ترجمة بواسطة – شهاب ممدوح
تأسس مكتب "المفتش العام الخاص لإعادة إعمار أفغانستان" من جانب الكونغرس عام 2008، وهو يعمل بحرية وعلانية، وكان قد نشر قائمة طويلة من التقارير أثناء فترة وجوده الممتدة لعقدة من الزمان. أخذ صحفيو واشنطن بوست نصوص وسجلات هذه المقابلات التي شكّلت أساس بعض تلك التقارير، وسلّطت الصحيفة الضوء على بعض التعليقات فيها، فضلًا عن بعض أسماء الأشخاص الذين تمت مقابلتهم وأخفى مكتب المفتش العام هويتهم لأن المقابلات تمت على أساس عدم نسبها إلى أصحابها.
مع هذا، وصفت الواشنطن بوست سلسلة تحقيقاتها بأنها كشْفٌ للأكاذيب والحقائق المخفية. كان عنوان الجزء الأول لهذه السلسلة هو "حرب على الحقيقة"، وتعلن الجملة الافتتاحية لهذا الجزء أن الوثائق التي استخلصها صحفيوها "تكشف أن مسئولين أمريكيين كبارًا لم يقولوا الحقيقة بشأن الحرب في أفغانستان أثناء هذه الحرب الممتدة منذ 18 عامًا، مُقدمين تصريحات وردية كانوا يعلمون أنها كاذبة، وتخفي دليلاً لا جدال فيه أن هذه الحرب من المستحيل الفوز بها".
ومدعومةً بهذا الخطاب الحربي الدعائي، حصلت حرب العراق على دعم واسع تجاوز المحافظون الجدد الذي روّجوا لها في البداية. في البيئة التي سادت عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر، كان للجمهوريين والعديد من الديمقراطيين أسبابهم السياسية المنفصلة لدعم الحرب، وكما هو الحال مع حرب فيتنام، تلاشى الدعم للحرب بمرور الوقت، ليس بسبب الكشف المثير عن بعض الحقائق المخفية، ولكن بسبب فشل الحرب وتكاليفها الباهظة من دون تحقيق إنجاز كبير على الأرض.
مرة أخرى، كان الصحفيون جزءًا من موجة المشاعر الجماهيرية المتذبذبة الأوسع نطاقا. بعد فشل الحروب وتدنّي دعمها، لجأ الصحفيون فيما يبدو للافتراض أنه لابد أن هناك بعض الأسرار، التي وإن كُشِفَ النقاب عنها في وقت سابق، لكان من الممكن منع كل هذه الفوضى. نشر الصحفي السابق في واشنطن بوست "ريتشارد كوهين" تحقيقًا مسرّبًا مثل هذا في فبراير 2006، يشكو من "صمت" ضباط استخبارات أمريكيين تجاه إساءة استخدام إدارة بوش للمعلومات الاستخبارية.
كتب الصحفي "كوهين" عمودًا صحفيًّا قبل ثلاث سنوات من نشر تحقيقه، وقبل أسبوع من غزو العراق، قال فيه: "في الفترة التي تسبق هذه الحرب، تعثرت إدارة بوش وسقطت على وجهها. لقد قدمت الإدارة حججًا غير مثبتة ولا سند لها، كما تذبذب موقفها من نزع سلاح النظام العراقي، إلى تغيير النظام وجلب الديمقراطية للوطن العربي، وربطت الإدارة بين صدام حسين بالقاعدة في حين أنه لا توجد أصلًا علاقة بين الطرفين، كما حذرت من برنامج نووي عراقي وشيك، في حين بدا أن هذا ليس صحيحًا".
إن سلسلة تحقيقات صحيفة واشنطن بوست عن أفغانستان، تقدّم مادة مفيدة للنقاش والتأمل بشأن هذه الحرب والتحديات التي قد تواجها تدخلات أمريكية مماثلة في المستقبل. لكن تصوير الفشل في هذه الحرب بأنه نتيجة لإخفاء الحكومة للحقائق ونشرها للأكاذيب، هو أمر مغلوط.
إن نسْب الحروب السيئة إلى افتقار الحكومة للشفافية هو تهرّب من المسؤولية، وهو طريقة لتحميل الكاذبين وكاتمي الأسرار المفترضين في الحكومة مسئولية بعض المآسي التي تسبب فيها عدد كبير من الأمريكيين – الجمهور والصحافة والكونغرس- والذين سمحوا لأنفسهم لأن ينجرفوا وراء مشاعر وافتراضات محددة، ولم يطرح هؤلاء الأمريكيون أسئلة جادة بشأن هذه الافتراضات، أو يفكروا مليًّا في المسار الذي تتجه إليه البلاد بسبب هذه العواطف. إن توجيه تلك الأسئلة الجادة والتفكير بإمعان، بالإضافة إلى إجراء نقدي ذاتي، كلها أمور ضرورية لتقليل إمكانية تورّط الولايات المتحدة في المستقبل في المزيد من الحروب السيئة.
للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا>
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=6345