وسط التوتر البريطاني الإيراني.. هل تتجه منطقة الخليج لحرب ناقلات؟

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي 

تتجه الأوضاع في الخليج لحالة ارتباك شديد وسط تكهنات باشتعال حرب جديدة من حروب الناقلات النفطية، وذلك بعدما احتجز الحرس الإيراني ناقلتي نفط بريطانيتين. وقد شهدت المنطقة صراعًا مماثلًا أثناء الحرب العراقية الإيرانية، إذ هاجم كلا الطرفين المنشآت النفطية للبلدين. فهل تتجه المنطقة لحرب أخرى جديدة؟.

أعلن الحرس الثوري الإيراني، مساء اليوم الجمعة، “احتجاز” ناقلة نفط بريطانيّة في الخليج العربي واقتيادها إلى المياه الإيرانيّة، في حين ذكرت “رويترز” أن ناقلة نفط بريطانية ثانية “غيّرت مسارها فجأة نحو إيران”.

ونقلت وسائل إعلام إيرانيّة عن الحرس الثوري قوله إن الناقلة البريطانية احتجزت في مضيق هُرمز بسبب “مخالفتها القوانين المرعيّة”، منها إغلاقها جهاز التتبّع وتجاهلت التحذيرات الموجّهة إليها من قبل البحرية الإيرانيّة، قبل أن يتم احتجازها.

من جهتها، أعلنت بريطانيا عقد اجتماع عاجل للجنة الطوارئ الحكوميّة، كما أن الناقلة كانت في طريقها من ميناء الفجيرة الإماراتي إلى ميناء الجبيل السعودي، وكان على متنها 23 شخصًا، ليس من بينها، على الأرجح، أي بريطانيين.

الولايات المتحدة تتهم إيران بـ”تصعيد العنف”

من جهته، قال مجلس الأمن القومي الأميركي إنه “على علم” باحتجاز الحرس الثوري الإيراني للناقلة، واتهم إيران بـ”تصعيد العنف”.

وقال المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي، غاريت ماركيز، في بيان “إنها المرة الثانية خلال ما يزيد قليلًا عن أسبوع تكون فيها المملكة المتحدة هدفًا لتصعيد العنف من قبل النظام الإيراني”، مشيرًا إلى أنّ “الولايات المتحدة ستواصل العمل مع حلفائنا وشركائنا للدفاع عن أمننا ومصالحنا ضد سلوك إيران الخبيث”.

أسبوع من التوتر البريطاني الإيراني

واتهمت لندن إيران، الأسبوع الماضي، بـ”منع مرور” ناقلة بريطانية في مضيق هرمز، عزّزت لندن على إثرها بوجودها العسكري البحري في مياه الخليج العربي.
 
وقال ناطق باسم الحكومة البريطانيّة في بيان “خلافا للقانون الدولي، حاولت ثلاث سفن إيرانية منع مرور السفينة التجارية “بريتش هيريتيج” في مضيق هرمز”، وأشار إلى أن البحرية الملكية اضطرت للتدخل لمساعدة ناقلة النفط هذه التي تملكها “بريتش بتروليوم شيبينغ” فرع النقل النفطي لمجموعة “بريتش بتروليوم”.

وأوضح أن الفرقاطة “إتش إم إس مونتروز اضطرت للتموضع بين السفن الإيرانية وبريتش هيريتيج، وإطلاق تحذيرات شفهية على السفن الإيرانية التي عادت أدراجها بعد ذلك”، وتابع “نحن قلقون من هذا العمل ونواصل حث السلطات الإيرانية على تخفيف حدة التوتر في الوضع في المنطقة”.

وكانت مواقع مختصّة بالرصد البحري أشارت إلى تغيير ناقلة نفط بريطانيّة مسارها في مياه الخليج، كما احتجزت بريطانيا، مطلع يوليو الجاري، ناقلة نفط إيرانيّة عملاقة في جبل طارق، بادّعاء أنها كانت في طريقها إلى النظام السوري.

تواترات متصاعدة

تشهد منطقة الخليج العربي حالة من التوتر المتصاعد بين إيران والغرب، بعد تهام الولايات المتحدة لطهران بمسؤوليتها عن هجمات على ناقلات نفط وإسقاط طائرة أمريكية مسيرة الشهر الماضي، وبعد احتجاز البحرية البريطانية هذا الشهر لناقلة نفط إيرانية في جبل طارق الذي أعلنت حكومتها اليوم تمديد احتجاز الناقلة لمدة شهر إضافي.

وكانت إيران هددت باتخاذ إجراءات للرد على احتجاز قوات البحرية الملكية البريطانية لناقلة النفط الإيرانية العملاقة جريس 1 في وقت سابق من هذا الشهر بسبب الاشتباه بكونها تحمل نفطا إلى سوريا، وذلك في انتهاك لعقوبات الاتحاد الأوروبي.

واعتبرت إيران أن احتجاز ناقلة النفط قبالة جبل طارق “قرصنة”، واتهمت المملكة المتحدة سفناً إيرانية بأنها حاولت لاحقاً اعتراض طريق ناقلة نفط بريطانية في مضيق هرمز.

وزاد توتر العلاقات البريطانية الإيرانية بعد أن قالت بريطانيا إنها “شبه متأكدة” من مسؤولية النظام الإيراني عن الهجمات التي تعرضت لها ناقلتا نفط في الخليج في يونيو.

ومازالت بريطانيا تضغط على إيران حتى تفرج عن نزانين زغاري-راتكليف البريطانية-الإيرانية، التي حكم عليها بالسجن خمس سنوات في 2016 بعد إدانتها بالتجسس، وهي التهمة التي تنفيها.

هل يمكن أن يبدأ الجانبان في تبادل الضربات الموجعة؟

إذا تصاعدت الهجمات على ناقلات النفط، فقد تشهد المنطقة عودة لمرافقة السفن الحربية الأمريكية لناقلات والسفن الشحن في الممر المائي مرة أخرى.

في 24 يوليو 1987، اصطدمت ناقلة كويتية تحمل العلم الأمريكي بلغم إيراني في أول قافلة بحرية ترافقها سفن حماية، مما دفع بالولايات المتحدة إلى نشر مزيد من القوات والسفن، وجعل الجانبين في مسار تصادم أكثر من ذي قبل.

وفي سبتمبر من العام نفسه، هاجمت المروحيات الأمريكية سفينة إيرانية بعد مشاهدتها وهي تزرع الألغام ليلاً. وبعد ذلك بأشهر، تعرضت فرقاطة أمريكية، ووسفن أخرى لتفجيرات، دفعت القوات الأمريكية للرد بقوة أكبر من أي وقت مضى، فدمرت قواعد الحرس الثوري الايراني وهاجمت السفن الحربية الإيرانية.

وفي النهاية، انتهت الحرب. ولكن ليس قبل أن يصطدم الطراد الأمريكي، يو إس إس فينسنس، بطائرة إيرباص A300 الإيرانية ويسقطها، ظنا منه أنها طائرة حربية هجومية، ما أسفر عن مقتل جميع الركاب وطاقم الطائرة البالغ عددهم 290 شخصا.

وقال التقرير الرسمي للحادث إن “الإجهاد، وطبيعة المهمة والتضارب الغير مقصود للبيانات ربما لعب دورًا رئيسيًا في وقوع الحادث”. دفع هذا الحدث بالبحرية الأمريكية للاستثمار بكثافة في التكنولوجيا والتدريب لتجنب مثل هذه الأخطاء الكارثية في المستقبل.
 

ربما يعجبك أيضا