عمارة المدن الساحلية.. مصاطب متدرجة تستقبل نسيم البحر

شيرين صبحي

بماذا تمتاز المدن الساحلية عن غيرها من المدن؟ وفيما تختلف تفاصيل مفرداتها المعمارية والزخرفية؟


في المدن الساحلية، كثيرًا ما نلاحظ أن الأبنية المختلفة تأخذ شكل المصاطب المتدرجة، والسر وراء ذلك هو الاستفادة قدر الإمكان من نسيم البحر.

لتلك المدن المطلة على البحر أسلوب معماري خاص، أول محدداته أن تتأسس المدينة على الأخوار، وهي مصبات المياه، لتكون موانئ بحرية ترسو عندها السفن، ومن هنا يمكن القول بأن التخطيط العمراني للمدينة عمومًا يرتبط بالخور.. فماذا عن بقية ملامح العمارة بالمدن الساحلية؟

بيوت من الحجر المرجاني

الاماكن السياحية في تونس

مدينة سياحية في تونس

في دولة الإمارات، على سبيل المثال، سنجد أقدم هذه المدن، هي “جلفار” رأس الخيمة، ومثلها المدن الساحلية الأخرى في أبوظبي ودبي وعجمان والشارقة وأم القيوين. وعادة ما تكون البيوت التي تطل على الخور هي بيوت الشيوخ والتجار والأثرياء، وصممت البيوت لتستقبل الهواء من 4 جهات، للتخفيف من حدة الحر، وهي بيوت كبيرة تضم العائلات الممتدة، وفقًا لصحيفة “البيان”.

تبنى هذه البيوت من طابق واحد أو طابقين من الحجر المرجاني المستخرج من البحر، والحجر الصدفي الذي يستخرج من الخور، ويكون قويًّا يمنع تسريب المياه والرطوبة. وكذلك تستخدم مادة الجص في البناء. أما سقوف تلك المدن فكانت تبنى من جذوع النخيل، ثم تحولت إلى خشب “الجندل” الذي يأتي من الهند.

سقوف من جذوع النخيل

بعد البيوت المواجهة للخور، تأتي البيوت الطينية الصغيرة أو العرشان، التي استخدمت فيها براجيل من سعف النخيل، ويكون الهيكل من خشب الجندل والقواعد من الخيش، وهي تركب في فصل الصيف وترفع في الشتاء لعدم الحاجة إليها.

تتسع فتحات النوافذ أو تضيق تبعًا للظروف والمؤثرات المناخية، بين بيئة تبحث عن الحماية من أشعة الشمس وارتفاع درجات الحرارة، وبيئة أخرى باردة تبحث عن الدفء.

مدن البحر المتوسط

Santorini AR02082021 Cover 04 08

إحدى المدن الساحلية

عمارة المدن المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط في عمومها، إسلامية التأثر، كما يقول المصمم المعماري الليبي، جمال اللافي، في مدونته “الميراث”، مشيرًا إلى أنها مع بساطة تكويناتها وبياض سطوحها، اختلفت في تفاصيل مفرداتها المعمارية والزخرفية.

ويوضح اللافي أن تلك المدن تمايزت بتعدد ألوان سطوح مبانيها وتنوع تفاصيل مفرداتها المعمارية والزخرفية، بما يعكس التمايز في دياناتها وشرائعها، فطغى اللون الأزرق في طلاء الأبواب والشبابيك والقباب في مدن تونس واليونان، واحتفظت مدن أخرى بحالة التمايز اللوني تبعًا للعقيدة السائدة. وكانت المدن الساحلية في ليبيا الأكثر تمسكًا بثقافة اللون الأخضر.

رؤية البحر

سواحل أي دولة هي أحد الموارد الأساسية للدخل القومي، لذلك توجد مجموعة من الضوابط ينبغي الالتفات إليها، كما يوضح أستاذ نظريات العمارة بهندسة عين شمس، الدكتور محمد إبراهيم جبر، بداية من احترام حرم الشاطئ، وضرورة ترك مساحة للمحافظة على رؤية البحر.

ويقول جبر لـ”شبكة رؤية الإخبارية“، إن المحافظة على الإطلالة (الفيو) هو أحد الجوانب التي تجلب السياحة، وتساعد في التغلب على مشكلات نحر الشواطئ التي تسببها حركة الأمواج، حتى لا يصل النحر إلى العمران والأبنية.

التشكيلات العمرانية

amalfi wallpaper cartoon wallpapers 1024x640 1

إحدى المدن الساحلية

يتحدث الدكتور جبر أيضًا عن تزاوج التشكيل، لأن البحر المسترسل في اتجاه الأفق يحتاج إلى نوع من أنواع التدرج التشكيلي، الذي يعمل على التقاء الشاطئ واليابسة، بمعنى أن التشكيلات العمرانية على المناطق الساحلية، تنبغي صياغتها بنوع من التوافق مع البيئة.

هذا التوافق يأتي باختيار الألوان والعمق في التشكيل، بالألوان التي تقترب من ألوان البحر وامتداده مع السماء، وبالتالي تكون التشكيلات بسيطة، والألوان يكون فيها نوع من الهدوء، لأن هذه المناطق مخصصة للاسترخاء.

ويوضح جبر أنه قبل وضع تصور تخطيطي لأي مدينة ساحلية، يجب عمل دراسات بيئية على الأصعدة كافة، من طبيعة حركة الأمواج، ومستوى النحر المتوقع للشاطئ، ومدى ارتفاع منسوب المياه، وغيرها.

ربما يعجبك أيضا