مصائب لبنان لا تأتي فرادى.. إغلاق جديد واجتياح لفيروس كورونا

هالة عبدالرحمن
كتب – هالة عبدالرحمن

قد تتوالى المصائب والمحن على المرء… فلا يصحو من مصيبة إلا وأخرى في إثرها، فلم يكد يستفيق لبنان من مأساة بيروت المنكوب بعد الانفجار الذي هز عاصمته، ما أسفر عن مقتل 180 شخصًا على الأقل وإصابة الآلاف، حتى ظهرت إحصائية قاتمة أخرى تؤكد عدد حالات الإصابة بالفيروس التاجي 10 آلاف حالة هذا الأسبوع، مما يهدد باجتياح كورونا لبلد بالفعل على وشك الانهيار.

ودخل الإغلاق على مستوى البلاد حيز التنفيذ، أمس الجمعة، في محاولة أخيرة للتحذير من انهيار نظام صحي لم يتعاف بعد من 3 أغسطس، من انفجار دمر أحياء بأكملها، وأخرج ثلاثة مستشفيات على الأقل وأكثر من عشرين عيادة خارج الخدمة.

ودخل اللبنانيون مرحلة جديدة من الإغلاق جراء التفشي المتزايد لفيروس كورونا، في الأسبوعين الأخيرين، وسط أزمة اقتصادية ومعيشية خانقة فاقمها انفجار المرفأ المروع.

ويستمر الإغلاق الجزئي حتى السابع من سبتمبر المقبل، ويتضمن حظرا للتجول بين الساعة السادسة مساء والسادسة صباحا، فيما يستثني القرار أعمال رفع الأنقاض والإغاثة في الأحياء المتضررة من انفجار المرفأ، وكذلك الوزارات والمؤسسات العامة، على ألا تزيد نسبة حضور موظفيها على 50 في المئة. ولا يسري القرار على مطار بيروت.

وتحاول السلطات الحد من ارتفاع عدد الإصابات، الذي تضاعف خلال الأسبوعين الأخيرين، ليبلغ اجمالي الإصابات 10952 حالة، بينها 113 وفاة.

ويخشى المسؤولون من تكرار النموذج الإيطالي، خصوصا بعدما أخرج الانفجار عددا من المستشفيات الكبرى من الخدمة. وتخطى عدد المصابين الخميس عتبة الـ600 في معدل يومي غير مسبوق.

وضاعف الانفجار الذي أوقع 181 قتيلا وأكثر من 6500 جريحا، الضغوط على المستشفيات والطواقم الطبية المنهكة أساسا من الأزمة الاقتصادية في البلاد وتفشي الفيروس.

ويمثل فرض الإغلاق في ظل هذه الظروف تحديًا كبيرًا، ويقول فراس أبيض -مدير مستشفى رفيق الحريري الجامعي، وفقًا لوكالة “بلومبرج”- “الناس غاضبون ويشعرون بالتمرد، وهناك ثقة قليلة في السلطات، في جميع أنحاء العالم”.

يذكر أن جهود الإغاثة والإصلاح، التي تقودها مجموعات العمل المدني الشعبية ومنظمات الإغاثة الدولية، معفاة من عمليات الإغلاق الأخيرة. وفي ظل عدم وجود خطة حكومية واضحة لمواجهة آثار الانفجار أو اجتياح الفيروس، فمن غير المؤكد ما إذا كانت السلطات ستتمكن من تطبيق القواعد، حيث تدفن العائلات موتاهم في جنازات اجتذبت حشودًا كبيرة، أو رعاية الجرحى والعمل معًا لإصلاح المنازل، أو إيجاد مأوى قبل الشتاء للمشردين الذين فقدوا منازلهم.

بالإضافة، إلى المخاوف من أن الإغلاق سيكون أقل فعالية هذه المرة، يعاني لبنان من ضعف القدرات بسبب الانفجار، وقالت منظمة الصحة العالمية، أنه تمت إزالة 500 سرير من الخدمة على الرغم من أن بعض المستشفيات الميدانية التي تم إنشاؤها لمساعدة المصابين كانت تحول التركيز إلى التحدي المتزايد الذي يمثله كوفيد 19.

وقال رضا الموسوي -مستشار وزير الصحة- أنه تم فقدان 50 سريرا للعناية المركزة، و100 سرير تم تخصيصهم لضحايا الانفجار، وساهمت المساعدات في إقامة المزيد من المستشفيات الميدانية لرعاية الفيروسات، ولكن لم تتم إضافة المرافق بالسرعة الكافية للتعامل مع الارتفاع المتسارع في الإصابات.

حتى قبل الانفجار، كان نظام الرعاية الصحية في لبنان تحت ضغط شديد. كانت المستشفيات الخاصة تكافح لتأمين الإمدادات بسبب أزمة البنوك والدولار، وتعثر الحكومة اللبنانية في سداد ديونها الخارجية منذ مارس الماضي، ونفاد احتياطياتها من العملات الأجنبية، لم يجعلها تدفع للمستشفيات في الوقت المحدد منذ شهور.

كما فقد المئات من الطاقم الطبي وظائفهم خلال العام الماضي مع انزلاق الاقتصاد إلى ركود عميق، وقال محمد الزايد، المنسق الصحي في جمعية أمل، إن الإغلاق التام يكاد يكون مستحيلًا نظرًا للتحديات المتعددة التي تواجه البلاد، لكن الإجراءات الجزئية قد لا تكون كافية للسيطرة على الانتشار.

ربما يعجبك أيضا