واشنطن بوست| الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين تهدأ.. لكن نظيرتها التكنولوجية تشتعل

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – آية سيد

بدا هذا الأسبوع أن الرئيس ترامب يقترب من هدنة مبدئية في حربه التجارية مع الصين، غير أن الخطر الأشد الذي لا يزال كامنًا في المستقبل هو حرب التكنولوجيا بين الصين وأمريكا, حيث تتسابق الدولتان لتطوير الذكاء الاصطناعي.

لقد بدا أيضًا أن بكين وواشنطن تمهّدان الطريق لاتفاق محدود لخفض الرسوم الجمركية بإعلان وزير التجارة الصيني يوم الخميس عن اتفاقية تجريبية تنص على أنه "يتعين على الصين والولايات المتحدة إزالة نفس النسبة من الرسوم الجمركية في وقت واحد بناءً على مضمون الاتفاق". وهذا لا يُعد تسوية كلية للقضايا التجارية, لكن الأسواق المالية الأمريكية اعتبرته خبرًا سارًا.

لقد سُلِّط الضوء على الخطر الأوسع لحرب تكنولوجية أمريكية – صينية، وهي حرب لا شك أنها تخلق معسكرين متناحرين يتصارعان على السيادة العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، بحسب تقرير مؤقت صدر الأسبوع الماضي عن لجنة أسسها الكونجرس العام الماضي. إن الكثير من محللي الأمن القومي منشغلون بهذا الموضوع المتعلق باستراتيجية الذكاء الاصطناعي, حتى وسط عاصفة الأخبار اليومية عن تحقيق أوكرانيا.

لقد أثارت خطة الصين للهيمنة على الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيات الرئيسية الأخرى نقاشًا رفيع المستوى بين صُنّاع السياسة ورواد الصناعة. حثّ بعضهم على فرض قيود صارمة على ما يمكن أن تشاركه الشركات الأمريكية مع الصين, كما في حظر "قائمة الكيانات" على المبيعات لهواوي, الشركة الصينية التي توشك على الهيمنة على اتصالات الجيل الخامس. بينما حذر آخرون من أن هذا "الفصل" في قطاع التكنولوجيا العالمي سيترك الجميع في حال أسوأ.

وبينما تحاول اللجنة رفيعة المستوى أن تجد طريقًا وسطًا بين التعاون والمواجهة مع الصين؛ قال روبرت ورك, نائب وزير الدفاع السابق الذي يعمل حاليًا نائب رئيس اللجنة: "نحن نحاول أن نجد طريقًا بين الفصل والتورط. نحن نريد أن نشق طريقنا".

أما إيريك شميت, رئيس اللجنة والرئيس التنفيذي السابق لجوجل, فقال إنه في الوقت الذي تحشد الولايات المتحدة لمنافسة ذكاء اصطناعي, ينبغي أن تتجنب السياسات المتطرفة. وتابع: "أعتقد أن الفصل قاسٍ جدًّا, حيث إنه سيضر الولايات المتحدة".

لكن في الوقت الذي يحاول قادة اللجنة تجنُّب الستار الحديدي التكنولوجي, فإنهم يحاولون أيضًا تشجيع حلفاء الولايات المتحدة على تجميع البيانات من أجل استراتيجية ذكاء اصطناعي مشتركة بين الديمقراطيات الغربية مثل كندا وأستراليا وبريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية. ويحث التقرير على إنشاء "شبكة من الشركاء" والتي ستتشارك البيانات, والأبحاث والموهبة وتقاوم أي جهد تقوده الصين لـ"استخدام الذكاء الاصطناعي في بناء دولة مراقبة بائسة".

هذا المقترح لإنشاء تحالف ذكاء اصطناعي من العالم الحر حظى بتأييد الأمين العام للناتو أندرس فوغ راسموسن في مؤتمر استضافته اللجنة. لقد جادل بأن الناتو ينبغي أن يشكّل لجنة خاصة بالذكاء الاصطناعي كـ"منتدى لتبادل البيانات" و"لمواجهة الأنظمة الاستبدادية"، بحسب نص المنتدى الذي أعدّته شبكة سي – سبان.

إن التحدي الأكبر أمام البنتاجون في كبح تقدمات الصين السريعة في الذكاء الاصطناعي هو جمع أفضل العقول في الولايات المتحدة (ومنهم أولئك الذين وُلدوا بالخارج ويعملون هنا). الصينيون يستطيعون مصادرة أفضل العقول وأكثرها نبوغًا؛ لكن الأمريكيين لا يستطيعون. إن صعوبة تطويع القدرات العقلية الأمريكية بات واضحًا عبر تمرد مهندسي جوجل العام الماضي لرفضهم المشاركة في تطبيق ذكاء اصطناعي خاص بالبنتاجون يُعرف بـ"مشروع مافن".

ويجادل "شميت وورك" بأن شركات التكنولوجيا وموظفيها أصبحوا الآن أكثر استعدادًا للعمل مع البنتاجون, ما دامت المشروعات تتمتع بالشفافية وتلبي معايير أخلاقية واضحة. ومن أجل التمهيد لهذا التعاون, أمضى مجلس الابتكار الدفاعي, برئاسة شميت, العام الماضي في السفر إلى أبرز الجامعات الأمريكية لصياغة مجموعة من التوصيات لذكاء اصطناعي "أخلاقي"، كما تضع المبادئ التوجيهية, التي جرى الإعلان عنها الأسبوع الماضي, الأساس لمواصلة الحوار مع مجتمع التكنولوجيا الذي لا يثق في الحكومات بالفطرة.

إن مناقشة استراتيجية الذكاء الاصطناعي أشبه بمحاولة الإبحار عبر إعصار: قوة التغيير التكنولوجي القادم نحونا شديدة جدًا لدرجة أنه يصعب قياسها. وقال هنري كيسنجر, وزير الخارجية الأسبق الذي لمع اسمه كخبير استراتيجي في الحرب النووية في الخمسينيات في مؤتمر يوم الثلاثاء: إن ما ينتظرنا في المستقبل هو "حرب خوارزميات". وسوف تحاول أدمغة الذكاء الاصطناعي الصينية والأمريكية أن تتفوق على بعضها البعض في التفكير والدهاء, ربما بمساعدة الخدع التي أفسدت بيانات الطرف الآخر.

وتذكر فقرة مقتضبة من تقرير اللجنة لمحة عن المخاطر الاستراتيجية الناتجة عن الاتفاقيات المحتملة مع الصين وروسيا من أجل "منع استخدام الذكاء الاصطناعي للسماح بإطلاق الأسلحة النووية".

وفي الأخير نحن محظوظون لأنه حتى في واشنطن التي تعج بالفوضى, تفكر بعض أفضل العقول لدينا, مثل شميت وورك, في كيف يمكن أن تنجو أمريكا وتزدهر في العالم المقبل الذي يحرّكه الذكاء الاصطناعي. 

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا