أين تختبئ أعاصير كندا؟

بسام عباس

كندا هي ثاني أكثر دول العالم عرضة للأعاصير كل عام، ولكن هذه الأعاصير لا تزال بعيدة تمامًا عن التدقيق والمراقبة، فلم يعرف العلماء متى وأين تحدث؟


كشف علماء الأرصاد الجوية عن أن الأعاصير تضرب كندا بمعدل سنوي يصل إلى نحو 150 إعصارًا، إلا أن معظمها مجهول، ما يؤثر سلبًا في الطبيعة والسكان معًا.

وأفادت دراسات الأرصاد الجوية، أن العديد من الأعاصير القوية ذات التأثير التدميري في الطبيعة والحياة العامة، تضرب أراضي كندا بقوة، ما يدفع العلماء إلى دراسة التوقعات والتنبؤات في محاولة لتلافي الأضرار على البيئة والطبيعة.

نقص القدرات والبيانات

قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، في تقرير نشرته أمس الجمعة 10 مارس 2023، إن هذه الأعاصير رغم قوتها غالبًا ما يجرى تجاهلها، لأسباب عديدة، أبرزها أن خبراء الأرصاد الجوية لا يملكون القدرات والبيانات لرصدها وتحليلها، وهو ما له انعكاسات مستقبلية على نوعية الحياة في البلاد.

وأضافت أن العشرات من الأعاصير تضرب جنوب غرب أونتاريو وأجزاء من البراري الجنوبية، وفي المتوسط، تشهد البلاد نحو 60 إعصارًا سنويًّا، رغم تقدير الخبراء لما يقرب من 150 إعصارًا كل عام، ومعظمها يحدث في جنوب أونتاريو، وجنوب كيبيك، فإن هذه الحقائق لا تزال مجهولة لدى العلماء.

 

SCI tornadoes 02 pbwq superJumbo

سقوط الأشجار بسبب إعصار في ألونسا في 2018. كان الإعصار الأعلى تصنيفًا في أمريكا الشمالية

أعاصير مختبئة

أوضحت الصحيفة أن أخبار الكوارث الطبيعية تتصدر تقارير الصحف العالمية ووسائل الإعلام، ولكن الأعاصير الكندية تكاد تكون مختفية تمامًا، ما يطرح علامات استفهام عديدة حول حقيقتها، وهذه الأعاصير لا تزال بعيدة تمامًا عن التدقيق والمراقبة.

وأضافت أن السبب، وفق خبراء الطبيعة، هو أن كندا من الدول ذات الكثافة السكانية المنخفضة، رغم كبر مساحتها، ذلك أنها ثاني أكبر دولة في العالم من حيث المساحة بعد روسيا، ولكن معظم سكانها يعيشون قرب حدود الولايات المتحدة الأمريكية.

وتابعت: “ينتهي المطاف بالعديد من الأعاصير الكندية بالهبوط في مناطق لا يوجد فيها شهود أو سكان لرصد تأثيرات هذه الأعاصير في الحياة العامة، وهو ما يؤدي إلى وجود نقص في البيانات”.

SCI tornadoes mqbk superJumbo

مسار إعصار في روكديل أكتينوليت، أونتاريو

تعقب الأعاصير

ذكرت الصحيفة الأمريكية أن نقص البيانات يعد مشكلة رئيسة تنعكس سلبًا على السكان في المستقبل، فعادة ما يستغل خبراء الأرصاد الجوية دراسة نوعية الأعاصير وقوتها ومداها، للمساعدة في كيفية حماية السكان، وفي تجهيز البنى التحتية المناسبة.

وأضافت أن مجموعة من علماء الأرصاد الجوية وعلماء الطقس في مشروع نورثرن تورنادو، بجامعة ويسترن أونتاريو، سعوا إلى معالجة هذا النقص باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي وتقارير شهود العيان وصور الأقمار الصناعية ولقطات الطائرات من دون طيار والأشجار المتساقطة، لتعقب الأعاصير الكندية.

وتبين أنه في عام 2021، جرى تسجيل رقم قياسي لأكبر عدد من الأعاصير المؤكدة، بعدما وصل عدد الأعاصير إلى 117، وفي عام 2022، جرى تقييد هذا الرقم القياسي، وتحقق العلماء من 80 إعصارًا فقط من خلال مشروع نورثرن تورنادو.

تأثيراتها في الطبيعة

أفادت الصحيفة أن أهمية مراقبة الأعاصير في المناطق الكندية، تكمن في ضرورة معرفة تأثيراتها في الطبيعة، مشيرة إلى أن الأعاصير الكندية تضرب مناطق غير مأهولة بالسكان، إلا أنها تؤثر سلبًا في البيئة، سواء من خلال تغيير طبيعة الغابات، أو حصول حرائق، أو ما شابه، بانعكاس سيئ على البيئة والمناخ في كندا.

ومن جانبه، قال عالم الأرصاد الجوية ومدير الفريق البحثي، الدكتور ديفيد سيلز: “من المهم فهم تفاصيل كل عاصفة، ومدى قوتها، والضرر الناتج عنها”، فالأشجار المتساقط بعضها على بعض تشير إلى حدوث إعصار، في حين تشير الأشجار التي تسقط في نفس الاتجاه إلى حدوث انفجار رعدي، كما أن طرق التدمير للأعاصير تختلف عن أي عاصفة رعدية.

ووفق سيلز، يمكن للأعاصير أن تدمر الخطوط الكهربائية وتبدأ حرائق الغابات، حتى في المناطق غير المأهولة بالسكان، لذا فتأثيرها ملموس، ولكن الهدف الأساسي وقائي لحماية المجتمعات السكانية من تأثيرات الأعاصير، لافتًا إلى أن نتائج هذه الأبحاث تتجلى في قوانين البناء وأنظمة التحذير المنقحة، فكل عاصفة لها أهميتها.

SCI tornadoes kcwb superJumbo

استخدام الطائرات المسيرة لرصد الأعاصير واتجاهاتها

كيف تتكون الأعاصير؟

تتكون الأعاصير عندما يندفع الهواء البارد إلى أسفل مقابل الهواء الساخن المتصاعد في ظل ظروف مناسبة، ويمكن أن يحدث هذا في العديد من أنواع العواصف المختلفة، رغم أن الأعاصير الأكبر والأكثر تدميرًا تأتي من الأعاصير المتوسطة للخلايا العملاقة، حيث تندفع أعمدة طويلة من التيار الصاعد الدوارة في العواصف الرعدية الكبيرة.

ويؤدي هطول الأمطار، في سحابة العاصفة، إلى دفع الميزوسيكلون إلى الأسفل، وعندما تكون أجزاء منه مضغوطة ومعرضة لدرجات حرارة مختلفة، ينشأ القمع، وعندما يلامس هذا القمع الأرض، فإنه يصنف على أنه إعصار، بحسب الصحيفة الأمريكية.

وغالبًا ما يجري الخلط بين الأعاصير والانفجارات الهابطة، وهي أعمدة من الرياح تدفع على الأرض وتنتشر شعاعيًّا، ويمكن أن تسبق الانفجارات الغزيرة الأعاصير، وتتكون في ظل ظروف مناخية مماثلة، ولكنها عادة ما تسبب أضرارًا أقل بكثير، ويمكن أن يؤدي الخلط بينهما إلى تحريف البيانات.

ربما يعجبك أيضا