دراسة جديدة: بكتيريا تحول ثاني أكسيد الكربون لبلاستيك حيوي

بسام عباس
خلية من البكتيريا بها مركب البولي هايدروكسي بيوتيريت

تستطيع بكتيريا معروفة أن تحول ثاني أكسيد الكربون من الهواء إلى بلاستيك حيوي، لتعالج مشكلتين عالميتين في خطوة واحدة سريعة.


جذبت البكتيريا، التي تتغذى على البلاستيك، الكثير من الاهتمام أخيرًا، كحل مجهري لمشكلة النفايات البلاستيكية المتنامية.

وفي سبيل تنظيف العالم من الفوضى، التي أحدثها البشر، يسعى العلماء لإيجاد وسائل جديدة لصنع البلاستيك من مصادر أخرى غير النفط الخام ومشتقاته، لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.

نموذج أولي

أوضحت مجلة وقائع الأكاديمية الأمريكية الوطنية للعلوم أن فريقًا من المهندسين الكيميائيين في كوريا صمموا نموذجًا أوليًّا تستطيع من خلاله بكتيريا معروفة أن تحول ثاني أكسيد الكربون من الهواء إلى بلاستيك حيوي مفيد، لتعالج مشكلتين عالميتين في خطوة واحدة سريعة.

وأضافت المجلة أن العديد من المهندسين الكيميائيين تمسكوا بالفكرة القائلة إن المستويات المتزايدة من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي للأرض قد تكون موردًا غير مستغل لصنع البلاستيك أو المنتجات الأخرى القائمة على الكربون، مثل وقود الطائرات أو الخرسانة، إذا تمكنوا من التقاط ثاني أكسيد الكربون من الهواء.

التحليل الكهربائي

قالت المجلة في دراسة، نشرتها يوم أمس الخميس 13 إبريل 2023، إن إحدى وسائل تحويل غاز ثاني أكسيد الكربون إلى مُركَّبات أخرى مفيدة عن طريق حقن الكهرباء تتمثل في تفاعل يسمى “التحليل الكهربائي”، إلا أنها تنتج في الغالب مركبات بدائية قصيرة السلسلة، تتكون من ذرة كربون واحدة إلى 3 ذرات.

وذكرت أن صنع المواد الكيميائية ذات السلاسل الكربونية الأطول من ثاني أكسيد الكربون عملية أكثر صعوبة وغير فعالة، لأن البوليمرات البلاستيكية عبارة عن سلاسل طويلة من الوحدات الفرعية المكررة المتشابكة معًا، وغالبًا ما يكون العمود الفقري لهذه السلاسل هو ذرات الكربون.

pnas.2221438120fig01

التحليل الكهربائي أحد وسائل تحويل غاز ثاني أكسيد الكربون إلى مُركَّبات أخرى مفيدة عن طريق حقن الكهرباء

بكتيريا محبة النحاس الفتاكة

ذكرت المجلة أن فريقًا من المهندسين الكيميائيين بالمعهد الكوري المتقدم للعلوم والتكنولوجيا (KAIST) طوروا نظامًا من جزأين لتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى نوع شائع من البلاستيك الحيوي بمساعدة نوع بكتيري يسمى محبة النحاس الفتاكة (Cupriavidus necator).

وأوضحت أن الخطوة الأولى في النظام هي المحلل الكهربائي، الذي يحول غاز ثاني أكسيد الكربون إلى “فورميك”، وتوضع في خزان التخمير، لتعمل البكتيريا، التي تشتهر بقدرتها على تصنيع مركبات الكربون، مثل البولي هايدروكسي بيوتيريت، وهو نوع من البوليستر القابل للتحلل الحيوي والسماد، من مصادر الكربون الأخرى.

وأضافت في هذه الحالة، تلتهم بكتيريا “محبة النحاس الفتاكة” المادة الخام للفورميك من تفاعل التحليل الكهربائي، وحبيبات مخزون البولي، التي يمكن بعد ذلك استخلاصها من الخلايا، ويدور المحلول بين تفاعل التحليل الكهربائي وخزان التخمير، مع وجود غشاء يفصل بين الغرفتين، بحيث تُعزل البكتيريا عن المنتجات الثانوية لتفاعل التحليل الكهربائي.

تغيير أساليب تصنيع البلاستيك

قالت المجلة العلمية إن هذا النظام إذا كان مدعومًا بالطاقة المتجددة، سيكون وسيلة خالية من الوقود الأحفوري لإنتاج البلاستيك الحيوي، الذي يستخدم في نفس الوقت ثاني أكسيد الكربون، الذي بدوره ينبغي إزالته من الهواء، للحدّ من الاحترار العالمي.

وأبدى المهندسان اللذان قادا الدراسة بالمعهد الكوري للعلوم والتكنولوجيا، هيونجو لي وسانج يوب لي، تفاؤلًا بأن نظامهما قابل للتطوير، وقد يساعد في تغيير أساليب تصنيع البلاستيك، وأوضحا أن نتائج هذا البحث عبارة عن تقنيات تطبيق على إنتاج مواد كيميائية مختلفة، ومن المتوقع استخدامها كأجزاء رئيسة لتحقيق حيادية الكربون في المستقبل.

أكثر إنتاجية

ذكرت المجلة الأمريكية أن التجارب المعملية أظهرت أن خلايا هذه البكتيريا في النظام الهجين تستطيع تصنيع الكثير من البولي، ويمثل منتج البوليستر ما يصل إلى 83% من وزن الخلية الجافة للبكتيريا، بعد 120 ساعة، أو 5 أيام من التشغيل، لافتة إلى أنها أكثر إنتاجية بمقدار 20 مرة من الأنظمة المماثلة، التي جُرِّبَت سابقًا.

وأفاد فريق البحث بأن نظامهم يمكن أن يعمل دون انقطاع، طالما تجدد الخلايا البكتيرية يومًّا، مع ضرورة إزالة المنتج البلاستيكي للحفاظ على استمرار التفاعلات، موضحًا أن هذا الإنتاج المستمر سيكون المفتاح لجعل النظام يعمل على المستويات الصناعية.

تعديلات جينية

وذكرت المجلة أن الباحثين جربوا هذه البكتيريا لمدة 18 يومًا فقط، وأنتجت ما قيمته 1.45 جرامًا من البوليستر.  لافتةً إلى أن مهندسي كيمياء حيوية آخرون يحاولون تعزيز القدرة الطبيعية لبكتيريا محبة النحاس الفتاكة على إنتاج البولي من ثاني أكسيد الكربون، مع بعض التعديلات الجينية.

وأوضح الباحثون أن نظامهم المتكامل عبارة عن تحسين على المفاعلات الدفعية والمُركَّبات السابقة، التي لا يمكنها إلا تشغيل مرحلة واحدة من التفاعل في كل مرة، وتتطلب خطوات فصل وتنقية إضافية.

اقرأ أيضًا| كيف يهدد البلاستيك حياة الحيوانات على الأرض؟

اقرأ أيضًا| ابتكار رئة معدنية تمتص ثاني أكسيد الكربون وتستبدله بالأكسجين 

ربما يعجبك أيضا