من إيران إلى الجزائر.. مواقع التواصل سلاح الشعوب ضد قمع الأنظمة

أشرف شعبان

رؤية – أشرف شعبان

كان لمنصات التواصل الاجتماعي الدور الفاعل في الحراك الذي شهده العراق ولبنان وإيران والجزائر، فأغلب المظاهرات في تلك البلدان لم يكن لديها قائد أو منظم إلا “الفيسبوك وتويتر” والتي حلت محل وسائل الإعلام.

لبنان 

فمع بداية الأحداث التي اندلعت في لبنان على وقع الحرائق الدامية التي شهدتها لبنان وأزمة الدولار الحانقة، عادت المظاهرات والاحتجاجات بقوة اعتراضاً على سوء الأحوال المعيشية، وشهدت وسائل التواصل الاجتماعي التي لجأ إليها المتظاهرون، حالة كبيرة من الاعتراض، وقال أحد المستخدمين “تحرك الشارع هو تعبير صادق من وجع المواطنين وفرض الضرائب وغلاء المعيشة”.

وأعلن حسين جرادة عبر حسابه على “تويتر” قائلا: “دائرة الاحتجاجات غير المنسّقة سلفاً تتسع في بيروت ومناطق لبنانية عدة رفضاً لضرائب حكومية جديدة”.

ووصل هاشتاغ #إجا_وقت_نحاسب و #أكرم_شهيب و #واتساب و #لبنان #تظاهرات_لبنان، إلى الأكثر تداولاً في لبنان على “تويتر”.

وما أشعل الأجواء قيام موكب وزير التربية اللبناني أكرم شهيّب بإطلاق النار على عدد من المتظاهرين أثناء مروره وسط التظاهرات في العاصمة بيروت، وكذلك موافقة مجلس الوزراء اللبناني على اقتراح وزير الاتصالات محمد شقير بفرض ضريبة تبلغ مقدارها 20 سنتًا أمريكيًا يومياً على تطبيقات التواصل الاجتماعي التي تسمح بمكالمات الفيديو، وعلى السجائر، وبحث إمكانية فرض رسم جديد على المشتقّات النفطية، ورفع الضريبة على القيمة المضافة.

والتفت العالم كله إلى انتفاضة لبنان التي أشعلتها الثائرات اللبنانيات باحتجاجاتهن ووقفاتهن، فوقف العالم احتراما لعقولهن الحرّة. وتصدرت صور اللبنانيات الثائرات مواقع التواصل الاجتماعي، لتزخر الهاشتاجات بصور وفيديوهات المتظاهرات.

ورافق عملية الاحتجاج العديد من المواقف والطرائف، التي وثقتها وسائل التواصل الاجتماعي، والتي جمعت بين كوميديا الموقف وتردي الأوضاع في لبنان، وتناقلها النشطاء، كشاب يخطب فتاة أحلامه، فضلا عن الدبكة وشوي بالهواء الطلق.

View this post on Instagram

شعب بتلبقلو الحياة

A post shared by عديلة – Adeela (@adeelaofficial) on

العراق

كذلك كان لمواقع التواصل الاجتماعي دور كبير في المظاهرات العراقية، فهي لم تنطلق بدعوة من حزب أو زعيم ديني كما تجري العادة في بغداد، وهذا ما جعلها غير مسبوقة في العراق، حيث جمعت الغاضبين المحتجين على غياب الخدمات العامة والبطالة.

وتصدر تريند “العراق ينتفض” عبر مواقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك وتويتر”، فبصرخة وطنية، تجمع الآلاف في ساحات بغداد والناصرية والديوانية والبصرة والنجف وهم يهتفون أناشيد وطنية ويرفعون علم العراق، فهم النبض الحي لبلاد الرافدين والصرخة المعبرة ضد فساد سياسي واقتصادي عقيم.

الاحتجاجات التي قادها شبان، سبقها تنسيق على “الفيس بوك وتويتر “، يطالبون بالقضاء على الفساد وإيجاد فرص عمل لأعداد كبيرة من العاطلين خاصة حملة الشهادات الجامعية، والقيام بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية.

وردد المتظاهرون شعارات “سرقونا الحرامية.. الشعب يريد إسقاط النظام” في إشارة إلى الطبقة الحاكمة في البلد الذي يحتل المرتبة 12 في لائحة الدول الأكثر فساداً في العالم، بحسب منظمة الشفافية الدولية.

بدورها أكدت التنسيقيات التي دعت إلى التظاهرات بأن “الخروج إلى الشارع للتظاهر هدفه الأساسي استعادة وطن من الخونة والسراق والمتآمرين ومن يتعاون معهم”.

وقالت لجنة تنظيم المظاهرات في العراق إن الاحتجاجات عمت الكثير من المحافظات العراقية وسط وجنوبي العراق بصورة واسعة فاقت توقعات المتابعين.

وكان المحتجون في المحافظات العراقية قد أعلنوا على منصات التواصل الاجتماعي، إيقاف الاحتجاجات بشكل مؤقت حتى انتهاء زيارة “أربعينية الإمام الحسين” في كربلاء.

وخلال المظاهرات العراقية، تحول التوك توك إلى أيقونة للثورة، حيث تغيرت الصورة النمطية تماماً، عندما عجزت سيارات الإسعاف عن إنقاذ الجرحى الذين يسقطون واحداً تلو الآخر في شوارع بغداد، فبات أصحاب التوك توك يتسابقون مع سيارات الإسعاف لنقل الجرحى والمصابين إلى المستشفيات القريبة تارة ومواقع العلاج المنتشرة قرب ساحة التحرير تارة أخرى، هؤلاء هم أصحاب “التوك توك”، أو ما بات يطلق عليها “التوك توك الإسعاف”.

الجزائر

وفي الجزائر، غصّت شبكات التواصل الاجتماعي بأخبار وصور المظاهرات ضد ترشح الرئيس بوتفليقة، ووجد المتظاهرون في تلك الشبكات ملاذاً لنقل صوتهم أمام غياب تغطية إعلامية لقنوات التلفزيون الخاصة.

وعج “ترند” الجزائر في شبكات التواصل، بهاشتاج #لا_للعهدة_الخامسة وهاشتاج #مظاهرات_الجزائر، وانضوت تحتهما عشرات الفيديوهات والصور التي وثّقت للحدث. كما برزت عناوين من قبيل “مسيرات بالعاصمة ضد العهدة الخامسة”، و”الجزائر العاصمة الآن ضد الخامسة”، و”كلمة ضد العهدة الخامسة من عنابة”.

شعارات المظاهرات شدت الانتباه كذلك، فقد تصدر شعار “لا بوتفليقة لا السعيد” أغلب هتافات المتظاهرين، كذلك تردد شعار “مظاهرات سلمية”، وكانت الصور التي التقطت من رحم المظاهرات أكثر إيحاء.

ومعروف أن فيسبوك هو موقع التواصل الأكثر استخدامًا في الجزائر، حيث يرتاده يوميًا 17 مليون جزائري على الأقل. وقد وجد فيه المحتجون، ملاذهم، حيث استخدموا “فيسبوك مباشر” لنقل حراك الشارع الجزائري، وذلك أمام غياب تغطية قنوات التلفزيون المحلية.

غياب تبعته دعوات لمقاطعة القنوات التلفزيونية الخاصة التي مارست حسب ناشطين تعتيمًا إعلاميًا رغم أنها تسابقت لتغطية حفل إعلان ترشح الرئيس، وذلك بخلاف وكالة الأنباء الرسمية التي تعاطت مع خبر المظاهرات، وأكدت أن مواطنين جزائريين خرجوا احتجاجا على ترشح بوتفليقة.

وكان لافتا أيضا، ترويج شبكات التواصل الجزائرية، لصور التسامح في المسيرات، كصور المتظاهرين وهم يعطون وردة لشرطي، أو مشهد المتظاهرون وهم يجمعون القمامة بعد نهاية الاحتجاجات في الشوارع.

ولا تخلو أي مظاهرات في العالم من جانب فكاهي، فعادة ما يبدع المحتجون سواء من خلال اللوحات الفنية التي ترسم على الجدران، أو اللافتات والشعارات، الأمر الذي يعطي حسا فكاهيا بين المتظاهرين.

ففي الجزائر، شهدت المظاهرات التي خرجت لرفض انتخاب بوتفليقة لولاية خامسة، وتغيير النظام القائم، إبداعات ولافتات وشعارات فكاهية.

الإبداعات تناقلها النشطاء بالصور والفيديوهات عبر العديد من الهاشتاجات، داعين للحفاظ على سلمية المظاهرات وعدم الانسياق وراء دعوات التخريب أو أي شعارات حزبية، ومنها، هاشتاج حراك “1 مارس” و”لا للعهدة الخامسة”، و”ترحلوا يعني ترحلوا”.

إيران

وفي إيران، ومع زيادة حدة المظاهرات التي وضعت النظام بأكمله على صفيح ساخن على مدار عام 2019 ، زادت مساعي الحكومة الإيرانية المخالفة لتوصيات المجتمع الدولي، بتقييد العمل على وسائل التواصل الاجتماعي، ورغم حالة الانفتاح العالمية والثورة التكنولوجية، وقفت كحائط صد قوي ضد ذلك، وحجبت العديد من “السوشيال ميديا”، حتى وصل الأمر إلى تدشين وزارة مهمتها مراقبة الفضاء الإلكتروني، والإنترنت، ومواقع وشبكات وتطبيقات التواصل الاجتماعي.

وخرج آلاف المواطنين الإيرانيين إلى الشوارع للاحتجاج على قرار رفع أسعار البنزين الذي أعلنته طهران، مؤخراً، وأيده المرشد الأعلى الإيرانى، آية الله على خامنئى، في تحد واضح للمحتجين، ونفذت السلطات حملة اعتقالات واسعة لم تخل من اشتباكات أدت إلى سقوط قتلى، وسط انقطاع خدمة الإنترنت في معظم أنحاء البلاد.

وأدانت الولايات المتحدة ما يبدو أنه محاولة من قبل الحكومة الإيرانية للحد من إمكانية الوصول إلى الإنترنت، وقالت خدمة “نتبلوكس” غير الحكومية، في بيان، إن “إيران وسط انقطاع وطني شبه كلي للإنترنت، اعتباراً من مساء السبت”.

من جانبها، أكدت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية، شبه الرسمية، أنه تم تقييد الوصول إلى الإنترنت بعد الاحتجاجات، بناء على أمر من مجلس معني بأمن الدولة.

وبسبب ذلك، وضعت أمريكا المجلس الأعلى للفضاء الإلكتروني على قائمة العقوبات لقيامه بحجب آلاف المواقع والتطبيقات وحرمان الإيرانيين من التداول الحر للمعلومات.

وحظرت السلطات مواقع عدة منذ تلك الاحتجاجات، منهم “فيسبوك” و”تويتر” و”تيليجرام”؛ وفي مطلع العام الجاري كان المجلس الأعلى الإيراني للإنترنت يتجه لحجب موقع “إنستجرام” كليا، الذي يعد آخر منصة تواصل اجتماعي يمكن الوصول إليها بحرية في البلاد.
 
 

ربما يعجبك أيضا