مودرن دبلوماسي| جائحة كورونا وتأثيرها على مبادرة الحزام والطريق

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – شهاب ممدوح

تتزايد إصابات فيروس كورونا بسرعة في باكستان اليوم. بحلول الثلاثين من يونيو، زادت حالات الإصابة المؤكدة لتصل إلى 208.359 ألف حالة و4254 حالة وفاة. لقد تسببت هذه الجائحة في إلحاق ضرر بالغ بالاقتصاد الباكستاني والاقتصاد العالمي أيضًا. وتؤثر الجائحة سلبًا على العديد من الأعمال التجارية والمشاريع الكبيرة المهمة في باكستان مثل "مشروع الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان" نتيجة نقص العمالة. إن هذا المشروع هو جزء من مبادرة "الحزام والطريق" الطموحة التي تمرّ برًا عبر جنوب شرق وجنوب آسيا ووسط آسيا وروسيا وأوروبا، وعبر طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين، وهو طريق بحري يمتد من سواحل الصين ويمر بجنوب شرق وجنوب آسيا، ثم جنوب المحيط الهادئ ثم الشرق الأوسط وشرق أفريقيا وصولًا إلى أوروبا.

لقد تضرر مشروع الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان كثيرًا، وبات معظم الناس قلقين بشأن تطوير هذا المشروع، وبشأن تأثير فيروس كوفيد19 عمومًا على مشاريع التنمية. لقد جرى إيقاف العمل تحديدًا في مشروع الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان بسبب غياب الأيدي العاملة التي أُجبرت على البقاء في المنازل بسبب الإغلاق وتجنّب انتشار الفيروس على نطاق أوسع. بالإضافة إلى هذا، أعلنت حكومتا الصين وباكستان أيضا قيودًا على السفر؛ ما تسبب في تأجيل توفر الأيدي العاملة. جميع المناطق والأعمال التجارية في ميناء "غوادر" أصبحت مغلقة تمامًا، وكل هذه المشاكل تؤثر على مشروع الممر الاقتصادي وأفرعه. لكن ثمة أخبار مشجعة بأن ميناء "غوادر" لا يزال يعمل وفقًا لسياسات صارمة.

لقد أثر كوفيد19 تأثيرًا سلبيًّا بالفعل على الاقتصاد العالمي، ما أضرّ بالإنتاج وسلاسل الإمداد وحركة الناس والبضائع. منذ انتشار وتزايد حالات فيروس كورونا، شعر الكثيرون بالقلق من تأثير الوباء على مشاريع تطوير الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان. يقول معظم الناس إن الفيروس ليس له تأثير، لكن بعضهم يقول إن له تأثيرًا هائلًا على تطوير الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان. أنا أرى أن للفيروس تأثيرًا كبيرًا على مشروع الممر الاقتصادي. ولمواجهة هذا الوضع الصعب، قررت الحكومة الصينية العمل مجددًا في مشاريع "مبادرة الحزام والطريق"؛ حيث تؤمن الحكومة الصينية أنه بمجرد انتهاء أزمة الجائحة، ستقود مشاريع "الحزام والطريق" التعافي في الاقتصاد العالمي ومشاريع التنمية المستدامة.

ومثلما قال رئيس وزرائنا الموقر "عمران خان" أكثر من مرة: إن فيروس كورونا باقٍ ولن يذهب، وعلينا التعايش مع هذه الجائحة عبر اتباع الإجراءات التشغيلية الموحدة، وإلا سيكون البقاء في باكستان أصعب كثيرًا مقارنة مع بقية الدولة النامية والمتطورة. لو أغلقت جميع المصانع والصناعات وفرق التنمية أبوابها لوقت محدد، فسينهار الاقتصاد الباكستاني بالتأكيد وسيموت الناس نتيجة للجوع والبطالة. بالتالي، تعقد الحكومة الباكستانية مشاورات شاملة مع حكومة الصين والشركات الصينية العاملة في مشاريع الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان. في هذا الإطار، تتخذ الحكومة الباكستانية إجراءات وقائية وتوفر حماية للعمالة الصينية في مشروع الممر الاقتصادي. علاوة على هذا، فإن العمال الصينيين العائدين إلى باكستان سيتعيّن عليهم الخضوع لحجر صحي مضاعف من أجل سلامتهم وسلامة العمال الآخرين أيضًا.

في الوقت ذاته، يجب أن ندرك حقيقة أن هناك قوى في العالم لا ترغب في نجاح مشروع الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان، لهذا تضخّم هذه القوى بصورة عشوائية من تأثير الجائحة على تطوير الممر الاقتصادي. اتفقت حكومتا الصين وباكستان على مواصلة هذا المشروع والتغلب على المصاعب التي سبّبها فيروس كوفيد19، ودعم بناء مشروع الممر الاقتصادي بين البلدين، كما تواصل الحكومتان اتصالهما وتنسيقهما الوثيق حول قضايا معينة خاصة بمشاريع الممر الاقتصادي. طبقت الشركات الصينية أسلوب الإدارة المغلقة، وطبقت جميع مشاريع الممر الاقتصادي بصرامة خطط الوقاية والسيطرة، ما سيمنع بالتالي وصول فيروس كورونا المستجد. بحسب معلوماتي، لم ينتشر كوفيد19 في مواقع التطوير والبناء.

فضلًا عن هذا، تقدّم الشركات الصينية المشاركة في بناء مشاريع الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان أيضًا مساعدات للوقاية والسيطرة على الجائحة في عدة مواقع في باكستان، مُتبرعة بمواد لمكاتب الحكومة المحلية والمدارس والمشافي. عندما كان العالم يعاني من فيروس كورونا، قدمت الصين مساعدات مادية لمختلف البلدان في شكل معدات طبية ولوازم وقاية وإمدادات طبية. وبالرغم من الوضع الصعب والجائحة التي واجهتها الصين، غير أن هذا البلد تعامل بعطف مع الدول الأخرى، ما زاد من ثقة تلك البُلدان في الصين.

والآن، لا يزال من غير الواضح متى ستصبح الأنشطة الاقتصادية المحلية والعالمية مستقرة، ما يخلق حالة عدم يقين بشأن جدوى هذه المشاريع. وبنفس الطريقة، تواجه الممرات العابرة للحدود ومبادرة الحزام والطريق أيضًا عمليات تأجيل وإلغاء. وبالرغم من هذه الظروف الصعبة، يعزز الصينيون مبادرة الحزام والطريق، ويستأنفون تدريجيًّا تطوير وبناء طريق الحرير الصحي. إن الصين واثقة تمامًا أن مبادرة الحزام والطريق ستقود التعافي الاقتصادي العالمي بعد انتهاء هذه الأزمة.

وتكمن المشكلة الأكبر اليوم فيما إذا كان سيتم تأجيل مشاريع الحزام والطريق المخطط لها في هذه الظروف الاقتصادية الراهنة. على سبيل المثال، قيل مؤخرًا إن بعد مرور سبع إلى ثماني سنوات من إطلاق مشروع الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان، لم يتم إكمال سوى أقل من ثلث مشاريع التنمية، ونظرًا لأن استدامة التمويل لمشاريع الحزام والطريق تمثل بالفعل تحديًا، ونظرًا للتوقعات التي تشير إلى أن الصين ستقوم بتنظيم رأس المال من أجل تلبية حاجاتها المحلية الأساسية، فإن الجائحة وما نتج عنها من تباطؤ في النمو الاقتصادي، ربما يتسببان في مزيد من التأجيل للمشاريع؛ وربما القضاء تمامًا على بعض مشاريع مبادرة الحزام والطريق ومشروع الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا