معهد الدراسات الأمنية الإفريقي| تنسيق كبير بين الجماعات الإرهابية في شرق وجنوب أفريقيا.. فهل يمكن التصدي له؟

بسام عباس

رؤية

ترجمة – بسام عباس

تزايدت الهجمات الإرهابية مؤخرًا في أوغندا، فقد أدى انفجار بمقهى في كمبالا يوم 23 أكتوبر إلى مقتل نادلة تبلغ من العمر 20 عامًا، وإصابة ثلاثة آخرين، اثنان منهم في حالة خطيرة. وبعد يومين، تم تفجير عبوة ناسفة في حافلة على بعد 30 كيلومترا غربي العاصمة؛ ما أدى إلى مقتل الجاني وإصابة الركاب.

وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن الهجومين، وذكرت الشرطة أن الانتحاري كان على قائمة المطلوبين من أعضاء القوات الديمقراطية المتحالفة، وقالت الشرطة أيضًا إن القوات الديمقراطية المتحالفة كان مشتبهًا بها في تفجير المقهى، وهي فرعٌ تابع لما يسمى ولاية وسط أفريقيا التابعة لتنظيم داعش.

وتثير هذه الهجمات تساؤلات حول روابط وتكتيكات الجماعات الجهادية في المنطقة، وما إذا كانت تزيد من تركيزها على أوغندا وتشكل تهديدًا أوسع، فعلى مدى العقود القليلة الماضية، قتلت القوات الديمقراطية المتحالفة الآلاف من المدنيين العزل معظمهم في جمهورية الكونغو الديمقراطية، خاصة مقاطعة كيفو الشمالية. وكانت الهجمات في أوغندا أقل شيوعًا. ولكن في يوليو الماضي، ارتبطت الجماعة بمحاولة اغتيال وزير في الحكومة الأوغندية، والتي أسفرت عن مقتل ابنته وسائقه.

وأعلنت القوات الديمقراطية المتحالفة مسؤوليتها عن هجومها الأول في أوغندا بعد إعلان تحالفها مع تنظيم داعش في الثامن من أكتوبر، متفاخرةً بأنها فجرت قنبلة صغيرة في مركز شرطة كمبالا، فيما نفت الشرطة وقوع الهجوم. ومع ذلك، قد تكون هذه علامات على أن وتيرة هجمات القوات الديمقراطية المتحالفة في أوغندا مقبلةً على الزيادة.

وعلى الرغم من وجودها منذ عقود، إلا أن القوات الديمقراطية المتحالفة لا تزال منظمة غامضة إلى حد ما. ويعتبرها العديد من المراقبين على أنها عصابة من أمراء الحرب تنهب مجتمعات جمهورية الكونغو الديمقراطية وترفع علم داعش الشرير للتمويه.

من جانبه، يشير “أليكس فاينز”، مدير برنامج إفريقيا بالمعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني “معهد تشاتام هاوس”، إلى أن “القوات الديمقراطية المتحالفة تدّعي انتماءها لتنظيم داعش، وهي رواية ملائمة، ولكنها في الغالب تتطلع إلى البحيرات الكبرى والسياسة الأوغندية”. بينما يعتقد محللون آخرون أن القوات الديمقراطية المتحالفة جماعة جهادية.

 وفي تقرير جديد صادر عن المركز الدولي لدراسة التطرف، كتبت “بريندا موجيتشي جيثينجو” و”تور ريفسلوند هامينج” أن تولي “موسى بالوكو”، وهو سلفي متفانٍ، قيادة القوات الديمقراطية المتحالفة في عام 2015 وضع الجماعة على مسار جعلها تعلن فيما بعد ولاءها لتنظيم داعش. وتقول الدراسة إن تصميم “بالوكو” على الانضمام لتنظيم داعش أدى إلى انقسام القوات الديمقراطية المتحالفة إلى فصيلين، ركز أحدهما على تطبيق الحكم الإسلامي في أوغندا، بينما ركز الآخر (فصيل بالوكو) على دعم طموحات داعش العالمية.

ونقل التقرير عن “بالوكو” قوله في سبتمبر 2020: “لم يعد هناك شيء اسمه القوات الديمقراطية المتحالفة بعد الآن.. كانت القوات الديمقراطية المتحالفة مجرد تحالف بدافع الضرورة لفترة معينة وعندما تم تمكيننا أخيرًا … لم تعد هناك القوات الديمقراطية المتحالفة كجماعة… نحن ولاية، ولاية إفريقيا الوسطى، وهي ولاية واحدة من بين الولايات العديدة التي تتكون منها الدولة الإسلامية”

كان صعود بالوكو إلى القيادة بمثابة تحول إلى تكتيكات أكثر وحشية في شمال كيفو. ويشير المؤلفان إلى تسارع وتيرة قتل المدنيين، جزئيًا؛ لأن التنظيم كان يعتبرهم غير مؤمنين.

واستدعى هجوم الأسبوع الماضي في كمبالا اعتداءين مماثلين على العاصمة في يوليو 2010، حيث قُصفت حانات مكتظة بالزبائن يشاهدون مباريات كأس العالم لكرة القدم، ما أسفر عن مقتل 74 شخصًا. وأدين عناصر من حركة الشباب – الجماعة المتطرفة العنيفة في الصومال – بارتكاب تلك الهجمات. وكان دافعهم هو الانتقام من أوغندا لمساهمتها بقوات في مهمة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي التي تقاتل حركة الشباب في الصومال.

ويبدو أن القوات الديمقراطية المتحالفة وحركة الشباب على طرفي النقيض من الانقسام الكبير في حركة الجهاد العالمية؛ لأن الشباب فرع من تنظيم القاعدة، ولذلك يبدو التعاون غير مرجح. وأوضح “فاينز” أنه ليس على دراية بأي تعاون ذي أهمية بين الجماعتين، على الرغم من أن كلًا منهما لديه حسابات يرغب في تصفيتها مع الرئيس الأوغندي “يوويري موسيفيني”.

ولكن في الواقع، تعمل القوات الديمقراطية المتحالفة وحركة الشباب معًا بشكل وثيق في أوغندا، وربما في أماكن أخرى، وفقًا لجيثينجو وهامينج، ومسؤول أوغندي كبير سابق. فقد صرح هذا المسؤول لموقع (ISS Today) بأن “تنظيم داعش في موزمبيق عادةً ما ينسق مع القوات الديمقراطية المتحالفة وحركة الشباب عن كثب. وفي هذه الحالة، من الممكن أن تعمل الجماعتان معًا ضد ما يسمونه “حكومة أوغندا الصليبية”.

وقال المسؤول: “إنهم يستخدمون نموذج سلسلة المطاعم، فكل منها مستقل، ولكنها جميعًا تشترك في التدريب والمتطلبات المعيارية الأخرى. وإذا سقط أحدها، فلن يؤثر على الآخرين”، وأضاف أن” القوات الديمقراطية المتحالفة نشطت مؤخرًا في جمهورية الكونغو الديمقراطية وأوغندا من خلال مهاجمة الأهداف وتدريب المفجرين الانتحاريين”.

وكتب جيثينجو وهامينج في دراستهما أنه على الرغم من الخلاف في قضية علاقات القوات الديمقراطية المتحالفة مع الجماعات الإسلامية أو الجهادية الخارجية، فإن الجماعة لديها علاقات وثيقة مع حركة الشباب في الصومال منذ أوائل عام 2011.

فمنذ ذلك الحين، عملت حركة الشباب كشريك رئيسي في الخدمات اللوجستية وتدريب القوات الديمقراطية المتحالفة، حتى بعد إعلان ولائها لتنظيم [داعش]. ففي وقت مبكر، بدأت القوات الديمقراطية المتحالفة في إرسال مقاتلين إلى الصومال للتدريب، كما أرسلت حركة الشباب أيضًا مدربين إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية وانخرطت الجماعتان في عمليات تبادل تهريب مشبوهة تتعلق بالتعدين غير المشروع في شمال كيفو. ويذكر التقرير روابط مماثلة بين القوات الديمقراطية المتحالفة وجماعة الهجرة الكينية (مركز الشباب المسلم) التابعة لحركة الشباب.

ويشير جيثينجو وهامينج إلى أن القوات الديمقراطية المتحالفة لديها روابط لوجستية مع جماعة في المملكة المتحدة، ومؤخرًا كانت لها علاقة بشبكة إجرامية مقرها جنوب إفريقيا، وكلاهما قدم لها تمويلًا حيويًّا. وأضاف الكاتبان أن معظم أعضاء القوات الديمقراطية المتحالفة من أوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، إلا أن بعضهم من الدول المجاورة.

وتمتد روابط القوات الديمقراطية المتحالفة أيضًا إلى رواندا، إذ يشير التقرير إلى أنه في سبتمبر، ألقت الشرطة الرواندية القبض على 13 شخصًا، يشتبه في تخطيطهم لهجمات إرهابية في العاصمة كيجالي، وقال الشرطة: “تم اعتقال الخلية وبحوزتهم متفجرات ومواد أخرى لإنتاج قنابل”، وكانت الخلية، وفقًا للشرطة الرواندية، تتعاون مع تنظيم داعش في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومن المفترض أن تكون هذه المخططات ردًّا على الحملة العسكرية الرواندية ضد تنظيم داعش في موزمبيق.

ويشير جيثينجو وهامينج إلى أن العلاقات بين القوات الديمقراطية المتحالفة ونظيرتها في شمال موزمبيق، جماعة أهل السنة والجماعة، محل تساؤل كبير. ويعزو المؤلفان هذا إلى سوء فهم “الانتماء”. فهو [أي الانتماء] لا يشير إلى سيطرة داعش الكاملة على عمليات القوات الديمقراطية المتحالفة وأهل السنة والجماعة، ولكن بدلاً من ذلك هناك نقل للأفكار والتكتيكات والتدريب والأفراد، كما يتضح من الاستخدام الأخير للأجهزة المتفجرة المصنوعة يدويًّا في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية وشمال موزمبيق.

ويشير كل هذا إلى وجود تنسيق ضخم بين الجماعات المتطرفة العنيفة عبر شرق وجنوب إفريقيا أكثر مما يدركه معظم المراقبين. وأن جميع الدول – خاصة تلك التي تقاتل قواتها الجهاديين في الخارج مثل جنوب إفريقيا ورواندا – يجب أن تكون أكثر يقظة.

للاطلاع على الرابط الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا