نيويورك تايمز| هل يستطيع عمران خان إنقاذ باكستان؟

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – آية سيد

عندما يؤدي عمران خان اليمين لرئاسة حكومة باكستان، اليوم السبت, سوف يواجه تحديات كبيرة.

تواجه البلاد أزمة في ميزان المدفوعات. القضاء في حالة نشاط زائد. أصبحت آثار تغير المناخ ملموسة بصورة أكبر, مع حدوث أزمة كبرى في إمداد المياه. والمكاسب التي تحققت بشق الأنفس ضد الحملة الإرهابية التي استمرت لعِقد يجب ترسيخها.

الكثير من الباكستانيين, ومن بينهم مسئولون عسكريون كبار, يلومون الطبقة السياسية معدومة الكفاءة والمرتشية على مشاكل باكستان المزمنة, من أوجه الضعف الاقتصادية إلى المخاوف المتعلقة بالأمن. إنهم يتطلعون إلى شخصية منقذة يمكنها أن تحول باكستان إلى أمة مستقلة ماليًا وقوية عسكريًا والتي تحظى باحترام العالم. إنهم يرون خان هذا الرجل.

في خطاب النصر, قدّم خان لمحة خاطفة عن الطريقة التي سيحكم بها. لقد أعرب عن أمله في أن القائد الذي يتمتع بالشفافية ويخضع للمساءلة سوف يزيد الثقة العالمية في باكستان, هذا لأنه بنى سياسته على برنامج لمكافحة الفساد. إنه ينوي الاعتماد بشدة على الجاليات الباكستانية بالخارج, التي تُعد بالفعل مصدرًا رئيسيًا للتحويلات النقدية.

على نحو حاسم, خان, الذي يُنظر له على أنه وصل للسلطة بمساعدة الجيش, خَالَفَ التوقعات عبر تبني لهجة توافقية في السياسة العالمية والإقليمية. لقد تحدث عن العمل والعلاقة مع الولايات المتحدة, ومتابعة الحوار مع الهند، والمساعدة في إدخال السلام إلى أفغانستان.

يفتخر خان بشدة بهويته العِرقية البشتونية. تعود جذور عائلته إلى وزيرستان, على الحدود المضطربة بين أفغانستان وباكستان. كانت نظرته للصراع في أفغانستان تتسم بإحساس بأن حركة طالبان التي يغلب عليها عرق البشتون شنت حرب مقاومة ضد الحكام الغرباء. شكّل هذه التصورات لدى الليبراليين في باكستان والغرب, وبعض النقاد وصفوه ظُلمًا بـ”طالبان خان.”

سوف يدعو إلى عملية سلام وتسوية في أفغانستان, والتي ستشمل حركة طالبان الأفغانية. يفضل النجوم موقفه حيث يبدو أن كلاً من الرئيس ترامب والرئيس الأفغاني “أشرف غاني” قد توصلا إلى نفس الموقف ويدعمان المحادثات المباشرة مع حركة طالبان.

سيكون التحدي أمام رئيس وزراء باكستان الجديد هو إدارة التوقعات في الدول الثلاث. ربما لا تمتلك باكستان النفوذ لجلب طالبان إلى طاولة المفاوضات, بالرغم من رؤية الولايات المتحدة لهم كوكلاء باكستانيين.

قال خان إن باكستان المستقرة تحتاج إلى أفغانستان مستقرة. على عكس القادة الباكستانيين السابقين, إنه ملتزم شخصيًا ببناء علاقات أفضل مع أفغانستان – وهو الشيء الذي ربما حفز مكالمة “غاني” الهاتفية السريعة للتهنئة.  

وصلت حركة الإنصاف الباكستانية, التي ينتمي إليها خان, إلى السلطة وطنيًا في أعقاب نجاحها بإقليم خيبر بختونخوا, الذي يقع على الحدود مع أفغانستان. إنه الإقليم الذي شهد أكبر معاناة أثناء التمرد ومكافحته في أعقاب هجمات 11 سبتمبر والغزو الأمريكي لأفغانستان. إن خصوم خان في الإقليم – البشتون اليمينيين المتدينين والقوميين العلمانيين – سيهاجمونه بشدة بسبب الإخفاق في أفغانستان.  

سيكون عليه أيضًا أن يدير بحذر العلاقات مع الهند. يعتقد الجيش الباكستاني أن الهند كانت تؤجج سرًا نيران التمردات المتعددة التي كان عليه إخمادها. يستهزئ المسئولون الهنود بهذه الاتهامات, لكنهم لم يدحضوا الأدلة المقدمة لهم أبدًا. إن عدم الثقة الناتجة لا يجعل السلام في أفغانستان أكثر تعقيدًا فحسب؛ بل إنه يضيف بُعدًا عدائيًا آخر للعلاقة الباكستانية -الهندية المشحونة بالفعل.

تبقى الخطيئة الأصلية في جنوب آسيا هي الصراع المستعر حول كشمير. أشار رئيس أركان الجيش الباكستاني, الجنرال قمر جاويد باجوا, إلى أنه يريد تحسين العلاقات مع الهند, ويُرجع الكثيرون الفضل له في السكون الذي شهده إطلاق النار عديم الشفقة من طرف الجيشين الباكستاني والهندي على طول خط السيطرة, وهي الحدود المتنازع عليها التي تقسم المنطقة إلى كشمير الهندية وكشمير الباكستانية.

إن مفاوضات القنوات الخلفية بين باكستان والهند والتي يُقال إن الجنرال باجوا دعمها ربما تشير إلى انفتاح جديد ونادر للبلدين. إذا كان خان والجيش القوي متفقَيْن فيما يتعلق بالهند, ربما تتحرر باكستان أخيرًا من الانقسام المدني – العسكري المنتشر الذي قضى على آمال الحكومات المنتخبة السابقة.

يريد خان أيضًا تحسين علاقة باكستان مع الولايات المتحدة. أُصيبت كل من إدارة أوباما وترامب بالإحباط من رفض باكستان للإذعان إلى المطالب الأمريكية بخصوص أفغانستان وتغيير حسابات إسلام آباد الاستراتيجية من أجل إرضاء واشنطن.  

وبدافع الاستياء من هذا الضغط, يرى الجيش نفسه الآن حصنًا أمام محاولات تحويل باكستان إلى مستعمرة أمريكية. تنسجم تصريحات خان القومية ضد السياسات الأمريكية وما يصفها بأنها علاقة غير متكافئة على نحو مهين مع موقف الجيش. وهذا سيكون أصعب اختبار يواجهه خان.

باكستان, التي تواجه احتياطيات نقد أجنبي متناقصة, تحتاج بشدة إلى 10 مليارات دولار لإنقاذ اقتصادها. من المرجح جدًا أنها ستتجه إلى صندوق النقد الدولي، حيث يُعد نفوذ الولايات المتحدة جوهريًا. ألغى وزير الخارجية مايك بومبيو الدعم الأمريكي لأي قرض ينقذ بشكل غير مباشر المخاطرة المضاعفة للاستثمارات والقروض الصينية في باكستان.

هنا تلتقي طموحات خان بالواقع. إن إجراءات التقشف التي يشترطها برنامج صندوق النقد الدولي هي آخر شيء يحتاجه في جهوده لتطبيق الأجندة الطموحة التي جرى انتخابه لتطبيقها. يحتاج شباب باكستان لحكومة قادرة على رفع الإنفاق العام بصورة مستمرة, وليس لحكومة تتقيد بقيود صممها مسئولون باكستانيون ومحاسبون في صندوق النقد الدولي.

وتظل الولايات المتحدة وباكستان على خلاف حول الطريقة التي تتعامل بها الدولة الباكستانية مع المسلحين. وُضعت باكستان مؤخرًا على القائمة الرمادية لفرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية بسبب الفشل في تجميد نشاط الأفراد والجماعات الإرهابية الخاضعين لعقوبات الأمم المتحدة. نافست واحدة من هذه الجماعات في الانتخابات الأخيرة كحزب سياسي, مشيرة إلى عزم المؤسسة الباكستانية تأمين مكان لها في التيار السياسي الرئيسي للبلاد.

ولكونه شخصًا لم يسبق له تولي منصب تنفيذي من قبل, سيدرك خان سريعًا أن الوعود الانتخابية بالإصلاحات السريعة والحكومة الشفافة ليس من السهل الوفاء بها في مواجهة القصور البيروقراطي والمساحة المالية المتناقصة. لن تتمكن الآلية المدنية من مسايرة طموحاته المرتفعة.

لكن جيش باكستان لا يعاني من هذه القيود. إذا استطاع خان أن يجعل الجيش شريكًا ومساعدًا في طموحاته للسياسة الخارجية – والتي تشمل علاقة “نافعة للطرفين” مع الولايات المتحدة, و”فتح الحدود” مع أفغانستان والتجارة السلمية مع الهند – سوف يحقق إنجازًا لم يستطع أي قائد باكستاني مدني أو عسكري, تحقيقه. إذا نجح, سوف يساعد هذا في إقامة سلام واستقرار إقليمي غير مسبوق. ستكون هذه نتيجة يمكن للأمريكيين والأفغان والباكستانيين أن يشجعوها معًا.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا