نيويوركر | الاستعداد للمستقبل.. ما هي نتائج تحليل الظهور الأخير للبغدادي؟

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – بسام عباس

عاد زعيم تنظيم داعش "أبو بكر البغدادي"، أكثر الإرهابيين المطلوبين في العالم، للظهور مرة أخرى منذ ظهوره الأول عام 2014، في شريط فيديو مدته ثمانية عشر دقيقة يهدف إلى حشد الآلاف من أتباعه الذين ما زالوا يأتمرون بأمره في أربع قارات على الأقل. كان إعداد الشريط محاولة واضحة لإثبات أن البغدادي وتنظيمه لم يُسحقا بعد شهر من خسارة آخر معاقل الخلافة، في الباغوز بسوريا.

وقال البغدادي لمجموعة من أتباعه يجلسون معه على أرضية غرفة خالية جدرانها بيضاء: إن "حرب الإسلام وأتباعه ضد الصليبيين وأتباعهم هي حرب طويلة". فيما ظهرت بجانبه بندقية AK-47، وأضاف لبغدادي أن "معركتنا اليوم هي حرب استنزاف للنيل من العدو، وعليهم أن يعلموا أن الجهاد سيظل مستمرًا حتى يوم القيامة".

ويبدو أن شريط الفيديو جاء ليدحض ادّعاء الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، في فبراير، بأن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والذي يضم أكثر من سبعين دولة قد قضى على تنظيم داعش "مائة بالمائة". وزعم البغدادي أن فروع داعش– أو "الولايات" كما يسميها – شنَّت 92هجومًا في ثماني دول، حتى عندما كان مقاتلو التنظيم يخسرون أراضيهم في العراق وسوريا.

ووضعت الولايات المتحدة حاليًا مكافأة تصل إلى خمسة وعشرين مليون دولار لكل من يقدّم معلومات تؤدي لاعتقال البغدادي، الذي يعتقد أنه مختبئ في مكان ما في الصحراء على الحدود السورية العراقية، وربما على الجانب العراقي، وفقًا لمسئولين أمريكيين وقادة في ميليشيا القوات الديمقراطية السورية التي استعادت الأراضي التي كان يسيطر عليها داعش.

ويمثل الفيديو، الذي نشرته مؤسسة الفرقان، وهي مجموعة إعلامية تابعة لتنظيم داعش، الظهور الثاني للبغدادي منذ ظهوره الأول أثناء إعلانه الخلافة من منبر مسجد النوري، في الموصل بالعراق عام 2014. ورغم أن الفيديو لم يكن مؤرخًا، إلا أنه قد تم تسجيله مؤخرًا كما يبدو؛ حيث هنأ البغدادي منفّذي هجمات سريلانكا، التي زعم أنها جاءت انتقامًا لخسارة التنظيم في الباغوز، كما ذكر حركات الاحتجاج في الجزائر والسودان التي أطاحت مؤخرًا برؤساء تلك الدول.

ويقول "تشارلز ليستر"، الباحث في معهد الشرق الأوسط: "هذا هو أول فيديو للبغدادي منذ ما يقرب من خمس سنوات، ويأتي في وقت مهم للغاية بالنسبة للتنظيم الإرهابي الذي خرج من هزيمة إقليمية في معاقله السورية– العراقية"، وأضاف أن داعش كان "يحاول إعادة تأكيد نفسه كحركة عالمية قادرة على شن هجمات كبيرة في جميع أنحاء العالم".

ويضع الشريط حدًا للتقارير التي تحدثت عن مقتل "البغدادي" والشائعات المتكررة بأنه أصيب بجروح خطيرة. ففي عام 2017، زعمت روسيا أنها قتلت البغدادي في غارة جوية. وقال ليستر، وهو مؤلف كتاب "الجهاد السوري: تنظيم القاعدة، الدولة الإسلامية وتطور التمرد": إن البغدادي "يبدو في صحة جيدة، ويتغذى جيدًا، وواثق من نفسه ليظهر في الفيديو". غير أن الفيديو الجديد يلفت النظر بسبب اختلافين عن آخر ظهور للبغدادي، حيث ظهر اليوم أسمن من ذي قبل، ولحيته أطول وأكثر بياضًا، وقد صبغ جزءًا منها بالحناء.

لقد أدهش البغدادي العالم أكثر من مرة، بدءًا من إعادة إحياء تنظيم القاعدة في العراق، والذي هُزِم وفَقَد مئات من أتباعه عام 2007. وعلى مدار السنوات السبع التالية، حوّل الحركة الجهادية إلى خلافة الدولة الإسلامية، مع تجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين من أكثر من ثمانين دولة. كما نجا من عمليات القتل والاعتقال، بينما اعتُقل وقُتل أكثر من مائة قيادي داعشي في غارات جوية أمريكية.

وقال "دانيال بايمان"، الباحث في معهد بروكينجز، ومؤلف كتاب جديد بعنوان "محاربو الطريق: المقاتلون الأجانب في جيوش الجهاد": "نجاة البغدادي رغم عمليات الملاحقة الكبرى والحملة العسكرية الناجحة لأمر مثير للدهشة"، وأضاف: "كما يكشف المقطع أن تنظيم داعش يمتلك شبكات فاعلة وقدرات سرية كبيرة في العراق وسوريا". ولهذا يعد الفيديو "وسيلته لتأكيد قيادته لحركة الجهاد العالمية وطمأنة أتباعه في فترة تثبيط العزيمة".

وزعم البغدادي أن الحركة تتوسع رغم خسارتها، وأعلن قبول بيعة جماعتين، في مالي وبوركينا فاسو، وإعلانهما الولاء الرسمي لداعش و"الانضمام إلى صفوف الخلافة". وأثنى على فرع بوركينا فاسو للهجمات التي نفذها ضد القوات الفرنسية، كما دعا إلى مزيد من الهجمات ضد فرنسا والدول "الصليبية" الأخرى، في إشارة إلى الدول المسيحية أو الغربية. وقرب انتهاء الفيديو، عرض البغدادي تقارير عمليات داعش في جميع أنحاء العالم، وفقًا لمجموعة سايت للاستخبارات التي تراقب الأنشطة الجهادية على مستوى العالم.

وقال آرون زيلين، زميل معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، ومؤسس موقع الجهاد الإسلامي على الإنترنت: "إن الشيء الوحيد الذي يظهر بشكل خاص هو التطلع إلى المستقبل، فعندما يسلط الفيديو الضوء على المناطق المختلفة التي يراجعها أبو بكر، فهو يعرض مجلدًا تحت عنوان: "ولاية تركيا" لم يعلن داعش رسميًا عن فرع له في تركيا، وبالتالي فهذا "يشير إلى أهداف مستقبلية محتملة ورغبة في بدء تمرد أو محاولة السيطرة على أراضٍ هناك".

وبينما أخبرني مسئول بوزارة الخارجية الأمريكية يوم الاثنين الماضي أن الاستخبارات الأمريكية تحلل الشريط للتأكد من صحته، لا تزال إدارة ترامب تدّعي أنها تملك اليد العليا. مضيفًا: "إن الهزيمة الإقليمية لداعش في العراق وسوريا كانت بمثابة ضربة استراتيجية ونفسية ساحقة، حيث رأى داعش بعينه انهيار خلافته المزعومة، ومقتل قادته أو هروبهم من ساحة المعركة، وأن وحشيته قد انكشفت". إلا أنه أقر بأن "هذه المعركة لم تنته".

ولكن عددًا من خبراء الشرق الأوسط والمتخصصين في الإرهاب كانوا أكثر تهكمًا! حيث قال لي ليستر: "يجب على المجتمع الدولي ألا يخدع نفسه، فما زال داعش يشكّل خطورة كبيرة، حتى في سوريا والعراق.. ففي شرق سوريا وحدها، شن تنظيم داعش أكثر من خمسة وثمانين هجومًا منذ خسارته في الباغوز، وهو معقله الأخير هناك، وهذا ليس بالأمر الهين، فما زال هناك آلاف المقاتلين في ساحات القتال، وأن ما خلفه داعش وراءه من مشكلات يفوق ما خلفته الولايات المتحدة من تحديات في العراق بعد عام 2010"، مضيفًا أن داعش قد ازدهر دون سيطرته على الأرض لفترة أطول من تلك التي كان يسيطر فيها، وقال: "لا أعتقد أن داعش يائس على الإطلاق، ولكنه واثق تمامًا من أن مستقبله أصبح آمنًا الآن".

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا