هل تستعجل أمريكا وإيران قيام حرب بينهما؟

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – شهاب ممدوح

في أي مواجهة عسكرية متوترة، يبدأ الدبلوماسيون في البحث عن "مخرج" يمكن أن يساعد في تخفيف التوترات. لكن في المواجهة الراهنة بين الولايات المتحدة وإيران، من الصعب إيجاد مثل هذا المخرج.
إن المواجهة بين الغريمين واحدة من تلك المواقف الغريبة التي يبدو فيها الطرفان متحمسين لإشعال شرارات، بالرغم من أن أيًّا منهما لا يرغب في تحول تلك الشرارت إلى نيران مستعرة. يبدو الطرفان في راحة لفكرة بقائهما في منطقة رمادية يخوضان فيها صراعًا غير مباشر، حيث يستخدم كل طرف القوة بطريقة يمكن نكرانها في ميادين مختلفة، آملين في ألا يؤدي هذا لحدوث انفجار.
المشكلة هي أن لا أحد في واشنطن أو أوروبا أو الشرق الأوسط يملك إجابة مقنعة على هذا السؤال الواضح: ماذا بعد؟ يقول كل طرف إنه يخشى هجومًا من الطرف الآخر، لكن المتشددين في العاصمتين يبدون مستعدين بشكل مخيف لتبادل الضربات.

إليكم كيف عبّر مسؤول رفيع في إدارة ترامب عن هذا الأمر في حديث له مع مراسلين يوم الخميس الماضي: "لأننا نمارس ضغوطًا غير مسبوقة تاريخيًّا، فإننا نتوقع أن تزيد إيران من مستوى تهديداتها وسلوكها الخبيث".

تنظر واشنطن وإيران إلى المواجهة عبر عدسات وردية ذات مسحة أيديولوجية.

ترى إدارة ترامب أن إيران تكافح للتصدي للعقوبات الأمريكية القاسية، ويُخبر مسؤولو البيت الأبيض زملاءهم أنه خلال ستة أشهر سيضطر النظام الإيراني لعقد صفقة، أو مواجهة فوضى في الشارع. عوضًا عن تقليل حدّة العقوبات، يتحدث مسؤولو إدارة ترامب عن فرض المزيد منها، لتطال الصناعات البيتروكيماوية، على سبيل المثال. في حين يتشكّك محللون استخباراتيون من الولايات المتحدة وخارجها في سياسة ترامب التي تفترض أن إيران ستستسلم في النهاية.

الإيرانيون، من جانبهم، يبدو أنهم خلصوا إلى أن المواجهة هي السبيل الوحيد للتعامل مع الولايات المتحدة التي يعتبرونها عدوانية وغير جديرة بالثقة. وقد قررت إيران منذ بضعة أسابيع أن الانتظار حتى انتهاء فترة ولاية ترامب هو أمر غير مُجدٍ؛ فالعقوبات تضغط بشدة عليها، كما بدا لهم أن ترامب ربما يُعاد انتخابه مرة أخرى.

وبحسب آراء محللين أمريكيين وأوروبيين، فإن القادة الإيرانيين بدأوا بعدها في إرسال رسائل للحرس الثوري الإيراني ووكلائه في العراق وأماكن أخرى، بالشروع في التخطيط لضربات ضد أهداف أمريكية. لقد دقّت هذه الرسائل – بالإضافة إلى إرسال الحرس الثوري لشحنات جديدة من الصواريخ التي يمكن استخدامها لمهاجمة الولايات المتحدة – جرس الإنذار لدى البنتاغون.

يجلس الرئيس ترامب مرتاحًا فوق آلة الحرب، ولديه افتراض متفائل لكن غير صحيح على الأرجح مفاده أن النظام الإيراني سيستسلم تحت الضغوط. هو لا يريد حربًا مع إيران (فهو لديه حساسية نوعًا ما تجاه الخوض في حروب في الشرق الأوسط)، لكنه يظن أن إيران الضعيفة ستتفاوض لعقد صفقة كبرى جديدة تحدّ من مشروعها النووي وتدخلاتها الإقليمية. ذكر ترامب في تغريدة له على موقع تويتر: "أنا واثق أن إيران سترغب في المحادثات قريبًا".

لكن المرشد الأعلى الإيراني "علي خامنئي" على الجانب الآخر، شدّد بقوة على أنه غير مستعد للحديث مع الولايات المتحدة. لقد وافق خامنئي على مضض على الاتفاق النووي الذي عُقد عام 2015، محذرًا المسؤولين الإيرانيين من أن الولايات المتحدة غير جديرة بالثقة وستتراجع عن الاتفاق، وأنه لن يُخدع مرة أخرى. إن مسيرة خامنئي السياسية تقوم بأكملها على منطق المقاومة والتحدّي.
  

وربما يموت خامنئي أو يُطاح به من منصبه. لكن حتى لو حدث هذا، فإنه ما من دليل أن النظام الذي سيحلّ محله سيكون أكثر مرونة، اللهم إلا إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة للدخول في حرب طويلة الأمد لتغيير النظام. إذًا ما خطة ترامب؟ هذا السؤال يُحيّر المحللين في واشنطن وخارجها.
أخبرني عضو مجلس الشيوخ المستقل "أنغوس كينغ" هذا الأسبوع أن "بعض مسؤولي إدارة ترامب يتصرفون وكأنهم يرغبون في أن تسدّد إيران لكمة في أنف أمريكا، حتى نقوم نحن بضربهم بمضرب بيسبول".
حتى الآن، أبقت إيران تحركاتها داخل حدود المنطقة الرمادية وذلك عبر شنّ حرب "هجينة" يمكن إنكارها. وتسببت ألغام طافية، ربما زرعتها إيران، في إلحاق ضرر ببعض السفن الراسية على سواحل دولة الإمارات هذا الأسبوع. كما تسبب هجوم بطائرة مسيّرة شنّه المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران في إلحاق ضرر بأنبوب نفطي سعودي. لقد كانت تلك هجمات منخفضة المخاطر. ربما تسعى الولايات المتحدة هي الأخرى لشنّ طائفة من العمليات الرمادية التي يمكن إنكارها، من بينها شنّ حرب سيبرانية.

هناك مخرج لهذا التصعيد، هذا في حال كان الطرفان مستعدين للتفاوض، حيث يمكن للإمارات أن تُحيل الهجمات على السفن لمجلس الأمن الدولي لمناقشتها، ويمكن لمبعوث الأمم المتحدة لليمن البناء على نجاحه الأخير المتمثل في إقناع الحوثيين بالخروج من ميناء الحديدة. كما يمكن لموسكو وواشنطن المشاركة في حوار ثنائي لاحتواء تدخلات إيران الإقليمية وتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط.

لكن هذه الإجراءات الساعية لتخفيض التصعيد تفترض أن واشنطن وطهران مستعدتان للدخول في محادثات. غير أنه ما من إشارة حتى الآن على حدوث هذا. بدلاً من ذلك، يرغب كل طرف في إيلام الطرف الآخر أكثر وإضعافه، ومن ثم الحصول لاحقًا على تنازلات منه، كما يتوقع المتشددون في كلا الطرفين.

وكما ذكر الجنرال "ديفيد باتريوس" في مقولته الشهيرة أثناء غزو العراق: "أخبروني كيف سينتهي هذا كله".

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا