وقف إطلاق النار في ليبيا.. خطوة على طريق الحل السياسي

محمود سعيد

رؤية

بعد أشهر من الصراع الدائر بين الأطراف المتناحرة في ليبيا، وفي بيانين متزامنين، أعلن المجلس الرئاسي لحوكة الوفاق الليبية فائز السراج، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وقفًا فوريًا لإطلاق النار والعمليات القتالية في كافة البلاد.

ويشمل بيان حكومة الوفاق تعليق كل العمليات العسكرية في كافة الأراضي الليبية، ودعا المجلس لانتخابات رئاسية وبرلمانية في مارس المقبل، مؤكدا أن تحقيق وقف إطلاق النار يقتضي أن تكون سرت والجفرة منزوعتي السلاح، على أن تقوم الأجهزة الشرطية من الجانبين بالاتفاق على الترتيبات الأمنية داخلهما.

وتؤكد الوفاق على أنه لا يجب التصرف في إيرادات النفط إلا بعد التوصل إلى ترتيبات سياسية جامعة وفق مخرجات مؤتمر برلين، مطالبة بأن تكون المؤسسة الوطنية للنفط هي الوحيدة التي يحق لها الإشراف على تأمين الحقول والموانئ النفطية في جميع أنحاء ليبيا.

تحت عنوان بناء الوطن وضمان استقراره، أكد مجلس النواب الليبي، سعيه إلى طي صفحة الصراع والاقتتال وبناء الدولة عبر عملية انتخابية، عقب الإعلان عن وقف لإطلاق النار في كافة أنحاء البلاد.

ونظرا إلى تردي الخدمات والوضع الاقتصادي في ليبيا وظروف جائحة كورونا، إلى جانب اعتبار “المسؤولية الوطنية”، قال مجلس النواب الليبي إن صالح دعا إلى وقف إطلاق النار واستئناف إنتاج النفط وتجميد إيراداته في حساب خارجي للمصرف الليبي، مع عدم التصرف فيها إلا بعد التوصل إلى تسوية سياسية.

وشدد مجلس النواب الليبي على ضرورة تفكيك الميليشيات لاسترجاع السيادة الوطنية الكاملة، مضيفا أن وقف إطلاق النار يقطع الطريق على أي تدخلات عسكرية أجنبية وينتهي بإخراج المرتزقة، ويؤدي إلى تفكيك الميليشيات.

وجدد عقيلة صالح دعوته إلى تغليب مصلحة الوطن، قائلا “نرحب بدعوة السراج إلى وقف إطلاق النار وندعو لسرعة تشكيل المجلس الرئاسي الجديد، كما نهدف لقطع التدخلات الخارجية عبر توافق ليبي حقيقي”.

جاءت هذه البيانات بعد جهود دبلوماسية دولية ودعوات أمريكية وألمانية لجعل مدينتي سرت والجفرة منطقة منزوعة السلاح وفتح الحقول والموانئ النفطية.

ترحيب

ولاقت هذه الخطوة المهمة، ترحيبًا أمميًا حيث عبرت ممثلة البعثة الأممية في ليبيا ستيفاني وليامز، عن ترحيبها الشديد، قائلة في بيان نشر على تويتر “نرحب بشدة بالتوافق الهام بين بياني رئيسي المجلس الرئاسي ومجلس النواب الرامي لوقف إطلاق النار وتفعيل العملية السياسية في ليبيا”، واصفة بياني المجلس الرئاسي والبرلمان الليبي بـ”القرارات شجاعة”.

وتأمل وليامز في أن يؤدي هذا القرار إلى الإسراع في تطبيق توافقات اللجنة العسكرية المشتركة، والبدء بترحيل جميع القوات الأجنبية والمرتزقة الموجودة على الأراضي الليبية، داعية إلى التطبيق العاجل والسريع لدعوة الرئيسين لفك الحصار عن إنتاج وتصدير النفط، وتطبيق الإرشادات المالية التي ذُكرت في البيانين.

وأضافت: “حرمان الشعب الليبي من ثرواته النفطية يعتبر ضربًا من التعنت غير المقبول محليا ودوليا، وحثت جميع الأطراف إلى الارتقاء لمستوى المرحلة التاريخية وتَحمّل مسؤولياتهم الكاملة أمام الشعب الليبي”، لا فتة إلى أن المبادرتين تبعثا الأمل مجددا في إيجاد حل سياسي وسلمي للأزمة الليبية التي طال أمدها وصولا إلى تحقيق إرادة الشعب الليبي للعيش بسلام وكرامة.

من جانبه رحب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بإعلان وقف إطلاق النار في كافة الأراضي الليبية من قبل مجلس النواب وحكومة الوفاق، قائلا إن بيانات وقف العمليات العسكرية تشكل خطوة مهمة على طريق تحقيق التسوية السياسية وطموحات الشعب الليبي في استعادة الاستقرار.

فيما رحبت كندا بإعلان وقف إطلاق النار في ليبيا وحثت الأطراف الليبية على استئناف العملية السياسية.

ومن جهتها، رحبت الخارجية الإيطالية، بالتطورات الأخيرة في ليبيا، قائلة: “نأمل في تطبيق التصريحات بشأن استئناف إنتاج النفط في ليبيا وسيعد ذلك خطوة شجاعة نحو استقرار البلاد”.

واعتبرت السفارة الأمريكية في ليبيا البيان الأخير “خطوة مهمة لجميع الليبيين”، قائلة: “نرحب بالبيانات المتعلقة بوقف إطلاق النار ونعتبرها خطوة مهمهة للليبين”.

توتر

مع استمرار التوتر بين دول الاتحاد الأوروبي وتركيا، كان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قد أعلن أن قوى أجنبية تتدخل في الصراع الليبي وتنتهك حظر السلاح، مؤكدا تضامنه مع اليونان وقبرص ونريد خفض التصعيد.

وفي مؤتمر صحفي مشترك مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، قال ماكرون إن فرنسا وألمانيا ستتصرفان بطريقة منسقة وتريدان تهدئة التوترات واحترام السيادة، مشددا أنه على أوروبا أن تحمي سيادة دولها في شرق البحر المتوسط عندما تكون موضع شك.

من جهتها، قالت ميركل إن ألمانيا وفرنسا تريدان التأكد من أن ليبيا قادرة على تشكيل معالم مستقبلها.

وجاء الإعلان المفاجئ من الطرفين، بعد أشهر طويلة من رفض حكومة الوفاق وقف إطلاق النار، ما لم تبسط سيطرتها على سرت والجفرة.

وقبل أكثر من شهرين، كانت خطوط المواجهة قد استقرت حول مدينة سرت الاستراتيجية، الواقعة في منتصف الشريط الساحلي الليبي المطل على البحر المتوسط وقرب مرافئ النفط الأساسية.

الجامعة والبرلمان العربي

بدورها أعربت جامعة الدول العربية، اليوم الجمعة، عن ترحيبها بالإعلان المتبادل لوقف النار في ليبيا.

منا رحب الدكتور مشعل بن فهم السُّلمي رئيس البرلمان العربي، بالبيانات الصادرة عن رئيس المجلس الرئاسي بحكومة الوفاق فائز السراج ورئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح بوقف إطلاق النار وكافة العمليات القتالية في الأراضي الليبية، تمهيداً لتهيئة الأجواء نحو استئناف العملية السياسية في دولة ليبيا.

ودعا رئيس البرلمان العربي -في بيان اليوم الجمعة- جميع الأطراف الليبية إلى تحمل مسئوليتها الوطنية وتغليب مصلحة ليبيا وشعبها الشقيق فوق أي اعتبار من خلال حوار سياسي شامل باعتباره السبيل الوحيد لخروج ليبيا من أزمتها الراهنة وتحقيق ما يتطلع إليه الشعب الليبي من العيش بأمان وسلام وتنمية واستقرار.

ربما يعجبك أيضا