هجمات متبادلة بين أمريكا والجماعات المدعومة إيرانيًّا في سوريا.. هل تعرقل الاتفاق النووي؟

آية سيد

شهدت الأيام الماضية تصاعدًا في الهجمات بين الجماعات المدعومة إيرانيًا والقوات الأمريكية في سوريا، ما يثير المخاوف بشأن تأثير ذلك في الاتفاق النووي.


شهدت الفترة الماضية تصاعدًا في هجمات الجماعات المدعومة إيرانيًّا على القوات الأمريكية الموجودة في سوريا، ما دفع القوات الأمريكية إلى الرد جوًّا.

وتأتي هذه الهجمات في وقت حرج من العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، بعدما باتت إعادة إحياء الاتفاق النووي وشيكة، فهل تتأثر جهود إحياء الاتفاق النووي بين طهران والغرب بالهجمات المتبادلة بين القوات الأمريكية والجماعات التي تدعمها إيران في سوريا؟

ضربات جوية دقيقة

بحسب بيان للقيادة المركزية الأمريكية، نفذت القوات الأمريكية، بتوجيه من الرئيس جو بايدن، ضربات جوية دقيقة في محافظة دير الزور السورية، أول من أمس الثلاثاء 23 أغسطس. وذكر البيان أن هذه الضربات “استهدفت منشآت البنية التحتية التي تستخدمها الجماعات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني”.

وأوضح البيان أن الهدف من هذه الضربات الدقيقة هو “الدفاع عن القوات الأمريكية وحمايتها من هجمات مثل التي وقعت في 15 أغسطس الحالي ونفذتها جماعات مدعومة إيرانيًّا”. وقال البيان إن الولايات المتحدة الأمريكية “اتخذت إجراءً متناسبًا ومدروسًا يهدف إلى الحد من مخاطر التصعيد ومخاطر وقوع إصابات”.

أمريكا تستهدف مخابئ الذخيرة

لفت البيان إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تسعى للصراع، لكنها ستواصل اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية شعبها. ويشار إلى أنه في 15 أغسطس الحالي، استهدف هجوم بمسيرات مجمعًا تديره القوات الأمريكية وقوات المعارضة السورية في قاعدة التنف، شرقي سوريا، دون وقوع إصابات، ولم يعلن أحد مسؤوليته عن الهجوم.

وفي تصريحات لشبكة “سي إن إن“، قال المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية، العقيد جو بوتشينو، إن أمريكا استهدفت مجموعة من المخابئ المستخدمة لتخزين الذخيرة وتقديم الدعم اللوجيستي للجماعات المدعومة إيرانيًّا في سوريا. وبحسب بوتشينو، كان من المفترض أن تستهدف الضربات 11 مخبأً، لكنها ضربت 9 فقط بعد مشاهدة مجموعة من الأشخاص قرب المخبأين الآخرين.

التقييم الأولي للغارات الجوية الأمريكية

قال المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية، إن التقييم الأولي للضربات الجوية أشار إلى عدم وقوع قتلى، ولكن جماعات النشطاء وحقوق الإنسان المستقلة زعمت مقتل ما يصل إلى 10 أشخاص. وفي هذا السياق، ذكرت جماعة “دير الزور 24” أن 10 أشخاص على الأقل قُتلوا و3 آخرين جُرحوا.

وأشارت إلى أنهم “أجانب” وأعضاء في الحرس الثوري الإيراني، في حين أورد المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 6 أشخاص سوريين وأجانب على الأقل من جراء الضربات الجوية. ولفتت الجماعتان إلى أن الضربات الجوية استهدفت “معسكر عياش” الذي تديره جماعة “الفاطميون”، المكونة من مقاتلين شيعة من أفغانستان.

تنديد إيراني

على الجانب الآخر، شجب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، الضربات الجوية الأمريكية في سوريا، واصفًا إياها بأنها “انتهاك لسيادة الدولة واستقلالها ووحدة أراضيها”. وقال كنعاني إن الضربات الأمريكية “عمل إرهابي ضد الجماعات الشعبية التي تحارب الاحتلال”، نافيًا وجود أي علاقة بين تلك الجماعات وإيران.

وأضاف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أن الوجود المستمر للقوات الأمريكية في مناطق من الأراضي السورية يخالف القانون الدولي، ويعد انتهاكًا لسيادة سوريا واحتلالًا لها. وقال كنعاني: “يجب أن تغادر الولايات المتحدة الأمريكية سوريا على الفور، وتتوقف عن نهب مواردها”.

استمرار الهجمات

في استمرار للمواجهات بين القوات الأمريكية والجماعات المدعومة إيرانيًّا، تعرضت قاعدتان أمريكيتان لهجوم صاروخي، مساء أمس الأربعاء 24 أغسطس. وبحسب بيان للقيادة المركزية الأمريكية، سقطت العديد من الصواريخ داخل محيط قاعدة كونيكو في شمال شرق سوريا، وتبعها سقوط صواريخ أخرى في محيط قاعدة القرية الخضراء.

وبحسب البيان، فقد استخدمت القوات الأمريكية مروحيات هجومية للرد على الهجمات، ما أسفر عن تدمير 3 مركبات ومعدات مستخدمة في إطلاق بعض الصواريخ. وتشير التقييمات الأولية إلى مقتل 2 أو 3 مسلحين مدعومين من إيران، مشتبه في تنفيذهم أحد الهجومين، في حين تعرض 3 جنود أمريكيين إلى إصابات طفيفة.

لحظة حرجة

تأتي هذه التطورات في لحظة حرجة من تاريخ العلاقات الأمريكية الإيرانية، فيقترب الطرفان من إعادة إحياء الاتفاق النووي. وفي هذا الشأن، شدد مسؤول رفيع في الإدارة الأمريكية لـ”سي إن إن” على عدم وجود صلة بين الضربات الجوية الأمريكية وجهود إحياء الاتفاق النووي.

وقال: “الاتفاق النووي ليس له علاقة باستعدادنا وقدرتنا على الدفاع عن شعبنا ومصالحنا”. وذكر المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، أن الاتفاق النووي مع إيران سيتيح للولايات المتحدة الأمريكية “التصدي بفعالية أكبر لكل ما نواجهه من إيران ووكلائها والجماعات التي تدعمها في المنطقة”.

هل تقاوم أمريكا داعمي الإرهاب؟

قال نائب وزير الدفاع الأمريكي للشؤون السياسية، كولين كال، في مؤتمر صحفي إن “الضربات الجوية الأمريكية أظهرت أن التزام أمريكا بمقاومة دعم إيران للإرهاب والتشدد والتهديدات لمواطنينا في المنطقة والأماكن الأخرى ليس مرتبطًا بالاتفاق النووي”. ولفت كال إلى أن الهدف من الضربات الجوية هو ” أن لا تصل إيران إلى استنتاج خطأ بأنها يمكنها مواصلة ما تفعله دون عقاب”.

وعن آخر تطورات الاتفاق النووي، قالت وزارة الخارجية الإيرانية إنها تلقت الرد الأمريكي على المسودة النهائية للاتفاق عبر الاتحاد الأوروبي، أمس الأربعاء. وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني: “سوف تشارك إيران رأيها مع الاتحاد الأوروبي، بصفته منسق المحادثات النووية، فور إنهاء طهران مراجعة الرد الأمريكي”.

 

ربما يعجبك أيضا