20 عامًا على الغزو الأمريكي للعراق.. كيف استغلت إيران «الخطيئة الأصلية»؟

إسراء عبدالمطلب
20 عام على الغزو الأمريكي للعراق

بعد 20 عامًا على الغزو الأمريكي للعراق ثبت أن إيران هي المستفيد الوحيد من هذا الغزو في مقابل تآكل صورة الولايات المتحدة بالمنطقة.


بعد مرور 20 عامًا على الغزو الأمريكي للعراق، وصفه محللون بأنه كان “الخطيئة الأصلية” التي استتبعت كثيرًا من الخطايا.

وفي هذا الصدد، قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، إن واشنطن سلّمت العراق هدية لطهران على طبق من ذهب، بالغزو الذي سمح بتدفق الإيرانيين إلى الأماكن الدينية بالجنوب، كإحدى العواقب “غير المقصودة”.. فكيف استفادت إيران من الغزو الأمريكي للعراق؟

قاسم سليماني

قاسم سليماني

دور قاسم سليماني

وفق تقرير، حقق قاسم سليماني، الذي قاد أحد أقوى اذرع الحرس الثوري الإيراني، فيلق القدس، مكانة شبه أسطورية في العراق، كقوة مؤثرة ساعدت في ربط العراق وإيران بعد الغزو.

ويعود الفضل إلى سليماني، الذي اغتالته الولايات المتحدة في العام 2020، في جزء كبير من نفوذ إيران في كل جانب من جوانب الأمن والسياسة العراقية تقريبًا، على حد تعبير التقرير.

الخطيئة الأصلية

بالتزامن مع ذكرى الغزو الأمريكي للعراق، أمس الاثنين 20 مارس 2023، نقلت نيويورك تايمز عن محللين ومسؤولين أمريكيين سابقين أن توسيع نفوذ طهران في بغداد، كشف عن العواقب غير المقصودة لاستراتيجية واشنطن بعد غزو العراق في 2003، وكذلك أضر بعلاقة الولايات المتحدة بحلفائها الإقليميين.

وقال محلل شؤون وأمن الشرق الأوسط في المعهد الدولي البريطاني للدراسات الاستراتيجية إميل حكيم، إن الغزو الأمريكي للعراق كان “الخطيئة الأصلية” للولايات المتحدة، وساعد إيران على تعزيز مكانتها من خلال افتراسها العراق، حسب ما نقلت الصحيفة.

تآكل صورة الولايات المتحدة

أوضح حكيم أن إيران أتقنت في العراق كيفية استخدام العنف والميليشيات، لتحقيق أهدافها، ما أدى إلى تآكل صورة الولايات المتحدة، وبالتالي تفكك المنطقة.

ورفضت وزارة الخارجية الأمريكية التعليق على تأثير الحرب في العراق، قائلة إنها نفضل النظر إلى الأعوام الـ20 المقبلة، بدلًا من النظر إلى الخلف، مضيفة: “تطورت شراكتنا اليوم 360 درجة، حتى وصلت إلى ما هو أبعد من الأمن، حتى تحقق نتائج للشعب العراقي.”

تعزيز قبضة إيران

في وقت لاحق، أدى استيلاء تنظيم داعش الإرهابي على منطقة كبيرة في شمال العراق إلى دفع البلاد للجوء إلى إيران والولايات المتحدة للمساعدة، ما عزز قبضة طهران بقدر أكبر، وفق التقرير.

وبقدر ما كان التورط الإيراني مزعزعًا للاستقرار، بالنسبة إلى العديد من العراقيين، كان كذلك مقلقًا لجزء كبير من بقية المنطقة. وفي أعقاب وفاة صدام حسين، أنشأت إيران ميليشيات موالية لها داخل العراق، واستمرت في دعم وكلائها، مثل مليشيا الحوثي في ​​اليمن.

تحييد العدو الأول لإيران

ذكرت نيويورك تايمز أنه في العام 1980، عندما غزا العراق دولة إيران، دعمت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى بغداد في الحرب بهدوء، وكان الصراع الذي دام 8 سنوات مدمرًا للغاية، لدرجة أن محللين يقولون إنه شكل عقلية جيل كامل من القادة الإيرانيين، ما جعلهم مصممين على عدم السماح للعراق مرة أخرى بأن يصبح قويًّا بما يكفي لمهاجمتهم.

وأضافت الصحيفة أن هذا قد يفسر لماذا منحت إيران المأوى والدعم للمعارضة العراقية على أساس طائفي، في ظل حكم صدام، وعندما أطاحت الولايات المتحدة به، حيّدت العدو الأول لإيران، دون أن تضطر طهران إلى تحريك ساكنًا، وبعد ذلك قلص الأمريكيون من قوة السنة في العراق من خلال تفكيك جيش البلاد، وتطهير النخبة الحاكمة التي يهيمن عليها السنة.

عدم الاستقرار العراقي

قال سفير الولايات المتحدة السابق في العراق، رايان كروكر، عن إيران، إن “ما كانوا يبحثون عنه وما زالوا يبحثون عنه ليس السيطرة الإيرانية بل إنه عدم الاستقرار العراقي”.

وبعد غزو العراق عام 2003، تدفق الإيرانيون كمهندسين على بغداد والجنوب، حيث الأماكن الدينية، لإعادة بناء المدن العراقية، ومستشارين سياسيين لتدريب النشطاء الموالين لهم قبل الانتخابات، وإعلاميين لإنشاء قنوات تلفزيونية مواليه لهم، على حد زعم الصحيفة.

ميليشيات إيران في العراق توسع نفوذها

ميليشيات إيران في العراق توسع نفوذها

إيران تجد حياتها في العراق

أشارت الصحيفة إلى أن الإيرانيين الذين منعهم صدام حسين من زيارة الأضرحة الشيعية في العراق، يسارعون الآن عبر الحدود إلى مدينتي كربلاء والنجف المقدستين، حيث استثمرت الشركات الإيرانية في الفنادق والمطاعم لملايين المصلين.

وبعد عزل إيران عن الاقتصاد العالمي بسبب العقوبات، وجدت شريان حياة اقتصاديًّا في العراق، الذي يشتري ما لا تقل قيمته عن 7 مليارات دولار من الصادرات الإيرانية سنويًا، ويبيع فقط ما قيمته 250 مليون دولار. وتضرب نيويورك تايمز مثلًا بأن العديد من الأدوية في العراق إيرانية الصنع، وأن كميات كبيرة من مواد البناء الإيرانية تدخل العراق مكدسة في قوافل الشاحنات عبر الحدود كل يوم.

تدخل إيران في الشؤون العراقية

يشتكي العديد من المزارعين ورجال الأعمال العراقيين، من أن إيران خنقت التصنيع والزراعة العراقية بإلقاء كميات كبيرة من المنتجات والسلع الرخيصة في العراق، حسب الصحيفة الأمريكية.

وعلى الرغم من أن الشيعة في النخبة السياسية العراقية تسامحوا مع أنشطة إيران واحترموا الجنرال سليماني، ساعد الاستياء من إيران بين العراقيين الآخرين في اندلاع مظاهرات حاشدة مناهضة للحكومة في عام 2019، طالب فيها المتظاهرون بإنهاء تدخل إيران في الشؤون العراقية.

انحصار الخيارات؟

قال أستاذ الشؤون الدولية ودراسات الشرق الأوسط في جامعة جونز هوبكنز، فالي نصر للصحيفة الامريكية، إن كل فرصة كانت متاحة في المنطقة، سقطت مثل قطع الدومينو لصالح إيران، مضيفًا أن استغلال ضعف العراق تحول تدريجيًّا إلى أداة سياسية خارجية قوية لإيران على المستوى الإقليمي.

ويرى أستاذ العلوم السياسية السعودي، هشام الغنام، أن “الشيء الوحيد الذي يمكن فعله هو أن نمنح العراقيين خيارًا غير إيران”، معقبًا: “لا يمكننا حصرهم ثم نلومهم على ذهابهم إلى الإيرانيين”.

ربما يعجبك أيضا