اشتعال حروب التجسس عالميًّا.. ما موقف أجهزة الاستخبارات في الشرق الأوسط؟

هالة عبدالرحمن

عالم التجسس يواجه تغييرات تكنولوجية وسياسية وقانونية واجتماعية وتجارية هائلة في ظل الحرب الروسية الأوكرانية


مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، بدأ فصل جديد لعمليات الاستخبارات والتجسس باستخدام التكنولوجيا وتجنيد الأفراد لاصطياد معلومات دقيقة قد تحسم المعركة المشتعلة منذ نحو 4 أشهر.

وأعلنت هولندا، الأسبوع الماضي، القبض على جاسوس روسي حاول التسلل إلى المحكمة الجنائية الدولية التي تحقق بشأن جرائم حرب في أوكرانيا، وتثبت تلك المحاولة وغيرها أن التجسس ملازم حيوي لبقاء الدول، وتنفيذ أجنداتها بالقوة، وفقًا لـ“فرانس 24”.

التجسس في معركة أوكرانيا

خبير شؤون الأمن القومي، اللواء محمد رشاد، أوضح في تصريحات لشبكة رؤية الإخبارية، اليوم الاثنين 20 يونيو 2022، أن الحرب المشتعلة في أوكرانيا تصنّف على أنها “حرب مدن” التي تختلف بدورها عن المعارك المفتوحة، ولذلك، فإنها تحتاج إلى معلومات تكتيكية وتفصيلية مؤكدة، مشددُا على أن مدى صحة المعلومات الاستخباراتية يؤثر في حسم الحرب.

وأوضح الخبير العسكري أن روسيا تعتمد على الأقمار الصناعية لرصد ميدان المعارك، ولكن الوضع على الأرض مختلف تمامًا ما يدفع إلى تغيير استراتيجية إدارة المعركة باستمرار. وأشار إلى أن روسيا لجأت إلى مجموعات الاستطلاع المتقدمة، بعد أن غيرت خططها من الموقف الاستراتيجي بعيد المدى إلى الموقف التكتيكي الذي يستهدف أهدافًا محددة في شرق وجنوب أوكرانيا.

كفاءة وقوة أجهزة الاستخبارات تحسم المعركة

الخبير العسكري أشار إلى أن كل أجهزة المخابرات الغربية تُستخدم لخدمة المعركة الأوكرانية في ظل قتال بعيد المدى في هذه الساحة، وسط تقديرات بأن حجم القوة الروسية يفوق بنحو 20 ضعف القوة الأوكرانية، موضحًا أنه مهما كان حجم ومستوى الدعم الأمريكي فإنه لا يمكن أن يسد هذه الثغرة.

وبشأن تقديراته النهائية لنتائج المعركة الدائرة، قال إن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لن يتخلى عن تحقيق غايته من الحرب، بعد أن أصبح الهدف الأول للولايات المتحدة والغرب.

موقف الأجهزة الاستخباراتية في الشرق الأوسط

لدى المجتمعات المغلقة الآن ميزة على المفتوحة، بحسب اللواء رشاد الذي أوضح أنه أصبح من الصعب على الدول الغربية التجسس على دول مثل الصين وإيران وروسيا، في حين من السهل على أجهزة مخابرات تلك الدول التجسس على بقية العالم، بسبب التقدم التقني الآخذ في التطور أيضًا.

وتحدث الخبير العسكري لـ”رؤية” بشأن موقف الاستخبارات بالشرق الأوسط تجاه الصراع بين أمريكا وروسيا، موضحًا أن التعامل سيكون مع النتائج وليس المجريات، مشددًا على أنه ليس في مصلحة أي دولة بالمنطقة التورط في مثل تلك النزاعات. مشيرًا في هذا الشأن إلى ما يثار بشأن تجنيد بعض العرب كمرتزقة داخل ساحات المعركة.

العمل الاستخباراتي في الغرب لا حدود له

رصدت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية تغييرًا رئيسًا آخر داخل الاستخبارات الغربية، موضحة أن الحدود بين عمل الاستخبارات في القطاعين العام والخاص أصبحت غير واضحة على نحو متزايد، بعد أن أصبح القطاع الخاص جزءًا أساسيًّا من عالم التجسس، وينتقل ضباط المخابرات إليه بمجرد ترك العمل الحكومي، ما يفتح باب تجنيد الروس عملاءً في أوروبا والولايات المتحدة.

ولم تعد وكالات الاستخبارات في الدول الغربية تتمتع بالمشروعية المعروفة عنها في الماضي أو البريق الذي صورته أفلام هوليوود عن التجسس، حسب توصيف “فورين بوليسي” التي أشارت إلى شكوك متنامية أحاطت بأجهزة الاستخبارات خصوصًا في ما يتعلق بالوسائل التي تستخدمها وأهدافها التي تتمحور أحيانًا حول جني المال وتحقيق المصالح الفردية.

ميزان القوى في عالم التجسس

استعرضت المجلة الأمريكية تاريخ العمل الاستخباراتي، مشيرة إلى أن التجسس آلية قديمة ظهرت مع بزوغ الإمبراطوريات، بداية من المدن اليونانية القديمة وصولًا إلى الشركات الأمريكية الحديثة التي حولت سرقة الأسرار التجارية إلى حرب لإراقة الدماء. ومع تحول الأساليب البدائية التقليدية إلى القرصنة عبر الإنترنت، ما زال الدافع الرئيس هو تحقيق أقصى قدر من الغنائم.

وقالت إن عالم التجسس يواجه تغييرات تكنولوجية وسياسية وقانونية واجتماعية وتجارية هائلة، وسيكون الفائزون هم أولئك الذين يخالفون القواعد القديمة للعبة التجسس، ويتبنون قواعد جديدة تتناسب مع استراتيجية الحرب.

ربما يعجبك أيضا