ناشيونال إنترست | لماذا تسعى تركيا وأذربيجان لتنفيذ مشروع ممر «زانجيزور» عبر أرمينيا؟

بسام عباس

رؤية

ترجمة – بسام عباس

مرّ عام منذ أن وافقت أرمينيا وأذربيجان على وقف إطلاق النار الذي أنهى الحرب التي استمرت 44 يومًا بين أذربيجان وأرتساخ، الدولة الأرمنية غير المعترف بها في ناجورنو كاراباخ. لقد تسببت الحرب في تقويض دولة أرتساخ، كما شهدت إعادة أرمينيا للمقاطعات الأذربيجانية التي احتلتها خلال الحرب الأولى مع أذربيجان بعد وقت قصير من سقوط الاتحاد السوفيتي. وسمح الاتفاق، الذي نُشر على موقع الكرملين على الإنترنت، لروسيا بإدخال ما يقرب من ألفي جندي لحفظ سلام بين الجانبين، كما دعا الاتفاق إلى تبادل أسرى الحرب والرهائن الآخرين، وينص البند الختامي على ما يلي:

((يتم إلغاء الحظر المفروض على جميع الروابط الاقتصادية والنقل في المنطقة، وتعهدت أرمينيا بضمان أمن النقل بين المناطق الغربية لأذربيجان وجمهورية ناختشيفان، المتمتعة بالحكم الذاتي، لتيسير حركة تنقل الأفراد والمركبات والبضائع في كلا الاتجاهين دون عوائق. وسيخضع ذلك لمراقبة حرس الحدود التابعة لدائرة الأمن الفيدرالية الروسية)).

ولكن في الأشهر الأخيرة، سعى الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” والرئيس الأذربيجاني “إلهام علييف” إلى إعادة تعريف البند بطريقتين مهمتين:

أولاً: يفسران ذلك على منح كليهما ممرًا يقسم الأراضي الأرمنية ذات السيادة إلى شطرين.

ثانيًا: يتجاهلان الجملة الأولى التي تسعى إلى إلغاء حظر الروابط الاقتصادية والنقل عبر المنطقة.

ولذا ينبغي على إدارة بايدن أن توضح أن إعادة التفسير هذه غير مبررة وغير شرعية.

في البداية، كان هناك تفاؤل بين الأتراك وفي آسيا الوسطى بأن حركة مرور السيارات من ناختشيفان، وهي منطقة أذربيجانية مفصولة عن بقية أذربيجان، عبر ممر زانجيزور في أرمينيا، يمكنها أن تنعش الاقتصاد المحتضر في شرق تركيا، وتفتح آفاق التجارة والسياحة عبر آسيا الوسطى. وسرعان ما أسقطت عدوانية علييف المغرورة هذا الاحتمال. فقد صرح في وقت سابق من هذا العام في التلفزيون الأذربيجاني قائلاً: “إن إنشاء ممر زانجيزور يلبي تمامًا مصالحنا الوطنية والتاريخية والمستقبلية… سنقوم بتنفيذ ممر زانجيزور، سواء أرادت أرمينيا ذلك أم لا”.  من جانبه، أكد وزير الخارجية الأمريكي “أنطوني بلينكين” أن أذربيجان التزمت بالدبلوماسية وتجنبت استخدام القوة العسكرية بعد يومين فقط من تهديد علييف؛ ما يدل على عدم كفاءة وزارة الخارجية الأمريكية أو أن بلينكين يقوم بانتهاك متعمد لقانون دعم الحرية.

وبغض النظر، دعمت تركيا تهديدات علييف، وألقت القناة التلفزيونية الرسمية التركية الرسمية باللوم على “جوزيف ستالين” الذي منح زانجيزور لأرمينيا أثناء قيام مفوض الشعب للقوميات بمنح زانجيزور لأرمينيا، والتي زعمت القناة أنها كانت حتى ذلك الحين آذرية.

والمفارقة هنا، بالطبع، هي أن ستالين نقل بالمثل ناجورنو كاراباخ، والتي هي تاريخيًّا أراضٍ أرمنية، إلى أذربيجان. ومن خلال المطالبة بزانجيزور، تقوض الحكومتان التركية والأذرية شرعية مزاعم علييف بناجورنو كاراباخ، وأكد مقال تركي نُشر فيما بعد أن “ممر زانجيزور كان أهم بند لصالح أذربيجان وتركيا”، بغض النظر عن أن اتفاق وقف إطلاق النار دعا إلى رابط نقل بدلًا من ممر رسمي.

أما أردوغان فقد تناول القضية ببراعة أكثر من نظيره الأذربيجاني، وقال إن أي لقاء مع الزعيم الأرميني لمناقشة إنهاء الحصار التركي لأرمينيا يتطلب أولًا تلبية مطالب أذربيجان. وقال أردوغان في سبتمبر الماضي: “إن شاء الله، ستنتهي المشكلة بين أذربيجان وأرمينيا بفتح الممرات”.

وعندما صرح “أرمين غريغوريان”، سكرتير مجلس الأمن الأرميني، في أكتوبر، بأنه قد “يتم فتح الطرق الموجودة في أرمينيا، والتي سيتمكن الأذربيجانيون والأتراك من استخدامها من أجل الاتصال بأذربيجان، وأن مثل هذا الخيار ممكن. لكن هذه الطرق ستكون تحت سيطرة الأراضي السيادية لأرمينيا”، وعادت النزعة الانتصارية والتوسعية لدى علييف مرة أخرى لتعيق طريقه نحو حل عملي، ففي حديث له في مؤتمر صحفي مشترك مع أردوغان، قال علييف: “أنقرة وباكو ستتخذان كافة الخطوات اللازمة لتنفيذ مشروع ممر زانجيزور… لتوحيد العالم التركي بأسره”.

وأعلن كلُّ من الرئيس الأمريكي “جو بايدن” ووزير خارجيته “أنطوني بلينكين” أن “الدبلوماسية عادت”، ولكن عندما يتعلق الأمر بجنوب القوقاز، فإنها تبدو غائبة، وهذا أمر مؤسف؛ لأن هناك فرصة حقيقية لتعزيز السلام داخل المنطقة وتعزيز المصالح الأمريكية. ومن الكلمات الشائعة بين جماعات الضغط التركية غير الرسمية التابعة لوزارة الخارجية والمستفيدين من “دبلوماسية الكافيار” الأذربيجانية أن أذربيجان حليف أفضل للولايات المتحدة من أرمينيا بسبب علاقات يريفان بكل من موسكو وطهران. وبغض النظر عن ذلك، ففي الواقع، نمت علاقات أذربيجان مع روسيا وإيران بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة. وإذا كان هدف واشنطن هو تقليص علاقات أرمينيا مع روسيا وإيران، فإن أفضل طريقة للمضي قدمًا في هذا الصدد هي الضغط على تركيا وأذربيجان لرفع حصارهما المزدوج لأرمينيا لتقليل اعتماد أرمينيا على روسيا وإيران.

وينبغي على تركيا أن تفتح حدودها أمام التجارة الأرمنية وكذلك الأمر على أذربيجان. بينما تأمل تركيا في أن تمر شاحناتها عبر زانجيزور إلى أرمينيا، ينبغي أيضًا أن تكون المركبات الأرمنية قادرة على الوصول إلى إسطنبول من يريفان. وإذا كان الأتراك يأملون في الاستمتاع بتجارة بلا عوائق مع آسيا الوسطى على طول الطريق إلى الحدود الصينية، فيجب أن يتمتع الأرمن في آرتساخ بنفس التجارة دون عوائق عبر تركيا على طول الطريق إلى فرنسا أو المملكة المتحدة.

لقد سخر علييف من التنازل عن المادة 907 التي تسمح بمساعدة الولايات المتحدة للدولة البترولية الأوتوقراطية. لقد حان الوقت لإلغاء التنازل حتى يتم التأكد من التزام الديكتاتور الأذربيجاني بالسلام والدبلوماسية من خلال فتح حدود أذربيجان أمام التجارة الأرمينية. وبالمثل، إذا كان بلينكين يريد حقًّا تشجيع السلام في المنطقة، فعليه استدعاء “جيفري فليك”، سفير الولايات المتحدة لدى تركيا، المعين حديثًا، وتوجيهه للعودة إلى أنقرة فقط عندما يكون قادرًا على قيادة السيارة إلى هناك انطلاقًا من العاصمة الأرمينية.

لقراءة النص الأصلي.. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا