مع تصاعد التوتر.. هل تخطط كوريا الشمالية لاحتلال جارتها الجنوبية؟

ماذا فعلت كوريا الشمالية لجر جارتها الجنوبية لصراع مسلح؟

شروق صبري

كوريا الشمالية مهدت الطريق لزيادة التوترات العسكرية مع كوريا الجنوبية بشكل أكبر هذا العام، فما السبب؟


أطلقت كوريا الشمالية ما يقرب من 200 قذيفة مدفعية قرب الجزر الحدودية الغربية لكوريا الجنوبية، الأمر الذي أعاد للأذهان الاشتباكات السابقة بالمنطقة مع تصاعد التوترات بين الكوريتين.

وانطلق وابل القذائف منذ التاسعة صباحًا تقريبًا حتى الساعة 11 صباحًا، اليوم الجمعة 5 يناير 2023، (بالتوقيت المحلي)  وقال الجيش الكوري الجنوبي إن صاروخ سقط في المياه الكورية الشمالية قرب خط الحدود الشمالي، ولم يصب أي من السكان في جزيرتي يونبيونج وباينجنيونج اللتين تقعان على بعد أميال فقط من ساحل كوريا الشمالية.

مناورات بالذخيرة

وردا على ذلك، أجرى الجيش الكوري الجنوبي مناورات بالذخيرة الحية من الجزيرتين بعد ظهر الجمعة. وصدرت أوامر للسكان بإخلاء الملاجئ حتى انتهاء التدريبات. وفق ما نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الامريكية.

وزعم الجيش الكوري الشمالي أن التدريبات، التي شملت 192 قذيفة و47 مدفعًا، لم تهدد كوريا الجنوبية، بشكل مباشر.

ويمثل إطلاق القذائف إجراءً طبيعيًا مضادًا لتدريبات إطلاق النار المشتركة بين واشنطن وسيول التي أجريت هذا الأسبوع بالقرب من الحدود. وقالت كوريا الشمالية إن أي استفزاز عسكري سيقابل “برد فعل صارم على مستوى غير مسبوق”.

العلاقات بين الكوريتين

وقع القصف خلال فترة متوترة بشكل خاص في العلاقات بين الكوريتين، وفي خطاب ألقاه نهاية العام، قال الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، إنه سيكون هناك تغيير حاسم في سياسة العلاقات مع كوريا الجنوبية، وقال إن الكوريتين دولتان في حالة حرب، وليسا نظيرين للمصالحة والتوحيد، وهو ما يعد خروجًا عن سياسة استمرت عقودًا.

وقام الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول، المحافظ الذي يدعم اتخاذ موقف أكثر صرامة مع نظام كيم، بتوسيع التنسيق العسكري مع الولايات المتحدة واليابان لمكافحة تقدم كوريا الشمالية. وقال يون هذا الأسبوع إن السلام يُبنى من خلال القوة، مثل تعزيز نظام الدفاع الصاروخي في البلاد.

صواريخ كوريا الشمالية
عمليات سابقة

في أواخر عام 2010، أطلقت كوريا الشمالية هجوماً بقذائف على يونبيونغ، مما أدى إلى اشتعال النيران في الجزيرة وإجبار المواطنين على التدافع إلى الملاجئ. وقتل أربعة كوريين جنوبيين في الهجوم.

وقال نظام كيم إن القصف جاء بعد قيام كوريا الجنوبية بإطلاق نيران المدفعية لأول مرة على المياه الكورية الشمالية. واعترفت سيول بإجراء تدريبات عسكرية، لكنها نفت إطلاق أي قذائف على الشمال. وفي وقت سابق من العام نفسه، أغرقت كوريا الشمالية سفينة بحرية كورية جنوبية في المياه الحدودية غرب شبه الجزيرة الكورية، مما أسفر عن مقتل العشرات من البحارة. ونفت كوريا الشمالية تورطها.

ضبط النفس

قال خبراء أمنيون إن الاشتباكات المفاجئة كانت بمثابة دعوة للاستيقاظ لكوريا الجنوبية. وفي السنوات التالية، عزز جيش سيول استعداده العسكري في الجزر الحدودية. ويقول الخبراء إن الأسطول البحري للبلاد قام بتحسين تكنولوجيا الرادار وقوة النيران الصاروخية وقدرته على البقاء بشكل كبير.

وقال جو ميونج هيون، وهو زميل بارز في معهد آسان، وهو مركز أبحاث في سيول، إن نظام كيم سيكافح لشن هجمات قاتلة مماثلة على كوريا الجنوبية، وأضاف أن بيونج يانج أبدت بعض ضبط النفس بنيران المدفعية اليوم الجمعة، حيث لم تتجاوز القذائف حتى خط الحد الشمالي. وتمتد الحدود البحرية الأحادية الجانب لكوريا الشمالية إلى الجنوب من خط الحد الشمالي. وأضاف  أن “بيونج يانج تعلم أن سول أكثر استعداداً من الماضي، ومن الواضح أن كوريا الشمالية تلتزم بالخط الأحمر، وهذا يظهر فقط أن الردع ضدهم فعال”.

التجارب النووية

في أعقاب هجمات عام 2010، حاول العديد من رؤساء كوريا الجنوبية إحياء الحوار مع كوريا الشمالية، وهي العروض التي تجاهلتها بيونج يانج إلى حد كبير. ولم تشن كوريا الشمالية هجوما خطيرا مرة أخرى. لكن الآمال في استعادة المشاريع بين الكوريتين تلاشت بعد التجارب النووية التي أجراها نظام كيم في عامي 2013 و2016.

وتحسنت العلاقات بين البلدين في عام 2018، حيث أعاد كيم البلاد إلى الدبلوماسية مع واشنطن وسيول. وكان زعيم كوريا الجنوبية آنذاك مون جاي إن، وهو سياسي ذو ميول يسارية، يفضل المشاركة، واجتمع مع كيم عدة مرات. وتوصل البلدان إلى اتفاق في ذلك العام لتخفيف حدة الأعمال العدائية العسكرية. ولكن بحلول عام 2019، فقدت كوريا الشمالية الاهتمام بالمحادثات مع واشنطن، أو سول.

صواريخ كوريا الشمالية

صوارخ كوريا الشمالية

إعادة التسليح

ويون، المحافظ الذي خلف مون وتولى منصبه في مايو 2022، أعاد سيول نحو موقف أكثر تصادمية مع نظام كيم. وانتقدت بيونج يانج بشكل روتيني الزعيم الكوري الجنوبي الجديد في وسائل الإعلام الرسمية.

وفي نوفمبر، تراجعت الكوريتان عن اتفاقية عام  2018. وقالت كوريا الشمالية إنها ستستأنف جميع أنشطتها العسكرية التي أوقفتها بموجب الاتفاق، وتعهدت بنشر قوات مسلحة أقوى وأسلحة جديدة على الحدود. ومنذ ذلك الحين، أعاد البلدان تسليح جنودهما على طول المنطقة منزوعة السلاح. وبدأت كوريا الشمالية أيضًا في إعادة بناء مراكز حرس الحدود التي تم تدميرها بعد اتفاق 2018.

إعادة التوحيد

في اجتماعات نهاية عام 2023، أمر كيم الجيش الكوري الشمالي بالاستعداد لاحتلال الجنوب في حالة حدوث أزمة. ودعا إلى تجديد الوزارة الكورية الشمالية التي تركز على إعادة التوحيد. ووعد بمزيد من إطلاق أقمار التجسس الصناعية وإنتاج القنابل النووية.

وركز التقدم الذي حققته كوريا الشمالية في مجال الأسلحة في السنوات الأخيرة إلى حد كبير على تطوير الصواريخ الباليستية قصيرة المدى التي يمكن أن تستهدف سيول. كما أصدر نظام كيم قانونا جديدا يسمح بتوجيه ضربات نووية وقائية. وقال هوانج جي هوان، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة سيول، إن ذلك يؤدي إلى تصعيد التهديد تجاه كوريا الجنوبية خطوة بخطوة. مضيفا أن كوريا الشمالية مهدت الطريق لزيادة التوترات العسكرية بشكل أكبر هذا العام.

 

ربما يعجبك أيضا