محادثات إيران والبحرين.. هل تغرب شمس «الهيمنة الأمريكية»؟

تقارب إيراني بحريني.. هل يُعيد ترتيب الأوراق في المنطقة؟

محمد النحاس

كان التقارب الدبلوماسي الذي هندسته بكين بين السعودية وإيران أول مؤشر على تحولات جيوسياسية كبرى في المنطقة، ومع احتمال إصلاح البحرين لعلاقاتها مع طهران، يمكننا أن نرى التحول الذي يوفره الحضور الصيني (والروسي) بالمنطقة.


وافقت مملكة البحرين على بدء محادثات مع إيران، لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في خطوة تثير قلق الولايات المتحدة، خاصة أن المنامة هي المقر الرئيسي للأسطول الخامس الأمريكي.

تنتهج واشنطن سياسة، تحديد الخصوم في جميع أنحاء العالم، وبناء تحالفات وترتيبات أمنيّة، وفي هذه الحالة، تعتبر الولايات المتحدة، إيران عدوًا وتمحورت السياسة الأمريكية، حول إبرام شراكات أمنية في المنطقة، وفقًا لذلك، بحسب تحليلٍ لمجلة “ريسبنسبول ستيت كرافت” الأمريكية، الاثنين 1 يوليو 2024.

سياسة واشنطن

ليس من الغريب، أن ترد إيران في المقابل من خلال تقديم الدعم لمجموعات مختلفة في المنطقة، وفقًا لكاتب المقال، جراهام إي فاولر، وهو محلل استخبارات بارز.

وقبل أسبوع، ذكرت وكالة أنباء البحرين، أن المملكة وإيران اتفقتا على “إنشاء الآليات اللازمة من أجل بدء المحادثات بين البلدين لدراسة كيفية استئناف العلاقات السياسية بينهما”.

تحولات جيوسياسية

أَحدثت بكين أول ثقب عميق في “الجدار” العسكري والاستراتيجي الأمريكي، بعدما نجحت في التوسط بين السعودية وإيران، والذي كان ينظر إليه على أنه أمر يكاد يكون “ضربًا من الخيال”.

وكان التقارب الدبلوماسي الذي هندسته بكين بين السعودية وإيران أول مؤشر على تحولات جيوسياسية كبرى في المنطقة، وفقًا لمقال المحلل الأمريكي.

ومع احتمال إصلاح البحرين لعلاقاتها مع طهران، يمكننا أن نرى على نحوٍ جلي، التحول الذي يوفره الحضور الصيني (والروسي) في المنطقة.

نموذج آخر

يذكرنا هذا الموقف بالتحوّل الجذري في السياسة الخارجية التركية إقليميًّا، تحت قيادة وزير الخارجية التركي الأسبق أحمد داود أوغلو، والتي كانت تعرف بـ”صفر مشاكل مع الجوار”.

بموجب هذه السياسة، سعت تركيا إلى تحسين العلاقات مع جميع الدول المجاورة التي كانت معادية، بما في ذلك الدول التي تعتبر خصومًا لحلف الناتو، وقوبلت هذه السياسة بعدم رضا في واشنطن، لأنها بدت وكأنها تقوض سياسات الناتو التي تعتمد على “تحديد الأعداء” لتبرير التحالف العسكري، وفقًا للتحليل.

ويطرح ذلك تساؤلًا حول إمكانية إدارة الخلافات المتجذرة في المنطقة، خاصةً إذا امتلكت الدول المرونة والقدرة على تغيير مواقفها، حسب مستجدات الواقع.

العداء ليس حتميًّا

إجمالاً تعزز هذه التطورات من شرعية إيران كلاعب إقليمي بارز، خاصة مع انضمامها إلى مجموعة البريكس بجانب السعودية.

ومع ذلك، لا يمكن توقع سلام كامل في العلاقات الدولية، لكن جدير بالدول أن تفترض أن العداء ليس حتميًا، وأنها تملك القدرة على تحسين علاقاتها مع الدول الأخرى، كما يطرح التحليل.

وينصح المحلل الولايات المتحدة أن تتعلم من هذه السياسة، في إدارة علاقاتها مع روسيا والصين، فالدبلوماسية المُهندسة بهدف تخفيف التوترات يبدو أنها أصبحت فنًا مفقودًا في أروقة واشنطن، التي غالبًا ما تتبنى مسار التصعيد والحلول العدائية (على شاكلة سلاح العقوبات الاقتصادية، واستخدام القدرات العسكرية لفرض الهيمنة وتحقيق الأهداف).

ربما يعجبك أيضا