يو إس توداي| كيف تغير الإرهاب منذ 11 سبتمبر ولماذا لن تتوحد أمريكا؟

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – آية سيد

عقب أيام من اختطاف مسلحين إسلامويين لأربع طائرات تجارية وتنفيذ هجمات 11 سبتمبر الإرهابية، ظهر ملصق على جدران المباني المجاورة لموقع مركز التجارة العالمي (جراوند زيرو) في مانهاتن السفلى. حمل الملصق صورة بالأبيض والأسود لأسامة بن لادن، الجهادي الملتحي الذي نظم الهجمات الإرهابية الأكثر دموية على أمريكا من مخبأه في أفغانستان، ووُضِع على وجه بن لادن نقطة الهدف – مثل التي نراها في ميدان الرماية.

واليوم، ذلك الملصق يبدو مثل بقايا قديمة لفترة شبه منسية من التاريخ.

والآن بعد 18 عامًا من الهجمات التي أودت بحياة 3 آلاف شخص تقريبًا، نواجه نوعًا آخر من الإرهاب نابعًا منّا.

الإرهاب الإسلاموي لا يزال تهديدًا حقيقيًّا

ما سبق لا يعني الانتقاص من تهديد الإرهاب الذي ينفذه الجهاديون الذين يؤمنون بنسخة محرفة من العقيدة الإسلامية – بأنهم يستطيعون دخول الجنة عن طريق قتل "كفار العالم وأمريكا" – ولا يزال بينهم أشخاص كُثر يتمسكون بتلك العقلية المشوهة.

منذ عامين فقط، تعرّض ثمانية أشخاص للدهس والقتل على ممر للدراجات على طول طريق ويست سايد السريع – بالقرب من جراوند زيرو – على يد رجل يقود شاحنة مستأجرة والذي يُزعم أنه يدعم "داعش". وقبلها بعام، قام رجل يزعم أنه يدعم أسلوب بن لادن الإرهابي بتفجير قنابل في سي سايد بارك وفي حي تشيلسي بمانهاتن، ولحسن الحظ لم يُقتل أحد لكن أُصيب 35 شخصًا، من بينهم ثلاثة ضباط شرطة ممن أمسكوا بالمشتبه به في تبادل لإطلاق النار. وفي 2013، فجّر أخوان اعتنقا الآراء الإسلاموية قنبلتين في ماراثون بوسطن، وتسببا في مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة مئات آخرين، ثم قتلوا ضابط شرطة وجرحوا ضابطًا آخر والذي تُوفي لاحقًا.

هذه مجرد أمثلة قليلة يوجد الكثير منها.

لكن عدد حوادث الإرهاب الإسلاموي بات يتجاوزه الآن نوع آخر من الإرهاب في صورة إطلاق نار جماعي من القوميين التابعين لجناح اليمين. 

الإرهاب الأبيض في ارتفاع خطير

افتتحت رابطة عدم التشهير تقريرها الأخير عن التطرف بعبارة: "2018 كان عامًا نشيطًا لجرائم التطرف اليميني".

ومضى التقرير، الذي روى أعمال القتل المتطرفة لعام 2018، وهو آخر سنة توفرت فيها إحصاءات عن جرائم القتل هذه، مضيفًا أن "كل عملية قتل متطرفة واحدة – من بيتسبيرغ إلى باركلاند – لها صلة بالتطرف اليميني".

بيتسبرغ كانت المسرح لجريمة قتل 11 شخصًا في معبد يهودي على يد رجل يغلي بمشاعر معادية للسامية. وكان عدد القتلى في المدرسة الثانوية في بارك لاند، فلوريدا، أكبر، 17 طالبًا ومدرسًا سقطوا ضحايا لشاب مضطرب والذي نشر رسائل على مواقع التواصل الاجتماعي أعرب فيها عن ازدرائه للمسلمين والأمريكيين من أصل أفريقي. 

وبحسب التقرير، قُتل 50 شخصًا على الأقل في جرائم متعلقة بالتطرف في جميع أنحاء أمريكا في 2018. وفي العام السابق (2017)  قتل المتطرفون 37 شخصًا، غير أن تلك الأعداد تبدو صغيرة مقارنة بـ 2016، عندما مات 72 شخصًا على يد متطرفين، و2015، عندما قُتل 70 آخرون.

لم يكن كل هؤلاء المتطرفين قوميين يمينيين، غير أنه بحلول 2018، لاحظت رابطة عدم التشهير تحولًا يُنذر بالسوء. في ذلك العام وحده، "كل شخص من الجناة كانت له روابط بحركة يمينية متطرفة واحدة على الأقل".

هذا هو الجانب المظلم من أمريكا الآن، تريد فوكس نيوز تجاهله، والرئيس دونالد ترامب لن يخاطبه.

وبالنسبة إلى المحافظين بشكل عام، تذكر رد فعلهم في 2009 عندما اكتشفوا أن المحققين الفيدراليين قد اكتشفوا ارتفاعًا مُقلقًا في التهديدات المتطرفة اليمينية والتجنيد داخل الجيش الأمريكي؟ كان الاحتجاج عنيفًا جدًا لدرجة أن إدارة أوباما أخمدت الجهود لبحث ما اعتبره البعض في الإف بي آي ووكالات إنفاذ القانون ومكافحة الإرهاب الأخرى خطوة خطيرة. 

الآن نحن نرى النتائج.

وحتى الآن في 2019، شهدنا حوادث إطلاق نار جماعي – تُعرف بحادثة إطلاق نار عندما يسقط أربعة قتلى على الأقل – كثيرة.
إذن لماذا لا نسمي هذا إرهابًا؟

سمِّ الإرهاب باسمه

بالتأكيد، لم تصل الوفيات في حوادث إطلاق النار الجماعي إلى العدد المروع لهجمات 11 سبتمبر. لكن 17 طفلًا ومدرسًا ماتوا في مدرسة ثانوية؟ و11 مُصليًا في معبد يهودي؟ وحوالي 50 شخصًا في ملهى ليلي؟ وأكثر من 50 شخصًا في حفل موسيقي؟ أليس هذا إرهابًا؟!
بعد هجمات 11سبتمبر توحدت الأمة وراء معتقد بأننا نواجه عدوًا مشتركًا، والآن تمزقت تلك الوحدة بسبب نزاعات اليسار واليمين،  لدرجة أن أمريكا لا يمكنها حتى إجراء نقاش منطقي حول كيفية التعامل مع الموجة المرتفعة لحوادث إطلاق النار الجماعي. 

وهكذا، يتم اختزال الأمر في العبارات المبتذلة المعتادة من قادتنا المنتخبين، رسائل "الأفكار والصلوات" التي لا تعني شيئًا مع الأسف. 

وبعد ثمانية عشر عامًا من حشد أمريكا لمواجهة تهديد إرهابي جديد وخطير من المسلحين الإسلامويين القادمين من الخارج، نقف عاجزين في وجه نوع آخر من الإرهاب داخل حدودنا. 

إذا كنت تشك في هذا، فكر فيما حدث عندما أعلن وول مارت، أكبر متجر لبيع التجزئة في أمريكا، عن أنه لن يبيع نوع الذخيرة المستخدمة في الأسلحة النارية والأسلحة الهجومية.

يبيع وول مارت عدة أنواع من البنادق والذخيرة. لكن مع الأعداد المرتفعة لحوادث إطلاق النار التي ينفذها قتلة مسلحون بأسلحة هجومية والأمشاط ذات السعة الكبيرة التي تسمح لهم بإطلاق طلقات كثيرة سريعًا دون إعادة الشحن، توصل مدراء وول مارت إلى اتخاذ خطوة إيجابية عن طريق قطع سلسلة إمداد القتلة.

لقد كانت خطوة حكيمة. بعض المناصرين لتقنين حمل السلاح انتقدوها لكونها غير صارمة بما يكفي، لكن بالنسبة إلى مؤيدي حقوق حمل السلاح – وأبرزهم الاتحاد القومي للأسلحة ومجموعة المتطرفين المحيطة به – ستظن أن وول مارت يقترح نوعًا من الهرطقة.

وقد وصف الاتحاد القومي للأسلحة وول مارت بأنه "مدعاة للخجل"، وادّعى في بيان أن "أقوى دفاع عن الحرية كان دائمًا اقتصاد السوق الحرة". واستمر البيان ليتهم وول مارت بالخضوغ لـ"ضغوط النخب المعادية للسلاح".

ثم جاء هذا السطر المفاجئ: "الطوابير في وول مارت ستُستبدل قريبًا بطوابير في متاجر بيع تجزئة أخرى ممن هم أكثر دعمًا للحريات الأساسية لأمريكا".

بعبارة أخرى، كان الاتحاد القومي للأسلحة يخبر الأمريكيين بمقاطعة أكبر متجر لبيع التجزئة في البلاد. ربما لم يتحمل الاتحاد ملاحظة كل تلك الطوابير في الجنازات بعد كل حادث لإطلاق النار.

هذه هي أمريكا الآن.

لقد مضت ثمانية عشر عامًا منذ أن حوّلت طائرتان مختطفتان برجّي مركز التجارة العالمي في مانهاتن السفلى إلى كومة ضخمة من الحطام، 18 عامًا منذ أن اصطدمت طائرة مختطفة أخرى بالبنتاجون وتحطمت طائرة أخرى في حقل في بنسلفانيا.

لقد غيرنا الكثير من الأمور خلال تلك السنوات، لكننا تراجعنا للوراء بطرق أكثر بكثير.

حينها رأينا الإرهاب على حقيقته. لكننا الآن لا نستطيع حتى أن نتفق على ما نبحث عنه! 

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا