هل تسعى الصين للتقليل من قيمة الدولار في الشرق الأوسط؟

لاقت وساطة الصين بين إيران والسعودية لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين اهتمام العالم، ولكن كانت هناك صفقة أخرى تحضرها الصين لم تأخذ حيزا من الأهمية.

وتحدث موقع المونيتور الأمريكي عن الصفقة التي أبرمتها شركة الصين الوطنية للنفط البحري مع توتال إنرجي الفرنسية، الشهر الماضي، وهي أول صفقة يتم تسويتها باليوان.

استراتيجية طويلة الأجل لبكين لتقويض الدولار

أضاف الموقع الأمريكي أن الصفقة تشمل 65000 طن من الغاز الطبيعي المسال، ووفقًا لتقرير آخر للمونيتور، فقد أعربت كل من العراق والسعودية عن استعدادهم للتعامل كذلك بالعملة الصينية، وتوصلت الصين والبرازيل إلى اتفاق هذا الأسبوع لإجراء تجارتهما باليوان.

وأوضح تقرير المونيتور أن الدبلوماسيين الأمريكيين يركزون على خطط ومكائد الصين، خاصة في مجال عمليات نقل التكنولوجيا الحساسة، كما أنها لا تريد أن يتم استخدام اليوان في التجارة العالمية.

اقرأ أيضًا: الصين والولايات المتحدة.. حرب اقتصادية قادمة تفوق الأزمة الأوكرانية

وبالرغم من عدم التأكيد على موافقة العراق والسعودية حتى الآن على التعامل باليوان، لكن الاتجاهات تشير إلى استراتيجية طويلة الأجل لبكين لتقويض نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ومناطق أخرى.

الدولار الأمريكي

تهديد لدور الدولار في الاقتصاد العالمي

أشار المونيتور إلى أن هناك انقسام بين المسؤولين والخبراء، حول ما إذا كانت زيادة التجارة المقومة باليوان في الشرق الأوسط والعالم، يمكن أن تشكل تهديدًا لدور الدولار كعملة في الاقتصاد العالمي.

ويجادل الكاتب في صحيفة نيويورك تايمز بول كروجمان، بأن اليوان لا يمثل تهديدًا للدولار، مع مراعاة ضوابط رأس المال، فلا يمكن لليوان أن يضاهي السيولة العالمية للدولار دون تغيير جذري في السياسة النقدية الصينية.

وشكل الدولار 96٪ من التجارة العالمية في العقود الأخيرة، بينما جاء اليوان بنسبة 2٪ في عام 2022.

نظام عملة ثنائي الأقطاب

قال الكاتب نورييل روبيني في صحيفة فاينانشيال تايمز: “هناك إمكانية لنظام عملة ثنائي الأقطاب ناشئ، سيقضي عاجلاً أم آجلاً على الوضع المتميز للدولار، خاصة وأن الولايات المتحدة تعاني من عجز دائم في الحساب الجاري، مما يثير تساؤلات حول استدامة الالتزامات الدولية لواشنطن”.

اقرأ أيضًا: الرئيس الصيني: التسوية السياسية الطريق الوحيد لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية

ووصف المونيتور ما تفعله الصين بشأن الدولار بأنه قد يكون جزءًا من لعبة صينية خاصة بالعملات الرقمية، ففي الوقت الذي أصبحت فيه العملات المشفرة مدعومة خلال العام الماضي ، مع خسارة البيتكوين 60% من قيمته، تواصل بكين اغتنام زمام المبادرة في تقنيات البلوكتشين خاصة في آسيا والشرق الأوسط.

ويعد الشرق الأوسط مركزًا وحاضنًا للتكنولوجيا المالية، وعلى الرغم من أنه لا يزال في مهده، إلا أن النمو في هذ السوق، والذي يقدر حاليًا بنحو 79 مليار دولار، من المتوقع أن يرتفع بنسبة 18٪ سنويًا.

الدولار

الدولار في مواجهة اليوان

ستكون الدول المتصدرة لهذا السوق على النحو التالي وهي، المملكة العربية السعودية وإيران وماليزيا والإمارات العربية المتحدة، وتركيا وإندونيسيا، اللتان تمثلان معًا 81٪ من إجمالي حجم السوق.

وكتب أحد موظفي السفارة الأمريكية في طوكيو ومستثمر في الأصول الرقمية يدعى براندون بوسين، أن تأثير الدولار بالمستقبل الرقمي على المحك، فعلى سبيل المثال ، تسعى الصين إلى بعض المدفوعات الرقمية عبر إم بريدج ليدجر، وهو نظام بلوكتشين يستخدم العملة الرقمية للبنك المركزي الصيني.

وأشار روبيني أن هناك حالة من الجدل حول ما إذا كان الدولار يواجه تحديًا من اليوان يتطلب سياقًا جيوسياسيًا، بما في ذلك تأثير العقوبات والقيود الأمريكية على الاستثمارات في قطاعات التكنولوجيا الحساسة.

الدولار

توافق جيوسياسي وتجاري ناشئ

قال روبيني إنه يجب الأخذ في الاعتبار التوافق الجيوسياسي والتجاري الناشئ بين الصين وروسيا وإيران ، وكلها تسعى للالتفاف على العقوبات الأمريكية والدولار، ومجموع سكان البلاد الثلاثة قد يصل إلى 1.7 مليار شخص، وبعد ذلك النظر إلى الدول التي قد تقبل بتسهيل صفقات بعملات بديلة لتسهيل التجارة مع الصين.

اقرأ أيضًا: بيان مشترك: الصين وفرنسا عازمتان على التعاون لحل أزمات الاقتصادات النامية

فيما أشار المونيتور إلى أن هذا يحدث في سياق تصاعد السياسة الخارجية الصينية في المنطقة وحول العالم ، ومن ناحية أخرى، تريد بعض الدول رسم مسارها الخاص وفي الوقت ذاته الحفاظ على علاقات جيدة مع واشنطن وبكين.