خبير استراتيجي لـ«رؤية»: بوتين يحوّل موسكو إلى بيونج يانج جديدة

رنا أسامة

انهماك فاجنر يؤشّر على إدماج المافيا الروسية المنتشرة واسعًا في دول شرق أوروبا بحرب بوتين في أوكرانيا


قال الخبير في الشؤون الدولية والاستراتيجية، أنس القصاص، إن الحرب الروسية الأوكرانية “حرب تقليدية تشنها جيوش ودول، وبعيدة تمامًا عن حروب العصابات وإن ادعت أطراف ذلك”.

ويُعتقد أن آلاف الأجانب، وغالبيتهم من أوروبا وأمريكا الشمالية، تطوّعوا للقتال في أوكرانيا، بحسب تصريح الزميل الباحث في الأمن الأوروبي بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة، إد أرنولد، إلى دويتشه فيله.

ماذا يحدث في الحروب البديلة؟

في حوار عبر تطبيق واتساب مع “شبكة رؤية الإخبارية” اعتبر القصاص أن التصريحات والأخبار التي تتحدث عن إغراق أوكرانيا بمقاتلين سواء من الجانب الروسي كمقاتلي الشيشان أو من الجانب الغربي يمكن تفسيرها في إطار ما يُطلق عليه الحروب البديلة،

وأوضح أن “الحروب البديلة تتولى الدولة العسكرية والاستخباراتية والأمنية خلالها مهمة التخطيط والتوجيه والقيادة والسيطرة على ميادين القتال، بصرف النظر عن كون القوات المحاربة نظامية تابعة لها رسميًّا أم لا، ويكون ذلك في ميادين الحرب المفتوحة التي قد يكلف التدخل الرسمي فيها أثمانًا باهظة، أو لإعداد ميدان القتال لشن عملية حربية كبرى، أو لإعاقة قوى مناوئة عن تنفيذ خطة غزو أو سيطرة”.

الاحتلال النازي لفرنسا وحرب بوتين.. ما الشبه؟

بدأت الحروب البديلة مع الاحتلال النازي لفرنسا في الحرب العالمية الثانية، بحسب القصاص الذي أوضح أن “الحلفاء ممثلين في القوات الجوية البريطانية الخاصة، والقوات البريطانية بعيدة المدى، ومكتب الخدمات الاستراتيجية الأمريكي، أنزلوا معدات وقوات خلف خطوط التمركز النازية لتدريب المقاومة الفرنسية على السلاح ضد قوات الفيرماخت، كعملية تمهيدية لخلخلة التمرّس النازي على شواطئ النورماندي خلف حائط الناتو المنيع”.

ورأى القصاص أن “هذه العملية تشبه إلى حدٍّ كبير ما يحدث الآن في أوكرانيا بإمدادت سلاح وقوات شبه عسكرية مُدربة جيدًا يسعى من خلالها الحلف الأوروبي الأمريكي لإعاقة السيطرة الروسية على الأقاليم الأوكرانية، خصوصًا أقاليم غرب نهر دنيبرو، مع توسيع عمليات الاستنزاف بما يصب في صالح الاستراتيجية الغربية لمحاصرة موسكو سياسيًّا واقتصاديًّا واستنزاف قوتها العسكرية”.

الاحتلال النازي لفرنسا خلال الحرب العالمية الثانية

ماذا عن هيكل القوات البديلة في حرب بوتين؟

بخصوص هيكل القوات البديلة في حرب بوتين، أشار القصاص إلى أنه “رغم قلة البيانات المتاحة، يمكن أن نلاحظ دورًا واسعًا لمقاتلين شيشان بقيادة رمضان قديروف، ومجموعة فاجنر التي تعرّض مديرها يفغيني بريجوزين هو وكل أسرته لعقوبات مالية أمريكية وأوروبية”.

وقال إن “انهماك فاجنر في الحرب الأوكرانية يؤشّر على إدماج المافيا الروسية المنتشرة واسعًا في دول شرق أوروبا، لا سيّما بلغاريا ورومانيا وبيلاروسيا والمجر في الحرب، وإن كان على نحو مبسط في البداية”، منوهًا بأن الاتحاد الأوروبي فرض العام الماضي عقوبات على الشركة الروسية الخاصة للتعاقدات العسكرية فاجنر، بسبب أعمال وصفها بـ”المزعزعة للاستقرار” بأوكرانيا ودول إفريقية من بينها مالي.

فاجنر scaled

فاجنر.. ماذا تفعل في أوكرانيا؟

زعمت تقارير بإرسال روسيا مئات من مرتزقة فاجنر لاغتيال الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلنسكي، وتحدّث مسؤولون أمريكيون عن مؤشرات على تورّطها في حرب بوتين، واتهمتها أوكرانيا لسنوات بالقتال في لوغانسك ودونيتسك الانفصاليتين منذ الضم الروسي لشبه جزيرة القرم في عام 2014، ووصفها رئيس أجهزة الأمن الأوكرانية بـ”جيش بوتين الخاص”.

وبينت رئيسة مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة، سورتشا ماكليود، لصحيفة ذي إيكونوميست البريطانية، أن فاجنر “غير موجودة قانونًا، وليست لها إقرارات ضريبية ولا مكتب توظيف” وأنها كينات ضبابية من شركات ومجموعات يُزعم ارتباطها بالجيش الروسي، أسسها العميد السابق في الجيش الروسي، ديمتري أوتكين، ويُعتقد أنها مُموّلة من يفجيني بريجوزين، رجل الأعمال ذي الصلة وثيقة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكنه ينفي.

يفغيني بريجوزين وفلاديمير بوتين

هل سيتأثر الوجود الروسي بإفريقيا؟

يرى القصاص أن الحرب الروسية الأوكرانية ستؤثر كثيرًا على الوجود الروسي عامة في الأقاليم البعيدة، بما في ذلك غرب إفريقيا والساحل والصحراء، مكملًا: “في ظني أن الأدوار الروسية عمومًا ستأخذ طور الانكماش لحين مرور الـ6 أشهر الأولى وتبيان حصيلة الخسائر الروسية في الحرب والعقوبات (الغربية) المفروضة على موسكو، حينها يمكن النظر في شكل الانتشار الروسي في الأقاليم البعيدة”.

وأردف: “توجد تقديرات تشير إلى أن العقوبات الأمريكية والأوروبية ستكسر قوائم الدب الروسي وتُحوّل موسكو إلى بيونج يانج جديدة”. وتخضع كوريا الشمالية لعقوبات غربية متعلقة ببرنامجها النووي وانتهاكات حقوقية، ففي 11 مارس الجاري، فرضت الخزانة الأمريكية عقوبات على روسيين اثنين و3 كيانات روسية لدعمهم برامج أسلحة دمار شامل وصواريخ باليستية لبيونج يانج.

منذ عام 2016، نمت بصمة المرتزقة الروس من 4 إلى 28 دولة، منها 18 بإفريقيا، وفق مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، وقال رئيس قيادة العمليات الخاصة في إفريقيا، الأدميرال البحري الأمريكي ميلتون ساندس، لواشنطن بوست الأمريكية إن “مرتزقة فاجنر يزعزعون استقرار البلاد، يدمرون الموارد المعدنية ويجنون أكبر قدر من المال قبل أن يقرروا المغادرة، وتُصبح البلاد أفقر وأضعف وأقل أمنًا”.

مرتزقة روس في إفريقيا

الأزمة الأوكرانية.. هل تستغلها تنظيمات مُسلحة؟

توجد مؤشرات على استغلال تنظيمات مسلحة للحرب الروسية الأوكرانية، وسط تقارير عن تحركات لمرتزقة في ليبيا ومناطق الساحل والصحراء صوب أوروبا. غير أن المُكون الرئيس في الخطة الغربية لمواجهة الغزو الروسي، بحسب القصاص، سيعتمد في الغالب على قوات خاصة تُدرب وتقود العمليات، إلى جانب شباب أوكراني وإفريقي أو لاتيني، إن لزم الأمر.

وتوقع الخبير في الشؤون الاستراتيجية والدولية أن “تؤثر حركة المسلحين في سياقات الأمن الدولي المتعددة”، مرّجحًا أنه “مع ارتفاع غيوم الحرب لن يلقي أحد بالًا لذلك لأن فاتورة العسكرة ستُدفع بعد انتهاء الحرب”.

اقرأ أيضًا:

التطوع للقتال في الحرب الروسية الأوكرانية.. هل يُشعل التطرف بأوروبا؟

بؤر جهادية علمانية.. “فيالق التطوع” تزحف إلى روسيا وأوكرانيا

الحرب الروسية الأوكرانية.. كيف عكست خلافات الجهاديين؟

ربما يعجبك أيضا