هل فقدت الولايات المتحدة مكانتها في الشرق الأوسط لصالح إيران؟

كاتب بريطاني: أمريكا لم تعد القوة المهيمنة في الشرق الأوسط، وإنما إيران

آية سيد
للتعامل مع تهديدات إيران.. أمريكا تحتاج إلى خطة بديلة

حقيقة أن الولايات المتحدة أُجبرت على استخدام القوة للرد على هجمات الحوثي تعكس واقعًا غير مستساغ، وهو أن نفوذ واشنطن السياسي يضعف، ودبلوماسيتها أصبحت غير فاعلة.


شنت الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات جوية استهدفت مواقع تابعة للحوثيين في اليمن، فجر الجمعة 12 يناير 2024.

ووفق ما رأى معلق السياسة الخارجية بصحيفة الجارديان البريطانية، سايمون تيسدال، تمثل الضربات الجوية على الحوثيين، بقيادة الولايات المتحدة، محطة مقلقة أخرى في مسار طويل من الإخفاقات السياسية الغربية في الشرق الأوسط.

حقائق مزعجة

في المقال الذي نشرته الصحيفة البريطانية، أمس السبت 13 يناير، لفت تيسدال إلى أن حقيقة أن الولايات المتحدة، مدعومة ببريطانيا، أُجبرت على استخدام القوة للرد على هجمات الحوثي على سفن الشحن في البحر الأحمر تعكس واقعًا غير مستساغ، وهي أن نفوذ واشنطن السياسي يضعف، ودبلوماسيتها أصبحت غير فاعلة.

وتعهد الحوثيون بمواصلة الهجمات، وهذه المواجهة المشحونة والمفتوحة تسلط الضوء على حقيقة أخرى غير مرحب بها، وهي أن القوة المهيمنة في الشرق الأوسط لم تعد الولايات المتحدة، وإنما حليف الحوثيين الرئيس، إيران.

الأسلحة التي استخدمت بالضربة الأمريكية البريطانية على الحوثيين_

الأسلحة التي استخدمت بالضربة الأمريكية البريطانية على الحوثيين_

الرابح الأكبر

وسط العدوان المروع على قطاع غزة، الذي يقول الحوثيون إنه السبب وراء حملتهم، يصبح من الواضح من يخرج رابحًا من هذه الأزمة، عند النظر للأمر من منظور استراتيجي. وعن طريق القتال عبر وكلاء، تعزز إيران موقفها مع كل شهيد فلسطيني، وصاروخ لحزب الله، وتفجير عراقي وسوري، ومسيّرة حوثية.

وأضاف الكاتب البريطاني أن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، تسبب في نفور الرأي العام العالمي، والأمريكي بوجه خاص، عندما تسرع بالتعهد بتقديم الدعم غير المشروط لإسرائيل بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، واستخدم الفيتو ضد خطط الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار.

وحسب تيسدال، تبدو سياسة بايدن للشرق الأوسط قديمة وغير متصلة بالواقع. فالولايات المتحدة، التي لم تكن تحظى بشعبية في العالم العربي، كانت مقبولة بوصفها شر لا بد منه. لكن ليس بعد الآن، لأن إيران أصبحت تتولى القيادة. وكذلك تغيرت نظرة العالم لإسرائيل، بسبب الفظائع التي ترتكبها في غزة.

أهداف إيران

كل هذا يمثل مكسبًا للنظام الإيراني، الذي لديه 4 أهداف رئيسة في السياسة الخارجية، وهي طرد الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، والحفاظ على التفوق الإقليمي، وتعزيز التحالفات المهمة مع الصين وروسيا، وتدمير إسرائيل.

زيارة بوتين لإيران ولقاء رئيسي وبوتين

لقاء الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في إيران

ووفق الكاتب، تعمل شبكة ميليشيات إيران، المعروفة بـ”محور المقاومة” على مسافة منها. وتختلف الآراء بشأن ما إذا كان الحوثيون، على سبيل المثال، الذين دربتهم وسلحتهم طهران، يتبعون أوامرها. ويعتقد بعض المحللين أن إيران لا تملك سيطرة على الحوثيين. فيما يصر حزب الله اللبناني على أنه يعمل بنحو مستقل.

تفوق طهران

عند النظر للحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان إلى جانب حماس في غزة، والفصائل الفلسطينية في الضفة الغربية، والميليشيات في سوريا والعراق، يصبح من الواضح أن إيران جمعت ائتلافًا من الراغبين، تتحكم فيه عن بُعد، للصمود أكثر من الولايات المتحدة.

ورأى تيسدال أن قصف قواعد الحوثيين لن يغير هذه الحقيقة. والأكثر ترجيحًا هو أنها ستغذي خطاب المقاومة المناهض للغرب وإسرائيل، الذي تعتمده طهران في المنطقة.

الأصدقاء الجدد

أصبحت الصين وروسيا الصديقين الجديدين لإيران، وهذا بالتحديد هو ما غيّر حظوظ طهران، وجعلها قوة يُحسب لها حساب. وحسب تيسدال، كان غزو أوكرانيا، واتفاقية التعاون “غير المحدود” بين الصين وروسيا، عاملًا في هذا التحول.

وبلورت الحرب وتداعياتها الاعتقاد الناشئ في بكين وموسكو بأن القيادة العالمية الأمريكية، بعد عهد دونالد ترامب، تتراجع، وأن النظام الدولي القائم على القواعد الذي تشرف عليه واشنطن، بات جاهزًا للتخريب والاستبدال.

العلاقات مع الصين

هل فقدت الولايات المتحدة مكانتها في الشرق الأوسط لصالح إيران؟

الرئيس الصيني، شي جين بينج، ونظيره الإيراني، إبراهيم رئيسي

منذ تولي شي جين بينج السلطة منذ أكثر من عقد، خلقت الصين دوائر نفوذ جيوسياسي واقتصادي للتنافس مع الدوائر الأمريكية، وحل محلها إذا أمكن. وأشار الكاتب البريطاني إلى أن إيران أساسية في خطط شي.

وفي 2021، وقعّت الدولتان اتفاقية لمدة 25 عامًا للاستثمار الاستراتيجي والطاقة. وبرعاية صينية، انضمت إيران إلى مجموعة بريكس ومنظمة شنجهاي للتعاون.

وبالتآمر مع بكين للالتفاف على العقوبات، تبيع طهران ملايين براميل النفط الخام المخفض للصين كل شهر. وبعد سنوات من الركود والاضطرابات السياسية والاجتماعية الداخلية، يتعافى اقتصاد إيران.

التحالف مع روسيا

لفت تيسدال إلى أن علاقات إيران مع روسيا تتعلق بالأسلحة. وتزود طهران موسكو بالمسيّرات المسلحة التي تستخدمها لقتل الأوكرانيين. وتعتقد الاستخبارات الأمريكية أن مجموعة فاجنر الروسية تخطط لتزويد حزب الله بمنظومة دفاع جوي متوسطة المدى.

وفي المقابل، قد تتسلم إيران قريبًا قاذفات سو-35 ومروحيات هجومية روسية متقدمة، نتيجة لـ”شراكة دفاعية غير مسبوقة”. وارتفعت الصادرات الروسية إلى طهران، وتعهدت موسكو بـ40 مليار دولار لتطوير حقول الغاز الطبيعي الإيرانية.

البرنامج النووي

على رأس كل ما سبق، يأتي تخصيب إيران لليورانيوم، الذي يتقدم بسرعة، وهو هدف إيراني آخر يرجع إلى انسحاب ترامب من الاتفاق النووي لعام 2015.

ورغم أن بايدن تعهد بإحيائه، تخلى عن ذلك المسعى. ولم تعد روسيا والصين إلى جانب الولايات المتحدة. وهكذا، أصبح أسوأ كابوس لإسرائيل، وهو القنبلة الإيرانية، أقرب من أي وقت مضى.

وبعد 45 عامًا من المحاولة، لم تنجح العقوبات والتهديدات والنبذ مع طهران. وخلص تيسدال إلى أن الولايات المتحدة، وبريطانيا، وإسرائيل تواجه خصمًا صعبًا، جزء من تحالف عالمي ثلاثي تدعمه ميليشيات قوية وقوة اقتصادية، ولذلك تحتاج إلى نهج دبلوماسي جديد إذا كانت تريد تجنب الصراع الأوسع.

ربما يعجبك أيضا