نيويورك بوست| هل سيصبح العزل هو الروتين الجديد للسياسة الأمريكية؟

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – آية سيد

مر أكثر من قرن بين إجراءات عزل أندرو جونسون في عام 1868 وإجراءات العزل الوشيكة لريتشارد نيكسون في 1974. ومنذ ذلك الحين، أصبحت الفترات الزمنية أقصر، وهو نوع من تأثير دوبلر.

لقد بدأ التحقيق في قضية الرئيس بيل كلينتون بعد 24 عامًا من استقالة نيكسون، وبعدها بـ21 عامًا فقط بدأت تحقيقات عزل الرئيس ترامب، وربما تصبح إجراءات العزل روتينًا عما قريب؛ فالأمة في حالة حرب مع نفسها.

وإذا كانت هيلاري كلينتون انتُخبت في 2016، ربما كان الجمهوريون سيحاولون عزلها. وفي الواقع، إذا أصبحت إجراءات العزل تكتيكًا اعتياديًا للمعارضة، ستتبنى أمريكا بشكل غير رسمي نظامًا شبه برلماني للحكم.

وأيًّا كانت نتيجة تحقيقات العزل، فالعملية نفسها تضمن، من ضمن أمور أخرى، ألا شيء سيُنفّذ بما يتعارض مع مصالح العامة. وهذا، في الواقع، هو الهدف؛ تعجيز إدارة مُعادية.

ولكن كيف سيخدم هذا البلاد؟ إنه سيكون بمثابة قفزة نوعية في العداوة الحزبية. وفي الماضي، اعتبر الأمريكيون تحقيقات العزل شيئًا في منتهى الندرة ونوعًا من الهلاك المدني؛ أما في المستقبل، ربما تصبح مجرد طقس آخر للسياسة الجادة.

ويمكنني التفكير في ستة رؤساء على الأقل كان يمكن مساءلتهم لكن لم يحدث، هل تعليق لينكولن للمثول أمام المحكمة كان سببًا كافيًا؟ هل كان من الممكن مساءلة وودرو ويلسون بسبب أوامره بالفصل العنصري للعمال في مكتب البريد والهيئات الفيدرالية الأخرى؟ فرانكلين روزفلت كانت له طريقة ماكرة لقول الحقيقة، وكان من الممكن أن يتهمه الجمهوريون بإساءة استخدام السلطة بسبب كذبه المتكرر، بينما كان يدفع أمريكا للتورط في الحرب العالمية الثانية.

كما يوضح التاريخ أن عدم الكفاءة الرئاسية دائمًا ما تكون موضوعًا رئيسيًا؛ ففي عام 1944، وعندما اقتربت الحرب من نهايتها، كان من الممكن أن تتخذ عائلة فرانكلين روزفلت والحلفاء موقفًا قويًّا ضد فكرة ترشح رجل في مثل حالته الصحية المريعة لولاية رابعة، ولم تكن الأمة ستعزل رمزها المتداعي؛ لكن لم يكن ينبغي السماح له بالترشح مجددًا.

هل كانت جريمة تستحق العزل أن جون كينيدي كذب حول احتمالية مرضه بمرض أديسون القاتل؟ أو ـنه قوّى نفسه بجرعات من الفيتامين والأمفيتامين في الوقت الذي خرج فيه من فاجعة خليج الخنازير إلى اللقاء الكارثي مع نيكيتا خروتشوف في فيينا؟ أو أنه جعل نفسه عُرضةً للابتزاز أو الأسوأ من هذا، خاطر برئاسته من أجل متعته الخاصة؟ لقد أقام كيندي علاقات مع صديقة زعيم مافيا وامرأة ربما كانت عميلة لألمانيا الشرقية.

وربما كان يمكن اتهام ليندون جونسون بخيانة ثقة الشعب؛ فقيامه بحرب فيتنام كان يمكن تقديمها كجريمة تستحق المساءلة. لقد وضعت حادثة خليج تونكين في صيف 1964  (وهي سلسلة من الإخفاقات والحماقات) المعيار.

وبعيدًا عن الحرب، كان سلوك جونسون الشخصي يستدعي اتهامات بالتحرش الجنسي أو ما هو أسوأ، ولا شك أن تعاملاته المالية المشبوهة التي تعود لعقود كانت ستُبقي لجنة إجراءات العزل ومُحقّقيها مشغولين.

وإذا تركنا ووترجيت جانبًا، أعطى ريتشارد نيكسون أوامر لغزو كمبوديا مثلًا، والتي كان من الممكن أن يَعتبرها أعضاء الكونجرس أسبابًا لعزله عن المنصب. واتصالات المرشح نيكسون بالفيتناميين الجنوبيين قبل انتخابات 1968 – التي أقنع فيها رئيس جنوب فيتنام بعدم الموافقة على اتفاقية السلام المُعلقة بين إدارة جونسون وشمال فيتنام لأن نيكسون إذا انتُخب سيقدم شيئًا أفضل للجنوب – كانت بمثابة خيانة، وعلى الرغم من حدوثها قبل توليه المنصب، كانت ستُثبّت الحُجة ضده.

إن إجراءات العزل رد فعل انتقامي سريع يقع في العادة على رئيس أو مسئول عام عقب فترة قصيرة من حدوث الجريمة المزعومة. لكن إذا بدا الفعل فكرة جيدة وقت حدوثه – مثلما بدت حرب العراق للكثيرين عندما شنها جورج دبليو بوش، على الرغم من أنها اعتُبرت فيما بعد خطأ – سيُترك للمؤرخين، بدلًا من الكونجرس، إجراء التحقيق والإدانة: إجراء عزل في ذاكرة العامة. هذه هي العملية التي تؤدي إلى إزالة تماثيل الكونفدرالية أو محاولات نزع القدسية عن توماس جيفرسون أو جورج واشنطن لأنهم امتلكوا عبيدًا.

إن كل رئيس فريد من نوعه وينبغي فهمه في سياق عصره وشخصيته، ولا شك أن رئاسة ترامب المبهرجة والمحفوفة بالمخاطر غير مسبوقة، لكنها مع ذلك تواكب هذا القرن وأساليبه بطريقة غريبة، كما أن مشهد إجراءات عزله ليست بالمفاجأة لأنه مسرحه المفضل!

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا