بلومبرج: الحرب الروسية الأوكرانية قد تجعل البنوك المركزية ساحة معركة للعملات المشفرة

سارة كريم

الأوقات العصيبة تؤدي إلى الاعتماد علي العملات المشفرة المستقرة في روسيا، كما حدث في تركيا و كل ذلك يؤدي إلى تقلص سلطات البنوك المركزية في كل مكان.


قد تكون العقوبات القاسية المفروضة على الاقتصاد الروسي الذي يحتل المرتبة الحادية عشرة بين اقتصادات العالم، بسبب الحرب في أوكرانيا، حافزًا كبيرًا للاتجاه نحو العملات المشفرة.

ويظهر التداول المقوم بالروبل على “تيذر”، (عملة مستقرة مدعومة بالدولار)، تراكماً هائلاً في الحجم، وفقاً لـشركة “كايكو”  لتحليل بيانات “بلوكتشين”.

هل تتكرر التجربة التركية في روسيا؟

قبل أن يصبح الروبل الروسي أسوأ أداءً لعملة في العالم، كانت الليرة التركية فقدت 44% من قيمتها أمام الدولار الأمريكي خلال عام واحد.

تقلص القوة الشرائية لليرة بعد ارتفاع التضخم في تركيا بين 54% إلى 124% بحسب ما تعتقده الاحصاءات الرسمية و التقديرات الخاصة، دفع المواطنين والمقيمين في تركيا والمتمرسين في مجال التكنولوجيا إلى طريق التشفير و العملات المشفرة.

تضاعف حصة الليرة التركية في سوق التشفير

علي الصعيد العالمي، من بين كل العملات التي تم تبادلها مقابل العملة المستقرة (البلوكتشين التي تضمن التحويل الي أصول حقيقية بنسبة 100% و معظمها بالدولار الأمريكي) ارتفعت حصة الليرة إلى 26% في نهاية العام الماضي 2021، من 0.3% في يناير 2020، وذلك وفقا لباحثين في بنك التسوية الدولية.

وقالت بلومبرغ في تقرير نشر يوم الجمعة 18 مارس، إن حصة الليرة الـ 26% تمثل نسبة مرتفعة وغير عادية، وذلك إذا أخذ في الاعتبار أن العملة التركية لا تشكل سوى 0.5% من سوق العملات الأجنبية في العالم.

الدولرة والسيادة في إندونيسيا

تتجه المجتمعات التي تفتقر إلى وسيلة مقبولة لبائعي السلع والخدمات والأصول تتجه عادة إلى حيازة الدولار بشكل غير رسمي أو ما يسمي بـ”الدولرة” أي يحل الدولار الأمريكي مكان العملة الوطنية في المعاملات اليومية.

في إندونيسيا قبل أن تحظر استخدام العملات الأجنبية في المعاملات المحلية في 2015 ، كان خُمس الأبراج المكتبية في جاكرتا تؤجّر بالدولار. من الممكن أن يكون الدولار عائقًا أمام الدول ذات السيادة للتحكم الكامل بسياستها النقدية، لكن الاتجاه إلى “التشفير” ربما يمثل تحديًا أكبر.

الوضع في السلفادور

وصرح صندوق النقد الدولي في أكتوبر 2021 بأن اعتماد أحد الأصول المشفرة كعملة وطنية رئيسة، ينطوي على مخاطر كبيرة، وهو طريق مختصر غير مستحسن. وذلك بعد فترة وجيزة من اعتماد السلفادور “بتكوين” عملة قانونية.

قد تكون السلفادور حالة فردية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى تركيا، نتيجة لسياسات الرئيس رجب طيب إردوغان الاقتصادية غير التقليدية. إلا أن روسيا، زادت حدة المخاطر.

هل يتجه الروس نحو العملات المشفرة؟

يقول الرئيس التنفيذي لشركة “هاميلتون إنفستمنت مانجمنت” ويليام جي: “عندما يتأثر النظام المصرفي، سواء من خلال العقوبات المالية أو الحرب، يندفع الأفراد إلى العملات المشفرة لحماية أصولهم والمحافظة على السيولة”.

أسس جي “هيمالايا اكستشينج”، وهي بورصة للعملات المشفرة أطلقت رمزها المتداول، “هيمالايا كوين”، العام الماضي، وتبلغ قيمتها السوقية حالياً 43 مليار دولار. ويقول: ” أصبح الروس نشيطين للغاية في سوق العملات المشفرة”.

أداة تحايل علي الجزاءات

الأصول الرقمية، كما قال الرئيس الأمريكي جو بايدن في أمره التنفيذي الصادر يوم 9 مارس، يمكن استخدامها  “كأداة للتحايل على أنظمة الجزاءات المالية الأمريكية والأجنبية”. بل قد تتجنب التدقيق في المبادلات المركزية من خلال تغيير الأيدي في معاملات Peer-to-peer (p2p).

إذا عملت الجهات التنظيمية بشكل وثيق معًا، وقدمت إرشادات واضحة ومنسقة لمشغلي التشفير، فيمكن أيضاً حل المشكلة بسهولة. فقد يكون أحد هذه المتطلبات، اتباع قواعد “اعرف عميلك”، لتهيئة دخول الأعضاء إلى مكان التداول. ويقول جي: “يوجد مخاوف حقيقية من إمكانية استخدام العملات المشفرة في أنشطة غير قانونية أو للتغلب على العقوبات.. منصات Peer-to-peer طريقة شائعة لذلك”.

الاستمرار في التواجد و التوسع

المزيد من أموال المؤسسات تتدفق إلى أسواف العملات المشفرة، فيقول الرئيس السابق لأسواق رأس المال في الصين لدى “ماكواري غروب” جاي إي هاميلتون، “لقد تحدثت إلى العديد من مديري الأصول وبنوك الاستثمار، وبدأ كل واحد منهم الاستثمار في العملات المشفرة أو يدرس هذا المجال فسواء أعجبك ذلك أم لا فإن سوق العملات المشفرة ستستمر في التواجد والتوسع”.

أي مشكلات تتعلق بالأصول الرقمية -مثل تعطل عملة مستقرة أو انهيار في سعر رمز متقلب- يمكن أن تمتد إلى أنظمة الدفع وتؤثر سلباً على النشاط الاقتصادي الحقيقي، بسبب الاعتماد عليها كوسيلة للدفع علي نطاق واسع. وذلك وفقا لدراسة بنك التسوية الدولي.

ويقول الباحثون إن المخاطر تتفاقم بسبب “عدم معرفة المجهول”، في إشارة إلى المخاطر غير المتوقعة، بسبب الافتقار إلى الشفافية بشأن ملكية العملات. لكن الحجج القائلة إن “بتكوين” متقلبة للغاية، وإنه لهذا السبب لا يمكن أن تكون نقودًا يومًا بعد يوم -أو أن الأحجام في بورصات Peer-to-peer ضحلة جدًا، بحيث لا تدعم اعتماد الرموز بشكل جماعي- صالحة في الأوقات العادية.

ربما يعجبك أيضا