منتدى الاقتصاد العالمي | لماذا يتميز البشر عن باقي الكائنات على كوكب الأرض رغم أنهم الأقل عددًا؟

آية سيد

ترجمة بواسطة – آية سيد

معظمنا، بما في ذلك العلماء، غافلون عن النطاق الكامل للعالم الحي. ظهر هذا بواسطة استطلاع غير رسمي طَرَحَ على بعض علماء الأحياء والبيئة من جامعات مرموقة سؤالين من ناحية الكتلة: هل العالم الحي يتكون في معظمه من الحيوانات أم النباتات أم البكتيريا؟ وهل هناك كتلة حيوية عالمية أكبر في البر أم المحيطات؟ وأجاب معظمهم عن السؤالين بإجابات غير صحيحة.

في عصر يشهد إمكانية لا نظير لها في الحصول على المعلومات، تُعدّ هذه فجوة صارخة في معرفتنا. ونحن الآن جاهزون لسدّها. لقد انضممت إلى زملاء في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا لتقدير الكتلة الحيوية لجميع ممالك الحياة على كوكب الأرض. نُشرت النتائج في مجلة الأكاديمية الوطنية للعلوم بأمريكا، وتابعتها الصحف الشهيرة على نطاق واسع.

لقد تطلب هذا سنوات من العمل في جمع ودمج المعلومات من مئات الدراسات السابقة. لقد وثقنا كل خطوة بتفاصيلها الكاملة وأودعناها كمعلومة مفتوحة المصدر لكي يدرسها ويستكشفها أي شخص..وإليكم بعض النقاط البارزة مما توصلنا إليه:

تضرب نتائجنا مثالًا على الظاهرة المعروفة بـ"عمى النباتات".فعلى الرغم من أن النباتات تشكل الغالبية العظمى من الكتلة الحيوية – 80-90% وفق حساباتنا – غير أن الكثير من الناس يُقلّلون من قدرها باستمرار. وعند سؤال علماء الأحياء،أجاب معظمهم بأنه توجد كتلة حيوية بكتيرية أو فطرية أكبر. في الواقع، إنهم يحتلون المركز الثاني والثالث بفارق كبير. تمثل المملكة الحيوانية بالكامل 0.5% فقط.

وفي حين أن الأفلام الوثائقية المذهلة، مثل فيلم بي بي سي "الكوكب الأزرق" تساعدنا على تثمين الأنظمة البيئية الضخمة للمحيطات، فإننا وجدنا أنه توجد كتلة حية على البر أكثر بـ80 مرة من تلك الموجودة في كل المحيطات مجتمعة. 

وأخيرًا، تضعنا نتائجنا الآن في موضع يسمح لنا بكشف الدور البيئي العالمي الذي لعبته البشرية. من ناحية الكتلة، نحن أقلية ضئيلة. يمثل البشر حوالي 0.01 % فقط من الكتلة الحيوية للكوكب. هذا الرقم كَسْر يُخصم في سياقات أخرى كخطأ في التقريب. لكن لا يمكن تجاهل الدور الذي لعبته هذه الأقلية.

إن تأثيرنا هائل،فمنذ ظهور البشرية منذ آلاف السنين، انخفضت الكتلة الحية في العالم إلى النصف،وفي الغالب نتيجة لإزالة الغابات من أجل توفير مساحات للزراعة والمراعي.

تقدم لنا هذه الأرقام تثمينًا جديدًا، ليس فقط لكيف أن البشرية استنزفت الكتلة الحيوية الحية على مر التاريخ في الماضي، بل ولكيف إننا حوّلنا مؤخرًا ما تبقى منها. خلال القرون القليلة الماضية، انخفضت الكتلة الحيوية الكلية للثدييات البرية عدة أضعاف. اليوم، كتلة الثدييات المستأنسة أعلى بعشرين ضِعفًا من كتلة الثدييات البرية. في أحجية الصور التي أركبها مع ابنتي، تظهر زرافة بجانب فيل ووحيد قرن، وهي صورة عجيبة للكتلة الحيوية البرية على كوكب الأرض. إذا كنت سأعيد أنا ابتكار هذه الصورة في ضوء الكتلة الحيوية المتوفرة حاليًا، ينبغي أن تكون هناك بقرة بجانب بقرة وبقرة أخرى ثم خنزير، وهي صورة أقل تشويقًا.

تتباين نفس النسب حسب المنطقة. على سبيل المثال، جنوب شرق آسيا به خنازير أكثر، بينما أمريكا الجنوبية بها بقر أكثر. لكن باستثناء القارة القُطبية الجنوبية، تفوق الثدييات المستأنسة نظيرتها البرية بفارق ضخم في كل قارة – حتى في أفريقيا صاحبة النصف مليون فيل. أعيد تشكيل الكتلة الحيوية للطيور أيضًا. تبلغ كتلة الطيور الداجنة،ويتشكل معظمها من الدجاج، ضعف كتلة كل الطيور البرية مجتمعة.

إن التحول الهائل الذي أحدثته البشرية هو أحد الأسباب التي جعلت عصرنا الجيولوجي الحالي يُسمى بـ"عصر البشر". إذًا ماذا ينبغي أن نفعل من أجل المستقبل؟ إن الحلول اللازمة لضمان أن يتمتع أبناؤنا بمواطن بيئية طبيعية سليمة وعامرة ليست سهلة. يتطلب الكثير منها تغيير ما نأكله والطريقة التي ننتجه بها، حيث إن استخدام الأرض الزراعية هو الدافع الرئيس وراء إزالة الغابات وتناقص أعداد كبيرة من عناصر المملكة الحيوانية.

لكن هناك أمر مؤكد. لكي تسير البشرية في الاتجاه الصحيح، يجب أن نُلقي نظرة مقربة على الموجود من حولنا. يجب أن نولي الاهتمام ونتبع الضوء الذي تقدمه لنا الدراسة الدقيقة للأرقام. 

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا