وسط ترحيب عربي ودولي.. السلام يعرف طريقه إلى السودان أخيرًا

حسام السبكي

حسام السبكي

في حضور دولي وإقليمي واسع، وبعد مخاض دبلوماسي عسير، أُنجز اتفاق السلام الذي طال انتظاره، بين الحكومة السودانية، التي تستشرف آفاق جديدة للمستقبل، في حقبة ما بعد البشير، ومجموعة من الحركات المسلحة، المنتشرة في عدة مناطق البلاد، لتنهي معها، عقود من الصراعات، كان أوجها في عهد الرئيس السابق عمر البشير.

وقد عبرت عدد من الدوائر السياسية، العربية والأفريقية، عن ترحيبها ودعمها، لاتفاق السلام السوداني الجديد، متمنيين الخير لأحد أقدم شعوب نهر النيل.

اتفاق تاريخي

من قلب عاصمة جنوب السودان، التي تتمتع حاليًا بعلاقات طيبة مع الشمال، وقع السبت، في جوبا اتفاق السلام بين الحكومة السودانية وعدد من الحركات المسلحة، لحل عقود من الصراعات في دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق والتي أدت إلى تشريد الملايين ووفاة مئات الآلاف، وذلك بمشاركة العديد من الرعاة وأبرزهم دولة الإمارات.

وحضر مراسم التوقيع بساحة الحرية في جوبا رؤساء كل من تشاد وجيبوتي والصومال، بجانب رئيسي وزراء مصر وإثيوبيا، ووزير الطاقة الإماراتي، والمبعوث الأمريكي الخاص لدولتي السودان وجنوب السودان وممثلين لعدد من الدول الغربية، بحسب “سكاي نيوز”.

وعن الموقعين للاتفاق، من جانب الحركات المسلحة، فكان في طليعتها، حركة “جيش تحرير السودان”، جناح أركو مناوي، وحركة العدل والمساواة، والحركة الشعبية جناح مالك عقار، وذلك بجانب فصائل أخرى.

فيما، تخلفت حركة تحرير السودان، التي يقودها عبد الواحد محمد نور في دارفور، عن المشاركة في عملية السلام، ولا تزال المفاوضات مستمرة مع فصيل الحركة الشعبية شمال، بقيادة عبد العزيز الحلو لإلحاقه بالمفاوضات.

وحول إيجابيات الاتفاق الجديد، فتتحدث وسائل إعلام عربية، حول كونه من المتوقع أن يطوي دوامة من الحروب امتدت لسنوات طويلة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، وخلفت آلاف الضحايا ونحو 3 ملايين لاجئ ونازح داخل وخارج البلاد.

ومن المأمول، بعد التوقيع على اتفاق السلام في السودان، أن تشهد البلاد مرحلة جديدة تتمثل في توطيد سلام عادل وشامل في مناطق الصراع، وعودة اللاجئين والنازحين إلى ديارهم.

وتسعى اتفاقية السلام السودانية إلى إصلاح المؤسسة العسكرية من خلال عمليات دمج قوات الكفاح المسلح الواردة في بند الترتيبات الأمنية.

وسيقدم صندوق جديد 750 مليون دولار سنويا على مدار عشر سنوات لمناطق الجنوب والغرب الفقيرة كما يضمن الاتفاق فرصة عودة المشردين.

شكرًا الإمارات

في أول تعليق، عقب إتمام توقيع اتفاق السلام، قال الفريق الركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالى السوداني، على توقيع اتفاقية السلام الشاملة في جوبا قائلا: “لا عودة أبدا للحرب في السودان”.

وأضاف البرهان، في كلمته عقب توقيع الاتفاقية، أن توقيع اتفاق السلام بين الحكومة والحركات المسلحة، السبت، يمثل يوما عظيما في مسيرة السودان، داعيا باقي الحركات المسلحة التي لم توقع على اتفاق السلام للانضمام إليه”.

وتابع رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، قائلا: “نحقق اليوم أحد أهم أهداف ثورتنا وهو السلام.. ولن نحيد عن طريق السلام”.

وقال رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، إن الشعب السوداني توصل للسلام في جوبا، وهذا الأمر أول أولويات الثورة، تحت شعار “شعب واحد في دولتين”.
 
وأضاف حمدوك فى كلمته عقب توقيع اتفاقية السلام فى جوبا، أن العالم عليه أن يرى اتفاقية السلام بين السودانيين، متابعا: “أشيد بجهود الوسطاء، ومن بينهم مصر والإمارات في التوصل إلى اتفاق السلام بجنوب السودان، ونشكرهم على توسطهم”.

وأشار رئيس وزراء السودان إلى أهمية اتفاقية السلام في السودان، قائلا: “البلاد تنتظر باقي الحركات المسلحة للانضمام لقطار السلام، واتفاق اليوم تم بتوسط كبير لرئيس جنوب السودان”.

ويرى عبد الله حمدوك، أنه لا ديمقراطية بدون سلام وتنمية فى الدول، مؤكدا في السياق ذاته أن اتفاقية “جوبا” ستمكن البلاد من استبدال فواتير السلاح بمدخلات الإنتاج والتنمية.

من جانبه، أكد رئيس حركة تحرير السودان ميني أركو مناوي، السبت، أن حركته تسعى إلى تحقيق العدالة في السودان وليس الانتقام أو الثأر لما حدث بالماضي.

وقال مناوي – بمناسبة توقيع اتفاق السلام السوداني، أمس السبت، في جوبا عاصمة جنوب السودان- نشكر الدول الراعية للاتفاق وفي مقدمتها دولة الإمارات على دورها في صنع السلام ببلادنا، ونؤكد أن الحكومة السودانية ما زال أمامها الكثير لتفعله لتدعيم هذا الاتفاق بما ذلك حل قضية النازحين بشكل عاجل وعادل، وذلك وفقًا لـ “سكاي نيوز”.

مناشدة عاجلة

من جهتها، ناشدت “الجبهة الثورية السودانية”، أطراف اتفاق السلام السوداني، إلى الالتزام ببنوده، وقال الهادي إدريس رئيس “الجبهة الثورية”، في كلمته في حفل توقيع الاتفاق، إن الاتفاق سيسهم في تعزيز العلاقة بين شعبي دولتي السودان وجنوب السودان، معربا عن شكره لكل من أسهموا في الوصول إلى الاتفاق، سواء جنوب السودان التي رعت المفاوضات، أو الوفد الحكومي المفاوض.

وأضاف إدريس: ” نشكر الدول والمنظمات التي دعمت عملية السلام، وفي مقدمتها الإمارات التي نتطلع إلى استمرار دعمها لتنفيذ السلام، وتشاد التي استضافت اللاجئين، ومصر التي دعمت وحدة قوى الكفاح المسلح والوصول إلى السلام”.

وأوضح أن الاتفاق خاطب قضايا الوطن واللاجئين والنازحين، معربا عن التطلع إلى نهاية الحروب في السودان.

وأكد أن استقرار السودان مسؤولية وطنية وإقليمة ودولية، داعيا الأطراف التي لم تكن جزءا من اتفاق السلام، إلى الانضمام للاتفاقية، والجنوح نحو السلام.

مخاض عسير

أكد رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، أن تطبيق اتفاق السلام السوداني، ليس عملا سهلا خاصة مع الظروف التي تواجه السودان الآن، مناشدا الأسرة الدولية والعالم العربي الالتزام بتعهدات دعم تطبيق الاتفاق.

وقال سلفاكير في كلمته خلال حفل توقيع اتفاق السلام بشكل نهائي بين الحكومة السودانية و”الجبهة الثورية” في جوبا اليوم السبت إن هذا الحدث تاريخي، وعلى مواطني جنوب السودان أن يفخروا بجهود بلادهم لتحقيق السلام في السودان، رغم التحديات في جنوب السودان.

وأوضح أن وساطة جنوب السودان هي وفاء لدين لدور يستمر السودان في القيام به، لتحقيق السلام في جنوب السودان، لافتا إلى أن جنوب السودان لم تسير في طريق السلام وحدها، حيث تلقت دعما وتشجيعا من الأسرة الدولية والمجتمع الإقليمي.

وحث الرئيس سلفاكير، عبد العزيز الحلو رئيس “الحركة الشعبية شمال جناح الحلو”، وعبد الواحد نور رئيس “حركة تحرير السودان جناح عبد الواحد نور”، الانضمام إلى السلام، مشددا على أن جنوب السودان لن تتوانى عن الاستمرار في جهودها لتحقيق السلام.

وأكد الالتزام بتحقيق المصالحة والسلام في جنوب السودان ومعالجة الخلافات بالحوار.

ترحيب ودعم

انهالت رسائل الترحيب والدعم والتبريك، على نجاح توقيع اتفاق السلام السوداني، من عددٍ من الدول والمنظمات العربية والإقليمية، جاء أبرزها، من الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي.

فقد هنأ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، السودان، بتوقيع اتفاق السلام.

وقال آل نهيان، عبر حسابه الرسمي في تويتر: “خالص التهنئة للسودان الشقيق، بتوقيع اتفاق السلام.. بإذن الله تكون هذه الخطوة بداية لعهد جديد من البناء والتعايش والاستقرار.. دولة الإمارات كانت وستظل إلى جانب السودان في مسيرته نحو التنمية والسلام.”

كما رحبت الأردن، بتوقيع اتفاق چوبا للسلام بين الحكومة الانتقالية السودانية وعدد من الحركات المسلحة، في مدينة چوبا عاصمة جمهورية جنوب السودان.

وأكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي -في بيان أوردته “وكالة الأنباء الأردنية”، السبت، أهمية هذا الاتفاق الذي يعد خطوة تاريخية على طريق تكريس الأمن والاستقرار في السودان وتلبية طموحات الشعب السوداني في النمو والازدهار.

ورحبت وزارة خارجية مملكة البحرين كذلك، بالتوقيع على اتفاق السلام بين حكومة جمهورية السودان وعدد من الحركات المسلحة الذي جرى اليوم في مدينة جوبا بجمهورية جنوب السودان، مشيدة بهذه الخطوة المهمة التي من شأنها أن تسهم في طي صفحة الصراع العسكري المرير وتحقيق الأمن والاستقرار في السودان الشقيق.

ونقلًا عن “وكالة الأنباء البحرينية (بنا)”، مساء السبت، أعربت وزارة الخارجية عن تقديرها لدور جمهورية جنوب السودان والجهود التي قامت بها من أجل التوصل إلى هذا الاتفاق، مما سوف يمكن الشعب السوداني الشقيق من تحقيق تطلعاته للسلام والاستقرار والازدهار، مجددة موقف مملكة البحرين الداعم لجمهورية السودان الشقيقة في جهودها لتحقيق الأمن والسلم في كافة الأراضي السودانية ودفع مسيرة التنمية الشاملة لما فيه الخير والنماء للشعب السوداني الشقيق.

من جانبه، أعلن وزير الدولة للشؤون الأفريقية السعودي، أحمد قطان، عن استمرار المملكة العربية السعودية في دعم سيادة السودان ليستعيد مكانته الدولية.

ووفقا لقناة “العربية”، قال السفير أحمد قطان، إن السعودية تشيد بالتوصل لاتفاق سلام في جوبا لدعم استقرار السودان.

وأكد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي، بصفته أحد الموقعين على الاتفاق – كشاهد، إن تطبيق اتفاق السلام يتطلب رص الصفوف من جميع القوى السودانية، داعيًا باقي الحركات المسلحة إلى الانضمام إلى اتفاق السلام في أسرع وقت، وفقًا لـ “سكاي نيوز”.

ربما يعجبك أيضا