هل تصبح توجو الجبهة الجديدة للإرهاب في غرب إفريقيا؟

آية سيد
مكافحة التمرد في إفريقيا

أحد الأسباب المحتملة لتزايد الهجمات الآن هو حاجة التنظيمات المتطرفة إلى ترسيخ تواجدها في توجو.


في فجر 11 مايو 2022، وقع هجوم إرهابي في شمال توجو، بالقرب من الحدود مع بوركينا فاسو، وأسفر عن مقتل 8 جنود وإصابة 13.

ورغم الهدوء والأمن النسبيين اللذين شهدتهما توجو في الفترة الأخيرة، يثير هذا الهجوم المخاوف من أن تتحول توجو إلى جبهة جديدة للمتطرفين، خاصة في ظل صعود تهديد التطرف العنيف في غرب إفريقيا.

هجوم إرهابي

بحسب ما أورد موقع أفريكا نيوز، في 19 مايو، أعلنت حكومة توجو أن 60 رجلًا مسلحًا يستقلون دراجات نارية شنوا “هجومًا إرهابيًّا عنيفًا” على نقطة عسكرية في كبينكاندي، بالقرب من الحدود مع بوركينا فاسو.

وبيّن وزير الأمن في توجو، الجنرال دمهام يارك، مساء الأربعاء أن “15 من المهاجمين على الأقل قُتلوا في الهجوم، بحسب مصادر مطلعة”. هذا الهجوم دفع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إلى التحذير من خطر انتشار التهديد الإرهابي في الدول الساحلية الواقعة على خليج غينيا، منوها أنه يجب مضاعفة الجهود لمنعه قبل فوات الأوان.

لماذا تصاعدت الهجمات في توجو؟

ذكر تقرير في موقع ذا كونفرزيشن، في 21 مايو 2022، أن هذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها توجو هجمات من هذا النوع. ففي نوفمبر 2021، وقع هجوم على نقطة أمنية في قرية شمال البلاد.

في حين لم تعلن أي جماعة مسئوليتها عن هجوم توجو الأخير، وجّه اتحاد أبحاث وتحليل الإرهاب، وهو أحد أكبر قواعد البيانات للإرهابيين والجماعات الإرهابية، أصابع الاتهام إلى جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، المدعومة من تنظيم القاعدة وتعمل في منطقة الساحل.

وبحسب التقرير، فإن أحد الأسباب المحتملة لتزايد الهجمات الآن هو حاجة التنظيمات المتطرفة إلى ترسيخ تواجدها في توجو كجزء من حملة التجنيد الأوسع. وعلاوة على هذا، فإن الظروف الاجتماعية-الاقتصادية في توجو تجعلها هدفًا رئيسًا لأنشطة المتطرفين. هذا لأن توجو “تحمل سمات الدولة الهشة” التي يزدهر فيها التطرف العنيف.

أرض خصبة للتطرف العنيف

تشمل العلامات التحذيرية على قابلية تأثر الدول بالتطرف العنيف ارتفاع معدلات الفقر، وانعدام المساواة، والأمية، والبطالة، والفساد، وضعف المؤسسات، والحوكمة السيئة. وبحسب التقرير، يبلغ عدد سكان توجو 8.5 مليون نسمة، وبلغ ناتجها المحلي الإجمالي 7.5 مليار دولار في 2020.

ويعيش أكثر من نصف سكانها تحت خط الفقر، وهي واحدة من البلدان الأقل نموًّا في العالم، حسب مؤشر التنمية البشرية، الذي يقوم على مؤشرات مثل متوسط العمر المتوقع، والتعليم ودخل الفرد. وفي 2021، بلغ متوسط العمر المتوقع في توجو 61.49 سنة، وكان حوالي 40% من سكانها أميين. هذه الظروف تجعل توجو صالحة لترسيخ التطرف.

الفقر والإحباط

يساهم الفقر في انتشار التطرف العنيف، لأنه يقدم مخرجًا من المعاناة الاقتصادية للبائسين عبر توفير الدخل والحماية للمجندين. وعندما يكون الشخص غير متعلم، يصبح أكثر عرضة للاستغلال والتلاعب الأيديولوجي، وفق ما جاء في التقرير.

وإضافة إلى هذا، فإن التنمية المنخفضة لرأس المال البشري تعزز الانقسامات المجتمعية، وتؤدي إلى التهميش. كل هذا أدى إلى حالة إحباط مرتفعة لدى مواطني توجو، والتي يوجهونها إلى الحكم الاستبدادي للدولة، وهو ما يخلق مجالًا للتنظيمات المتطرفة العنيفة لتستغل هذه المظالم المحلية.

خطر تواجد التطرف في توجو

لفت التقرير إلى أن ترسيخ تواجد الجماعات المتطرفة في توجو يُمكّنها من تجنيد المشاة. وأن وجودها في شمال توجو يجعلها قريبة من بوركينا فاسو، ما يتيح التعاون عبر الحدود وشن هجمات مشتركة مع المتطرفين الآخرين الذين يعملون في المنطقة.

وذكر التقرير أنه كلما أظهرت التنظيمات المتطرفة العنيفة شراستها، استطاعت جذب المزيد من الاهتمام الدولي. هذا يمنحها أفضلية في التفاوض، وكذلك أيضًا دعمًا ماليًّا ولوجستيًّا من التنظيم الرئيس، وهو تنظيم القاعدة في هذه الحالة.

نشاط الجماعات الإرهابية في غرب إفريقيا

أفاد تقرير أفريكا نيوز أنه في الـ3 سنوات الأخيرة، تعرضت المنطقة لأكثر من 5300 هجوم متعلق بالإرهاب، حصدت أرواح 16 ألف شخص، بحسب تصريحات لوزير الدفاع الغاني.

ولفت تقرير ذا كونفرزيشن إلى أن تهديد التطرف العنيف في غرب إفريقيا آخذ في الصعود في الفترة الأخيرة. وكانت جماعات مثل بوكو حرام وتنظيم داعش ولاية غرب إفريقيا نشطة في منطقة حوض بحيرة تشاد، بالإضافة إلى جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وتنظيم داعش في الصحراء الكبرى وأنصار الإسلام في الساحل.

وتعرضت دول كثيرة في المنطقة لهجمات إرهابية، منها الكاميرون وتشاد والنيجر ونيجيريا وبنين وكوت ديفوار وبوركينا فاسو. وأدت أنشطة هذه الجماعات إلى موت الآلاف ونزوح الكثيرين غيرهم، ونتج عنها أزمة إنسانية متفاقمة.

التحديات التي تواجهها دول غرب إفريقيا

بحسب التقرير، تعرّض السلام والأمن في المنطقة للخطر بقرار المجلس العسكري في مالي بالانسحاب من مجموعة دول الساحل الـ5. هذا الانسحاب قد يدفع دولًا ساحلية أخرى إلى البحث عن مصالحها الاستراتيجية. ورغم أن دول غرب إفريقيا بدأت ردًّا إقليميًّا لمواجهة خطر التطرف العنيف، مثل عملية “كودانلجو 4″، تظل استدامته غير مؤكدة بسبب نقص التمويل.

ولأن معظم دول المنطقة تعاني من الفقر، تواجه تحديات في التمويل التشغيلي وتفتقر قواتها العسكرية إلى التجهيز الكافي. وهي تفتقر كذلك إلى التكنولوجيات مثل الطائرات المسيرة، اللازمة لمهام الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع على الحدود.

ربما يعجبك أيضا