يستهلكه نصف سكان الأرض.. هل ينقذ الأرز العالم من أزمته الغذائية؟

سارة كريم

تسببت أزمة الأرز عامي 2007 و2008 في أعمال شغب من داكار إلى بنجلاديش، وفي ظل زيادة أسعار الحبوب والمواد الغذائية يبقى الحفاظ على أسعار الأرز وتوافره عاملا أساسيًّا في استقرار دول العالم.


تسبب الصراع الروسي الأوكراني في انهيار أحد أهم سلال الخبز في العالم، ويواجه العالم الآن منعطفًا تاريخيًّا في أسعار المواد الغذائية، وبالتالي ارتفعت أسعار القمح إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، وارتفعت أسعار الزيوت النباتية.

وأصاب القلق الدول المستوردة للغذاء، ومع وجود ما يكفي من الأرز فقد تضاعفت أسعار الأرز خلال أيام من فرض دولة فيتنام حظرًا على تصديره، بسبب أزمة الغذاء العالمية في عامي 2007 و2008، ما تسبب في أعمال شغب من داكار إلى بنجلاديش.

نظام الغذاء الأساسي لنصف سكان العالم

يعتبر الأرز هو المحصول الأهم والغذاء الأساسي لنصف سكان العالم، ويعاني حوالي مليار شخص من سوء التغذية، يعيشون في آسيا وغرب إفريقيا. ولم تتعلق أسوأ أعمال الشغب في أزمة الغذاء، عامي 2007 و2008، بسعر الخبز، ولكن بتكلفة وعاء من الأرز.

ويحول الأرز، في الوقت الحالي، بيننا وبين أزمة الغذاء التي تعد في مرحلة متقدمة، ولا يمكن للعالم أن يتجنب نوبة كبيرة من تضخم أسعار الغذاء، التي ستكون مؤلمة للغاية للدول المستوردة للغذاء، مثل مصر وتركيا وإندونيسيا. التي تزيد فيها معدلات الجوع على مستوى العالم، وستعاني الدول المتقدمة من ارتفاع حاد في أسعار المنتجات الغذائية في المتاجر الكبرى.

وارتفعت أسعار المواد الغذائية بالفعل إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، واستقر مؤشر منظمة الأغذية والزراعة للغذاء عند مستوى أقل من أعلى مستوى له على الإطلاق في عام 1974، حتى بعد تعديل القيمة الحقيقية، وفقاً لمعدل التضخم الحالي، بحسب ما نشرته بلومبرج 24 مارس 2022.

انعدام الاستقرار العالمي

ارتفعت أسعار القمح في أوروبا، عام 2021، بنسبة 65% تقريبًا بالقيمة الدولارية، فيما قفزت أسعار الذرة 38% تقريبًا، وارتفعت أسعار زيت النخيل بنحو 55% تقريبًا، وفي المقابل انخفضت الأسعار القياسية للأرز بنسبة 20% تقريبًا خلال الفترة ذاتها.

وتسبب مخزون الأرز الذي قل بسرعة، منذ أكثر من 10 سنوات، في انعدام الاستقرار العالمي، فقد كان العالم يستهلك المزيد من إنتاج الأرز في عامي 200 و2001، حتى مع سوء الأحوال الجوية التي أضرت بالمحاصيل الزراعية، وانخفضت مخزونات المحاصيل في عامي 2006 و2007، لتصل إلى أدنى مستوى لها منذ 20 عامًا.

الحكومات الآسيوية تعلمت الدرس

أصبح العالم حاليًّا في مكان أفضل، لأن الحكومات الآسيوية تعلمت الدرس من ارتفاع الأسعار سابقًا، ولأنها أمضت نحو 15 عامًا في دعم زراعة الأرز محليًّا، ومنذ عام 2007 فاق الإنتاج العالمي الطلبَ بقدر سنوي، ما أدى إلى زيادة هائلة في مخزونات الحبوب في العالم.

وسترتفع مخزونات الأرز العالمية في موسم المحاصيل 2021/ 2022 إلى مستوى قياسي لتصل إلى 190.5 مليون طن متري، بزيادة بأكثر من 150% من 75.4 مليون طن قبل الأزمة السابقة مباشرة، وفقًا لوزارة الزراعة الأمريكية.

هل تتأثر أسعار الأرز بالكمية المنتجة؟

يجري تداول الأرز بنحو بشكل ضعيف، والتغييرات الصغيرة في الصادرات والواردات لها تأثير كبير على الأسعار. وسجل إنتاج الأرز العالمي في موسم المحاصيل الماضي 509.6 مليون طن، وبلغ إجمالي التجارة العالمية 9.9% فقط من إجمالي هذه الكمية حوالي 50.6 مليون طن، وفي المقابل، جرى بيع أكثر من 25% من إجمالي إنتاج القمح العالمي خلال العام الماضي.

وفي عام 2008 عندما فرضت فيتنام حظرًا على تصدير الأرز، وهي ثاني أكبر دولة مصدرة للأرز في العالم، بحسب اقتصاد الشرق من بولمبرج 25 مارس الجاري، تبعتها دول أخرى مثل الهند والصين وكمبوديا، ما أدى إلى إغلاق السوق بالكامل بقدر فعال، وتبع ذلك حالة من الذعر، فقد اشترت الفلبين كمية من الأرز تعادل ما تستورده عادة في سنة كاملة خلال 4 أشهر فقط.

الأسعار بعد الحرب

زادت واردات السعودية من الأرز بنسبة 90% التي عززت احتياطاتها، وكانت النتيجة هي أكبر زيادة دراماتيكية في الأسعار تشهدها سوق الأرز على الإطلاق، فقد ارتفعت الأسعار إلى حوالي 1100 دولار للطن من حوالي 480 دولارًا في 8 أسابيع فقط.

ويباع الأرز حاليًّا بـ405 دولارات للطن، مقارنةً بـ410 دولارات قبل الغزو الروسي لأوكرانيا قبل شهر تقريبًا، ويجب أن تبقى أسعار الأرز دون تغيير إذا أراد العالم تجنب حالة طوارئ غذائية كاملة، ويجب على المخزونات العالمية الوفيرة من الحبوب المساعدة في الحفاظ على الأسعار.

العوامل المؤثرة في الأسعار

3 عوامل بإمكانها رفع الأسعار، الأول خارج عن سيطرة أي شخص، وهو سوء الأحوال الجوية، لا سيما الرياح الموسمية الآسيوية، وتشير التوقعات الأولية في الوقت الحالي إلى أن موسم الأمطار لعام 2022 في الهند قد يكون طبيعيًّا.

ويمكن أن يشكل واضعو السياسات العامل الثاني والثالث، فهم بحاجة إلى دعم المزارعين الآسيويين لمواجهة الارتفاع القياسي في أسعار الأسمدة والوقود، ما يعني تقديم الإعانات التي يمكن للمصارف الإنمائية المتعددة الأطراف أن تساعد فيها.

والأهم من هذا أنهم بحاجة إلى إبقاء السوق مفتوحة، فإذا قام مصدرو الأرز الأساسيون، خاصة الهند وفيتنام، بتقييد صادرات الأرز هذا العام، فقد يؤدي ذلك إلى إثارة حالة من الذعر، ويجب على نيودلهي وهانوي تفادي الانسياق وراء هذا القرار، فهناك الكثير من الأمور على المحك.

ربما يعجبك أيضا