الصين والولايات المتحدة.. حرب اقتصادية قادمة تفوق الأزمة الأوكرانية

عمر رأفت
ما بين التجسس على حلفائها وبسط نفوذها .. الوثائق المسربة تضع واشنطن في مرمى انتقادات حلفائها وأعدائها

تخشى الولايات المتحدة اتخاذ الصين قرارًا بغزو تايوان، لذا تحضر الآن سيناريوهات لعقوبات اقتصادية حال حدوث ذلك.


قالت مجلة فورين بوليسي الأمريكية إن الولايات المتحدة على شفا الدخول في حرب اقتصادية، وليست عسكرية، ضد الصين.

وسلطت المجلة في تقرير للمستشار في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، تشارلز إيدل، الضوء على لقاء الرئيسة التايوانية تساي إنج وين، الأربعاء الماضي 5 إبريل 2023، مع رئيس مجلس النواب الأمريكي كيفن مكارثي، والذي أزعج بكين.

انزعاج صيني

يعد اللقاء هو الثاني الذي تجتمع فيه رئيسة تايوان مع رئيس مجلس النواب الأمريكي، في أقل من عام، ما سبب انزعاجًا للصين دفعها للتهديد بالرد.

ويتزامن هذا مع شعور واشنطن بأن بكين إذا تركت دون رادع، فمن المحتمل أن تحاول الاستيلاء على تايوان بالقوة. ووصفت المجلة الأمريكية هذه المرحلة بالحرجة، وأبرزت جهود واشنطن في “محاولة التصدي للعدوان الصيني في منطقة المحيطين الهندي والهادئ”، مشيرة إلى أن أي قرار صيني بغزو تايوان من شأنه أن يعطل التجارة العالمية.

اقرأ أيضًا: الرئيس الصيني: التسوية السياسية الطريق الوحيد لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية

وأوضحت المجلة أن هذا القرار لن يؤثر فقط في التجارة العالمية، ويسبب مشكلات في سلاسل التوريد، بل سيعرّض الديمقراطية الآسيوية للخطر، وسيمثل ضغوطًا شديدة على أقرب حلفاء واشنطن، ويضع الولايات المتحدة والصين في مواجهة مباشرة.

الزعيم الصيني شي جين بينج

الزعيم الصيني شي جين بينج

التدخل الأمريكي

أشارت فورين بوليسي إلى أن التخطيط الأمريكي العسكري جنبًا إلى جنب مع تايوان والشركاء الإقليميين الآخرين ضروري، ولكنه غير كافٍ لردع بكين، ويجب الاهتمام بالتخطيط الاقتصادي، إلا ان واشنطن لا تهتم بهذا الجانب.

ولفت التقرير إلى عدد المسؤولين الذي وصفته بغير الكافي في وزارة الخزانة الأمريكية، والذين يعملون في أكثر من 30 برنامجًا خاص بالعقوبات، ناهيك بالتخطيط لكل ما يطرأ مستقلًا، وهو ما يحتاج إلى التغيير. ورأت أن على واشنطن البدء بسرعة في الاستعداد للدفاع عن حلفائها في المحيطين الهندي والهادئ من العدوان الصيني، عن طريق التحكم الاقتصادي.

أمريكا والصين

أمريكا والصين

عقوبات واشنطن على روسيا

قالت المجلة إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عندما اتخذ قراره المصيري ببدء الحرب في أوكرانيا، فبراير قبل الماضي، لم يقابله الجيش الأوكراني بحزم، وبصرف النظر عن أداء الجيش الأوكراني، كانت وحدة الولايات المتحدة وحلفائها في شن حرب اقتصادية ضد بوتين، مفاجأة كبيرة في الحرب الروسية الأوكرانية.

وجمعت الإدارة الأمريكية حلفاء من أوروبا وآسيا لفرض عقوبات قاسية على الاقتصاد الروسي، بدءًا بهجوم مباشر على النظام المصرفي للبلاد، وتصعيدًا إلى الحملة الأخيرة للضغط على عائدات النفط في الكرملين.

وبدأت عقوبات واشنطن على روسيا منذ شن بوتين الحرب على أوكرانيا في عام 2014، وقادت الولايات المتحدة مجموعة الـ7 لمواءمة السياسات بشأن عقوبات روسيا، وظلت المجموعة مستمرة حتى خلال سنوات الرئيس الأمريكي السباق دونالد ترامب، ولكن قل مفعولها بعد ذلك.

الصين

الصين

قلق أمريكي

أوضحت فورين بوليسي أن الولايات المتحدة شعرت للمرة الأولى في أواخر عام 2021 بالقلق من أن “بوتين ربما كان يخطط لغزو آخر”، ولهذا كان تحضر مجموعة جاهزة من الحلفاء للتنسيق لعقوبات جديدة.

وعلى الرغم من هذه الجهود، فشلت مساعي ردع بوتين عن شن الحرب على أوكرانيا للمرة الثانية، وتوجد أدلة على أن بوتين لم يعتقد أن الولايات المتحدة وحلفاءها سيذهبون إلى أبعد من فرض العقوبات التي أقروها.

اقرأ أيضًا: الصين ترسل حاملة طائرات قرب تايوان.. بماذا ردت أمريكا؟

وأشارت المجلة إلى أنه عندما فرضت الولايات المتحدة وغيرها عقوبات على البنك المركزي الروسي، بعد أقل من أسبوع من بدء الحرب، كان البنك يحتفظ بأكثر من نصف احتياطياته من العملات الأجنبية بالدولار واليورو والجنيه الاسترليني والين.

الخطوط الحمراء

أضافت فورين بوليسي أنه لو توقع بوتين أن تفرض الولايات المتحدة وحلفاؤها مثل هذه العقوبات، لكان البنك المركزي الروسي بادر بتنويع ممتلكاته بعيدًا عن الأصول المقومة بهذه العملات.

ومن هنا أشارت المجلة إلى أن هذا يجب أن يتعلم منه صانعو السياسة الأمريكيون، الذين يسعون لردع الغزو الصيني لتايوان، لكي تسهم العقوبات في ردع الصين.

ويجب أن تكون الولايات المتحدة وحلفاؤها واضحة تمامًا بشأن خطوطها الحمراء، والعقوبات التي ستفرضها إذا تجاوزت بكين حدودها. وقالت فورين بوليسي إن أحدًا لا يستطيع الشك في أن “غزو الصين لتايوان سيؤدي إلى عواقب اقتصادية خطيرة”.

نفوذ الصين الاقتصادي

في الوقت ذاته، وبالنظر إلى أن الصين تتمتع بنفوذ اقتصادي أكبر بكثير من روسيا، قد يظهر شك في أن الولايات المتحدة وحلفاءها سوف تفرض عقوبات قوية على بكين، مثل تلك التي فرضتها على موسكو.

وكما قدر بوتين أن تكاليف العقوبات لن تفوق فوائد الحرب على أوكرانيا، يمكن أن يقوم الرئيس الصيني بحسابات مماثلة بشأن غزو تايوان، لذلك ينبغي أن تكون إحدى الأولويات القصوى لسياسة الولايات المتحدة تجاه الصين هي قلب مفاجأة بكين.

سيناريوهات شديدة الصرامة

شددت فورين بوليسي على أن “الإدارة الأمريكية يجب أن تعلم أن الصين تعلم باحتمالية فرض عقوبات عليها حال قرار غزوها لتايوان”، وهذا بناءً على ضوابط التصدير الشاملة التي فرضتها على صناعة أشباه الموصلات في الصين في أكتوبر الماضي، والتي على الرغم من طموحاتهم، اقتصرت على تقنية أساسية واحدة.

ونادت فورين بوليسي في تقريرها بضرورة عمل الإدارة الأمريكية على وضع سيناريوهات شديدة الصرامة على الصين، في حال اتخاذها قرارًا بغزو تايوان عن طريق آليات قوية ومؤثرة.

ربما يعجبك أيضا