13 مصطلحًا يجب التوقف عن استخدامها في العلاقات الدولية

أميرة رضا

ترجمة بواسطة – آية سيد

من المعتقد على نطاق واسع أن المؤرخ والمحلل العسكري البروسي الشهير كارل فون كلاوزفيتز، مؤلف عبارة "ضباب الحرب"، على الرغم من أن ما كتبه حقاً هو: "الحرب عبارة عن عالم من عدم اليقين؛ إن ثلاثة أرباع العوامل التي تقوم عليها أعمال الحرب تُغطى بحالة  من عدم اليقين".

إن الكثير من الكلمات والمصطلحات الشائعة في الحوارات والنقاشات حول السياسة الخارجية والعلاقات الدولية لا تعني الكثير في الحقيقة؛ الكثير منها في منتهى الغموض. لذلك من أجل تفكير أوضح وسياسة أفضل, إليك عشرات المصطلحات التي سنصل إلى نتائج أفضل إذا توقفنا عن استخدامها.

المواطن المعولم: كثيراً ما يصف الناس أنفسهم كمواطنين معولمين أو يطلقون هذا المصطلح على غيرهم. مع هذا، المواطنة مفهوم قومي، مرتبط بالسيادة. لا يوجد ما يُسمى بالمواطن المعولم، بالرغم مما قد تنادي به مجموعة دافوس أو تطمح إليه. الأمر الذي سيكون أكثر نفعاً هو دعوة الناس لكي يصبحوا أكثر إطلاعاً على الشؤون العالمية، وهو شيء يحمل إمكانية جعلهم مواطنين أفضل لبلادهم، وهو ما قد يؤدي في المقابل لسياسة أفضل وربما حتى يجعل العالم مكاناً أفضل.

المجتمع الدولي: يتم استدعاء العبارة في كل مرة تحدث فيها أزمة في العالم، مثلاً، يجب أن يرد المجتمع الدولي على أعمال القتل في سوريا أو الاستفزاز النووي الأخير لكوريا الشمالية أو تغير المناخ. المشكلة هي إنه لا يوجد مجتمع دولي. سيتطلب الأمر وجود اتفاقية واسعة النطاق حول ما يجب فعله واستعداداً لفعله. إن حظر المصطلح سيعني أن يتحمل الناس والحكومات مسؤولية أكبر عما يحدث في العالم.

القوة الذكية: أولاً، كان هناك مصطلح القوة فقط، ثم القوة الخشنة، ثم القوة الناعمة. أخيراً، ظهر مصطلح القوة الذكية، الذي من المفترض إنه مزيج من المصطلحات السابقة. لكن المشكلة هي أن القوة الذكية ليست بهذا الذكاء. إنها لا تخبرك كيف تمزج الأشكال المختلفة للقوة (سواء عسكرية، أو دبلوماسية، أو اقتصادية، أو أيا كانت) من أجل الحصول على النتيجة المرجوة. إنها أشبه بوصفة تُدرج المكونات دون أن تخبرك عن كمية المقادير بالأكواب أو المعالق. حاول أن تخبز كعكة بهذه الطريقة.

الحق في تقرير المصير: كانت الفكرة مرتبطة في الأساس بعصر إنهاء الاستعمار، عندما كان من المعتقد أن الناس الذين يعيشون تحت الحكم الأجنبي والاحتلال لهم الحق في حكم بلادهم. لكن الآن بما أن المستعمرات أصبحت من الماضي، ليس من الواضح من يمتلك الحق في إعلان دولته، لأن هذا سيخرج من بلد شخص آخر. هذا يشمل، على سبيل المثال، البشكنج، وأهل كيبيك، والفلسطينيين، والأكراد. وعلاوة على هذا، اجتزاء دولة جديدة سوف يؤثر ليس فقط على من يعيشون هناك والدولة القائمة وإنما على جيرانها أيضاً. إن تقرير هذه الأمور بصورة منفردة يستدعي المشاكل. هذا الحق باطل.

مناضل من أجل الحرية: المناضل من أجل الحرية ليس مجرد شخصية رومانسية وإنما شخص يستخدم العنف لدفع قضيته السياسية. وهكذا فإن المناضل من أجل الحرية يشبه إلى حد كبير الإرهابي، الذي يريد معظمهم القتل والتخريب من أجل خلق بديل سياسي لا علاقة له بالحرية. لذلك دعنا نتفق على أن نسمي الإرهابيين باسمهم.

القوة العظمى: كان المصطلح رائجاً أثناء الحرب الباردة وكان يُطلق على كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي. لكنه كان يحمل نوعاً من المبالغة. على الرغم من أن كلاهما كان يمتلك ترسانات نووية ضخمة يمكنها تدمير العالم، إلا أن أي منهما لم يكن قوة عظمى. خسرت الولايات المتحدة حرباً في فيتنام؛ وفشل السوفيت في أفغانستان. إن حقيقة إنه لم يعد هناك إتحاد سوفيتي تشير إلى أنه لم يكن بهذه الدرجة من العظمة. وحتى في الوقت الحالي توجد حدود لما تستطيع الولايات المتحدة تحقيقه. القوة ليست نفس الشيء مثل النفوذ. من الأفضل أن تتقاعد القوة العظمى.

الضربة الجراحية: الكثير من الجنرالات الذين تنقصهم الخبرة العملية يطالبون بشن "ضربات جراحية" التي يقصدون بها هجمات دقيقة على بعض الأهداف بطريقة تدمرها بتكلفة ضئيلة وتسبب خسائر محدودة. هذا الخيار نادراً ما يكون متاحاً، والزعم بإنه كذلك يجعل الهجمات تبدو ذات منافع أكبر وتكلفة أقل مما هي عليه في الواقع. تتجاهل العبارة أيضاً حقيقة إنه مهما تم تنفيذها بدقة، فإن أي ضربة من أي نوع من شأنها أن تؤدي إلى الرد، وهو ما قد يؤدي إلى شيء فوضوي وباهظ التكلفة بجميع المقاييس – سواء إنسانية، أو سياسية، أو مالية. ما قد يبدأ كضربة جراحية يمكن أن ينتهي كورطة كبيرة.

المشاركة: هذه الكلمة هي أكثر الكلمات غموضاً في الحديث الدبلوماسي. يبدو إنها تعني التحدث أو التعامل مع أو أي شيء – ما عدا الهجوم أو التجاهل. الجميع يدعون إليها، ولا أحد يقول ما تعنيه. الأفضل هو شرح المطلوب والاستغناء عن هذه الكلمة.

الجنود على الأرض: هذه عبارة شائعة الاستخدام للإشارة إلى إرسال الجنود إلى مكان ما. الشيء غير الواضح هو المهمة. الجندي يلمس الأرض متى تم إرساله إلى أي مكان لأي غرض. لكن عبارة "الجنود على الأرض" تشير عادةً إلى الجنود في الحروب التقليدية أو الحالات القتالية الأخرى، وليس عندما يعمل الجنود الأمريكيون كمستشارين أو مدربين – مثلما يفعل الآلاف الآن في العراق والمئات في سوريا. إن العبارة لا تفشل فحسب في التفريق بين هذه الحالات، لكن حتى إذا بدأ الانتشار في دور واحد، يمكن أن يتطور سريعاً إلى دور آخر. من الأفضل ترك هؤلاء الجنود في المنزل.

عملية السلام في الشرق الأوسط: هذه العبارة تشير دائماً تقريباً إلى الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي ولذلك فهي موجودة منذ فترة طويلة. إن العبارة مُضللة، وتشير إلى أن اتفاقية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين سوف تحقق السلام في الشرق الأوسط في الوقت الذي لن تؤثر فيه، في الواقع، على الصراعات في العراق وسوريا وليبيا واليمن وغيرها. أضف إلى هذا، لا توجد عملية سلام شاملة في المنطقة ولا يمكن أن تكون، بالنظر إلى الصراعات الكثيرة وأسبابها المتعددة.

التجارة العادلة: هذا هو المصطلح البديل للتجارة الحرة الذي يستخدمه النقاد الذين يميلون لمعارضة أية اتفاقية تجارية يمكن التفاوض عليها والتي ليست منحازة لصالح بلدهم وحده أو التي تبدو إنها في صالح الطرف الآخر. من الصعب أن تقف ضد التجارة العادلة, لأن العدل شيء جيد, باستثناء أن الحقيقة المؤلمة هي أن التجارة العادلة تعبير ملّطف لمذهب الحماية الاقتصادية، الذي يُعتبر عدو التجارة. ما يزيد الأمور تعقيداً هو أن التجارة الحرة في أفضل الأحوال هي تجارة عادلة – في أن كلا الطرفين يتنازلان في بعض التفاصيل لكنهما يستفيدان بشكل كلي.

الحوار الاستراتيجي: تستخدم البيروقراطية هذه العبارة لوصف ما كان يُقصد أن يكون حواراً حساساً ورفيع المستوى بين حكومتين حول أمور تخص الأمن القومي. المشكلة هي أنه في الوقت الذي تقام فيه هذه الحوارات، يكون هناك الكثير من الأشخاص في الغرفة لدرجة إنه لا يمكن إثارة القضايا الحساسة أو إذا أثيرت, يكون ذلك بطريقة سطحية. إن الحوار الاستراتيجي الحقيقي يتجه لأن يكون حواراً على الطريقة القديمة بين المسؤولين الكبار مع حضور القليل من المساعدين ذوي الرتب الأقل, إن وجدوا.

النظام الديموقراطي الليبرالي: هذا وصف شائع يستخدمه الأكاديميون والخبراء لوصف العالم ما بعد الحرب العالمية الثانية. ما يطرأ على الذهن هو الإمبراطورية الرومانية المقدسة في العصور الوسطى، التي مثلما قال فولتير: "لم تكن مقدسة، ولا رومانية، ولا إمبراطورية". مع الأسف، النظام الديموقراطي الليبرالي لم يعد ليبراليًا ولا ديموقراطيًا, ولا منظمًا؛ لأن العالم لم يعد كذلك.
 
أنا أشك أن التخلص من هذه الكلمات والعبارات في مزبلة التاريخ سوف يحقق السلام العالمي (وهي عبارة أخرى ينبغي إلغاؤها), لكنها ستكون بداية جيدة.

المصدر – فورين بوليسي

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا