هل ورث الحوثيون العداء للبهائيين من إيران؟

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

البهائيون هم أكبر أقلية دينية في إيران، وتضم إيران واحدة من كبرى التجمعات البهائية في العالم.. يتعرض البهائيون في إيران لاعتقالات لا مبرر لها، والسجن، والضرب، والتعذيب، وعمليات الإعدام غير المبررة، ومصادرة وتدمير ممتلكات يملكها أفراد والجماعة البهائية، والحرمان من العمل، وإنكار المزايا الحكومية، والحرمان من الحقوق المدنية، والحريات، والحرمان من الوصول إلى التعليم العالي.

اضطهاد البهائيين في إيران

الواضح أن اضطهاد البهائيين في إيران ليس لسبب ديني، إنما لأنهم يشكلون رؤية واضحة ضد نظام ولاية الفقيه، ولو فُسح المجال للإيرانيين لتكاثر عدد هذه الديانة، فقد جاءت بتعاليم نقيضة لما تفرضه سلطة ولاية الفقيه في إيران.

ويعود سبب اضطهاد البهائيين في إيران؛ لثأر مع الإسلاميين منذ عهد الشاه محمد رضا الذين أطاحوا به؛ حيث يفسر البهائيون هذه الممارسات من باب التشفي. ففيها ما له علاقة مباشرة برجال الدين، الذين لا يتقبلون فكرة انشقاق أو حتى إصلاح ولو محدودة داخل المذهب الشيعي الاثني عشري، باعتبار أن ذلك يهدد مركزية سلطتهم، كما حدث أيام الدعوة الأولى.

وفيها ما له علاقة بما انطبع في ذاكرة الثوريين عن عدد من النافذين البهائيين الذين كانوا حول الشاه محمد رضا بهلوي، وحكموا معه إيران بالحديد والنار، أمثال: رئيس الحكومة عباس هويدا، وزير الخارجية عباس آرام وطبيب الشاه الخاص الفريق عبد الكريم أيادي. فالشاه اختار البهائيين ليكونوا حوله خشية من اليساريين والإسلاميين. ولذلك، روج الإسلاميون بأن الشاه يعتنق الديانة البهائية من أجل إثارة الشعب ضده.

على خطى الولي الفقيه

كذلك، مثلما هم مضهدون في إيران، يعيش البهائيون في اليمن وضعًا متداخلا، تتضافر فيه عوامل الحرب مع الوضع الاقتصادي المتأزم، مع تفشي فيروس كورونا في المناطق اليمنية، مع تزايد الاضطهاد الذي يسلّط عليهم من قبل الحوثيين الذين يترجمون السياسة الإيرانية في التعامل مع الأقليات الدينية.

فقد امتنعت السلطات القضائية التابعة للجماعة الحوثية والأجهزة الأمنية التابعة لها عن تنفيذ قرار صادر عن القيادي الحوثي مهدي المشاط الذي نصبه الحوثيون “رئيسا للمجلس السياسي”، وهو القرار الذي قضى بالإعفاء عن نشطاء في الطائفة البهائية تحت ضغط دولي وحقوقي عالمي.

وحذّر أتباع الطائفة التي تتعرّض للملاحقات في مناطق سيطرة الحوثيين من محاولات لإلغاء قرار رئيس المجلس السياسي، وقالت “المبادرة اليمنية للدفاع عن حقوق البهائيين”، في بيان نشرته على حساباتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، إنها علمت من خلال مصادرها “بأن المحكمة الجزائية الابتدائية المتخصصة والتي تقف خلف الأحكام الجائرة ضد البهائيين عادت للتلاعب بالعدالة بهدف إلغاء قرار الإفراج عن البهائيين الصادر عن رئيس المجلس السياسي”.

وتعود العلاقة المتوترة بين البهائيين والجهات القضائية والأمنية في اليمن إلى وقت مبكر، حيث تعرّض أبناء الطائفة لحملات اعتقال في العام 2008 من قبل الأجهزة الأمنية وتمّ ترحيل العشرات من البهائيين غير اليمنيين، ووُصفت الخلافات ما بين الدولة اليمنية والبهائيين في تلك الفترة بأنها ذات طابع سياسي وأمني، حيث ظلت السلطات تبدي مخاوفها من الدور الذي يقوم به أتباع الطائفة التي كان يروّج حينها أنهم يقومون بأدوار استخبارية لصالح جهات خارجية.

وشهد عاما 2013 و2014 موجة جديدة من حملات الاعتقال التي طالت العشرات من الناشطين في الطائفة البهائية في صنعاء، غير أن انقلاب الحوثيين على الدولة في سبتمبر 2014 جاء بخصم جديد وعنيف إلى سدة السلطات الأمنية والقضائية، وهو ما كشفت عنه النزعة العدائية من قبل الحوثيين تجاه هذه الطائفة في اليمن، ويقول البهائيون إن ديانتهم دخلت إلى اليمن في القرن التاسع عشر وتحديدًا عام 1844، عندما قام أحد مؤسسي البهائية المدعو علي محمد الشيرازي المعروف بـ”الباب” بالتوقف في ميناء المخا على البحر الأحمر.

وعادت قضية البهائيين في اليمن للواجهة في الآونة الأخيرة في أعقاب إصدار محكمة حوثية في صنعاء حكما بتاريخ 22 مارس الماضي قضى بإعدام الناشط البهائي اليمني، حامد بن حيدرة، ومصادرة ممتلكاته، وإغلاق كافة المؤسسات البهائية ومصادرة ممتلكاتها.

وجاء الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف الحوثية تأييدا لقرار أصدرته محكمة حوثية ابتدائية في العام 2018 قضى بإعدام حيدرة بتهمة التعاون مع إسرائيل، بعد أكثر من أربع سنوات قضاها في المعتقل.

وأدانت منظمات حقوقية دولية حملات القمع التي يمارسها الحوثيون بحق أتباع الطائفة البهائية في اليمن، حيث أصدر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في سبتمبر 2019 قراراً أدان فيه الاضطهاد الحوثي للبهائيين على أساس معتقدهم.

ربما يعجبك أيضا