأعمال الماليزي لديه توقعات كبيرة بشأن الزيارة، ويأمل في أن تدفع الشركات الماليزية الصينية إلى التعاون في المزيد من المجالات.

حق الشعوب في الحياة

أفادت جلوبال تايمز أنه خلال اجتماع بين شي مع رئيس الوزراء السنغافوري، شدد الزعيمان على أهمية السلام والتنمية الإقليميين والرفض الصارم للهيمنة والفصل، وأنه لا ينبغي السماح لأي دولة بحرمان شعوب آسيا من حقهم في العيش حياة أفضل وأكثر سعادة.

وقال شي إن الصين تعطي الأولوية الدبلوماسية لسنغافورة في دبلوماسية الجوار. وأشار إلى أنه خلال زيارة لي هسين لونج، رفع الجانبان العلاقات الثنائية إلى مستوى شراكة شاملة موجهة نحو المستقبل، لرسم مسار التنمية المستقبلية للعلاقات الثنائية.

مرونة الاقتصاد الصيني

على خلفية التغيرات المتسارعة في العالم التي لم تشهدها منذ قرن من الزمان، قال شي إن الدول الآسيوية يجب أن تحافظ على زخم التنمية السليم الذي جرى تحقيقه، وتحمي مكاسب السلام في المنطقة، وتحافظ على الاتجاه الصحيح للعولمة الاقتصادية، والتكامل الاقتصادي الإقليمي، وتعارض فصل أو قطع سلاسل التوريد.

ومن جانبه، قال عميد معهد أبحاث الحزام والطريق بجامعة هاينان، ليانج هايمينج، لصحيفة جلوبال تايمز “بصفتها دولة مهمة على طول مبادرة الحزام والطريق، يمكن أن تكون سنغافورة شريكًا جيدًا للصين.

وستوجد نقاط بارزة جديدة في التعاون الاستثماري المستقبلي في الاقتصاد الرقمي، والرعاية الصحية، والتكنولوجيا الحيوية، والتنمية الخضراء والطاقة المتجددة.

الرئيس الصيني شي جين بينغ يلتقي برئيس الوزراء السنغافوري لي هسين لونج

الرئيس الصيني شي جين بينغ يلتقي برئيس الوزراء السنغافوري لي هسين لونج في بكين

التجارة بين الصين والآسيان

قال مدير مركز دراسات جنوب شرق آسيا في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، شو ليبينج، لصحيفة جلوبال تايمز، كان جنوب شرق آسيا من بين المناطق الأولى التي شاركت في مبادرة الحزام والطريق الصينية، خلال جائحة كورونا، نمت التجارة بين الصين والآسيان إلى حد كبير، وهو ما يفسر سبب قوة مثل هذا التعاون.

وقال شو: “إن التحركات التي تقودها الولايات المتحدة يمكن أن تؤدي إلى بعض التأثير المدمر على المدى القصير، ولكنها لن تعطل التعاون بين الصين والآسيان على المدى الطويل، ذلك أن هذا التعاون مدفوع أيضًا بالهياكل الاقتصادية المتكاملة للجانبين”.

اقرأ المزيد
الصين تعلن عزمها تعزيز التعاون العسكري مع روسيا.. ما الدلالات؟
الصين تخضع منتجات «ميكرون» الأمريكية للفحص تحسبًا لمخاطر أمنية

خطوات الانفصال

نقلت جلوبال تايمز عن خبراء قولهم إن هذا الزخم القوي يظهر أن التعاون بين الصين والآسيان لن يتأثر بخطوات الانفصال التي تقودها الولايات المتحدة، لأن هذا التعاون متجذر في المصالح الأساسية للجانبين.

وأشارت الصحيفة الصينية إلى أن الولايات المتحدة كانت تكثف جهودها في جذب أعضاء الآسيان للانفصال عن الصين، من خلال اقتراح إطار عمل اقتصادي بين المحيطين الهندي والهادئ وتعزيز التحالف العسكري في المنطقة لمواجهة الصين.

وزيارات قادة الدول الأعضاء في الآسيان تشير بوضوح إلى أن الصين وأعضاء الآسيان يقاومون هذه الدعوات، وأنهم يوسعون التعاون، ليكونوا مثالًا للعولمة والتكامل الإقليمي، حسب ما ذكرت جلوبال تايمز.

ربما يعجبك أيضا