هل لدى ترامب فرصة لإحلال السلام في الشرق الأوسط؟

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – بسام عباس

يعد اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقدس عاصمةً لإسرائيل خطأ فادح.

متى يوجد أي صراع في الشرق الأوسط، تحتل مدينة القدس مكانة بارزة، بغض النظر عما إذا كان النزاع بين إسرائيل وجيرانها. وقد استهدفت الأطراف المتحاربة، التي تسعى إلى استقطاب البلد إلى صراع إقليمي أوسع، القدس مرات عديدة. وحاول الرئيس العراقي السابق صدام حسين أن يفعل ذلك خلال حرب الخليج الأولى في مطلع التسعينات.

ليس هناك اتجاه إقليمي تصعيدي لحركة ترامب. ولا توجد صراعات نشطة أو مفاوضات نشطة، ومن الواضح أن الرئيس الأمريكي يلتزم بأجندة محلية، يسعى للحصول على دعم محلي، بغض النظر عن حالة الاستنكار الدولية.

وسيحكم التاريخ ما اذا كان قراره سيغير مستقبل المدينة بشكل أكثر فعالية من صواريخ صدام. لكن معظم المعلقين المعاصرين يشعرون بأن ترامب يقف الآن في الصف مع قائمة طويلة لقادة أمريكيين فشلوا في إحلال السلام في الشرق الأوسط، إن الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل سيجعل الأمر أكثر تعقيدا بالنسبة لخلفائه لإعادة إحياء عملية السلام.

إن تاريخ المدينة هو أطول من مجرد السنوات القليلة الأخيرة. ولكن القرارات الارتجالية المفاجئة يمكن أن تكلف الكثير من الأرواح. سيحبط إعلان ترامب ما يعتبره الكثيرون تحالفا عربيا إسرائيليا حديثا لمواجهة تهديدات إقليمية أوسع، لا سيما إيران.

إن القدس أولا وقبل كل شيء هي مدينة تنتمي لشعبها العربي واليهود. وأنا عضو إحدى أقدم الأسر العربية في المدينة، وهي متواجدة في المدينة منذ أكثر من 1400 سنة توقف فقط خلال 89 عاما من الحروب الصليبية. لقد رأينا الإمبراطوريات تأتي وتذهب، ولكن قدسية القدس عند سكانها تتزايد وتقوى، بغض النظر عن الدين أو العرق.

وبدلا من إدراج اسمه في التاريخ كشخص ساهم في المزيد من الفوضى الإقليمية، كان لدى ترامب فرصة فريدة ليكون قوة مناصرة للخير وبطلاً من أبطال السلام، ولكنه أضاعها. 

يؤدي الاستبعاد إلى مزيد من الطائفية وإراقة الدماء، ذلك لأن الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل وحدها يستبعد قرونًا من التاريخ المسيحي والإسلامي للمدينة، ولقد علَّمنا تاريخ المدينة أن الاستبعاد لن يدوم، ولكنه يأتي بثمن باهظ لا ينبغي أن تدفعه شعوب المنطقة.

لقد أتيحت للرئيس الأمريكي فرصة ليس فقط للمساهمة في تحقيق السلام في الشرق الأوسط، بل أن يحفر اسمه كشخصية تاريخية في سجل تاريخها الطويل. ونادرًا ما تتداخل السياسة الواقعية والمواقف الأخلاقية، ولكنها تداخلت هنا. وبدلاً من أن يصبح الرئيس الأمريكي صانع سلام، أصبح صانع حرب.

الوقت ينفد، لكنه يمكن إنقاذه اليوم، فمهمته بسيطة، عليه أن يعترف بالقدس عاصمةً لفلسطين أيضًا، وينبغي أن يقر هذا الاعتراف أيضًا بالرابط غير القابل للتجزئة بين القدس وبين اليهود والمسيحيين والمسلمين. ومن المؤكد أن هذا الاعتراف سيحفز رغبة إقليمية وعالمية في تحقيق السلام العربي الإسرائيلي.

يمكن أن تكون السفارة الامريكية في القدس سفارةً لدولتين، ولا يلزم هنا تطبيق الأعراف الدبلوماسية. في الواقع، لا ينبغي تطبيقها. فعلى مدى قرون، كانت أسرتي العربية المسلمة تحرس كنيسة القيامة. يمكن للرئيس ترامب أن يعيد حلم جعل القدس مدينة سلام وللسلام، ليس فقط لليهود والعرب، ولكن للجميع.

يتوق العالم إلى أن تكون القدس مفتوحة أمام اليهود والمسيحيين والمسلمين من جميع الجنسيات والعرقيات. ولكن يمكن أن يحول ترامب المدينة إلى كابوس عالمي، أو أن يكون المنقذ ليس فقط للقدس، ولكن لحياة الكثيرين. وأدعو الله أن يلهم تاريخ المدينة الرئيس الأمريكي لأن يكون قوة حقيقية للخير في المنطقة.

إن كرة السلام في الشرق الأوسط في ملعب ترامب الآن. وكلما تأخر في اتخاذ القرار، سيكون من الصعب عليه أن يسجل اسمه في التاريخ كصانع للسلام.

المصدر – فاينانشيال تايمز

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا