هل يمكن أن تحل بكين محل واشنطن كضامن أمني بالشرق الأوسط؟

هل فشلت الصين في دور الوساطة بحرب غزة؟

شروق صبري
الرئيس الصيني شي جين بينغ مع قادة ومسؤولين كبار من الشرق الأوسط في بكين

سعت الصين إلى تقديم نفسها كقوة عالمية أكثر ودية للحكومات في الشرق الأوسط، مع ذلك فإن إحجامها عن تقديم وجود أمني حد من نفوذ بكين في المنطقة. فما السبب؟


تساعد لفتات بكين الدبلوماسية بشأن غزة في تعزيز صورتها كقوة عالمية، رغم أن الجهود لم تحل الصراع المستمر منذ عقود بين إسرائيل والفلسطينيين، لكن هل يمكن أن تحل بكين محل واشنطن في الشرق الأوسط؟.

كانت أداة الرئيس الصيني شي جين بينج، الرئيسة لاكتساب النفوذ هي الرغبة في الاستثمار، وخاصة في قطاع الطاقة، وقد استفادت من العالم العربي الحريص على استخدام علاقاته مع الصين كوسيلة ضغط ضد واشنطن.

حرب غزة

مع مواجهة إدارة بايدن لانتقادات محلية ودولية شديدة بشأن أسلوب تعاملها مع حرب غزة، ترى الصين فرصة لترويج سياستها الخارجية أمام زعماء المنطقة، حسب ما نشرته “وول ستريت جورنال” الأمريكية، السبت 1 يونيو 2024.

ولكن رغم ردود الفعل السلبية ضد الولايات المتحدة بسبب دعمها لإسرائيل، فقد أظهر الصراع في غزة أن واشنطن تظل القوة الأجنبية البارزة في الشرق الأوسط، بعد عام من التوسط في اتفاق تاريخي بين إيران والسعودية، ظلت بكين خارج المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في غزة وبقيت على الهامش.

شي جين بينج

شي جين بينج

الاستثمار

في افتتاح مؤتمر 30 مايو 2024 بين الصين والدول العربية، استخدم شي خطابه الرئيس لتأكيد موقفه بشأن الصراع في غزة، كما عاد إلى العلاقات التجارية طويلة الأمد، ووعد بمساعدة ضيوفه على تعزيز التنمية الاقتصادية وإحلال السلام في المنطقة.

وقال الزعيم الصيني شي جين بينج: “في هذا العالم المضطرب، تأتي العلاقات السلمية من الاحترام المتبادل، والأمن الدائم يبنى على الإنصاف والعدالة”، مؤكدًا دعم الصين لعقد مؤتمر دولي للسلام لإنهاء الحرب في غزة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

فرصة للصين

وضعت الصين نفسها كقوة في شؤون الشرق الأوسط، تتصرف بمسؤولية في محاولة تهدئة التوترات الإقليمية، على النقيض من الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى التي تتهمها بكين بتفاقم الصراعات المحلية، وقد اتجه المسؤولون الصينيون بشكل أكبر إلى هذا الدور منذ اندلاع حرب غزة في أكتوبر 2023، وكثفوا التواصل الدبلوماسي مع العالم العربي.

وقال محللون إن الاستياء في الشرق الأوسط من دعم واشنطن لإسرائيل يوفر فرصة للصين لتعميق العلاقات مع الشركاء الأمريكيين التقليديين في المنطقة مثل مصر والإمارات، والسؤال هنا هو إلى أي مدى ترغب الصين في الذهاب؟ وما هي المخاطر التي ترغب في خوضها لممارسة نفوذها؟.

ضامن أمني

قال الأستاذ المشارك في العلاقات الدولية بجامعة حمد بن خليفة في قطر، ستيفن رايت، إن بكين لم تبد اهتمامًا كبيرًا بإزاحة واشنطن كقوة سياسية وأمنية في المنطقة، لكنها تهتم بالاقتصاد وأجندة التنمية أولًا.

كما إن غياب الرد العسكري الصيني على الهجمات التي شنها المتمردون الحوثيون في اليمن على السفن في البحر الأحمر يؤكد حقيقة أن بكين لن تحل محل واشنطن كضامن أمني في الشرق الأوسط. وعلى النقيض، فقد شنت الولايات المتحدة سلسلة من الضربات الجوية ضد الحوثيين ردًا على الهجمات.

نفوذ بكين

قال الأستاذ المشارك في كلية الحرب الوطنية في واشنطن، دون ميرفي، إن “الصين نوع مختلف من القوى العظمى عن الولايات المتحدة في المنطقة، ترى الصين أن إحدى أقوى سماتها كقوة عظمى هي حقيقة أن لديها علاقات إيجابية مع جميع البلدان”.

قال جولوف إنه في حين أن رد الولايات المتحدة على هجمات البحر الأحمر “أظهر قدرتها على دعم حلفائها وتعبئة القوات بسرعة وتحقيق النتائج”، فإن رد الفعل الصيني كشف القيود المفروضة على نفوذ بكين.

وعوده بالتعاون الاقتصادي

في خطابه يوم 30 مايو، أكد شي وعوده بالتعاون الاقتصادي مع الدول العربية، بما في ذلك الاستثمارات في الطاقة والتمويل والأمن الغذائي والذكاء الاصطناعي، والتي تم توجيهها من خلال مبادرة الحزام والطريق المميزة لتطوير البنية التحتية للتجارة العالمية.

كما تعهد شي بالتبرع بمبلغ 500 مليون يوان، أو ما يقرب من 69 مليون دولار، لدعم الجهود الإنسانية وإعادة الإعمار بعد الحرب في غزة، بالإضافة إلى حزمة بقيمة 100 مليون يوان تعهدت بها الصين في وقت وسابق.

طموحات بكين

تعتبر الدول العربية أكبر شريك تجاري لها، حيث تصل التجارة البينية إلى 398 مليار دولار في 2023، ارتفاعًا من 36.7 مليار دولار في عام 2004، وفقًا لوسائل الإعلام الحكومية الصينية، ووقع جميع أعضاء جامعة الدول العربية الـ22 اتفاقًا للتعاون مع بكين بشأن مبادرة الحزام والطريق.

وفي إبريل 2024، استضافت بكين ممثلين عن الجماعات الفلسطينية المتنافسة، وهي حركة حماس وحركة فتح، لإجراء محادثات بشأن مصالحة محتملة، وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية حينها إن المجموعتين أعربتا عن رغبتهما في المصالحة ومواصلة حوارهما لتحقيق الوحدة الفلسطينية.

وقف إطلاق النار

لم يسفر الاجتماع عن تقدم، وكانت الصين الأحدث في سلسلة من الوسطاء غير الناجحين في المصالحة الفلسطينية، بما في ذلك روسيا.

في أعقاب المؤتمر، أصدرت الصين والدول العربية إعلانًا مشتركًا دعا إلى وقف إطلاق النار في غزة، ودعا إلى تنفيذ “حل الدولتين” لحل القضية الفلسطينية، وانتقدوا الولايات المتحدة لعرقلتها محاولات إعطاء الفلسطينيين كامل حقوقهم.

ربما يعجبك أيضا