ما تأثير تراجع الاقتصاد الصيني في العالم؟.. الإيكونوميست تجيب

محمد النحاس

من شأن الصعوبات الاقتصادية الداخلية التي تعيش الصين على وقعها، أن تغير في الكيفية التي ينظر بها العالم إلى بكين.


قبل ثمانية أشهر، كان من المتوقع أن يعود الاقتصاد الصيني مزدهرًا مرةً أخرى، بعد رفع قيود سياسة “صفر كوفيد” الصارمة.

لكن الواقع كان مختلفًا، فقد تراجعت الآمال بشأن انتعاش الاقتصاد الصيني، الذي يعاني ضعف في معدلات النمو، قاد إلى تباطؤ اقتصادي، غير أن هذه الأزمة لن تؤثر فقط في الصين ثاني أكبر اقتصاد بالعالم، بل سيمتد تأثيرها للخارج.

لماذا يجب أن نهتم بأخبار الاقتصاد الصيني؟

نظرًا إلى التأثير الكبير الذي تلعبه الصين في بنية الاقتصاد العالمي، فإن أي اضطراب في اقتصادها يمكن أن ينعكس سلبًا على معدلات النمو العالمية، وذلك لطبيعة الاقتصاد العالمي شديد التشابك والتداخل، والأشبه ما يكون بدوائر متصلة يؤثر بعضها في بعض فليست دول العالم بالجزرً المنعزلة التي لا تؤثر إحداها في الأخرى.

وتستهلك الصين ما يقرب من خمس نفط العالم، ونصف النحاس المكرر، والنيكل، والزنك. وأكثر من ثلاثة أخماس خام الحديد. ويعني ذلك أن أي تراجع أو تباطؤ في معدلات نمو الاقتصاد الصيني سيؤدي بها إلى أن تستورد كميات أقل من هذه السلع.

وبالتالي سيعود ذلك سلبًا على مصدري هذه السلع في جميع أنحاء العالم، مع ذلك ففي حين سيخسر البعض بطبيعة الحال، سيمثل ذلك مكسبًا لآخرين، وفق مقال نشرته مجلة الإيكونوميست البريطانية في 22 أغسطس 2023.

من أبرز المتأثرين؟

تعد ألمانيا إحدى أكثر الدول المتأثرة سلبًا جرّاء تراجع نمو الاقتصاد الصيني، وعانت ألمانيا خلال الأرباع الاقتصادية الـ3 الماضية من الركود، وانخفضت العديد من إيرادات الشركات الأوروبية والتي كانت تعتمد إلى حد كبير على الصين، حسب مقال الإيكونوميست.

وسيمثل ذلك ضربة لدولة مثل زامبيا، إذ تبلغ إجمالي صادرات النحاس والمعادن الأخرى إلى الصين 20٪ من الناتج المحلي الإجمالي. وستؤثر سلبًا أيضًا في أستراليا، التي تعد موردًا كبيرًا للفحم والحديد، وفق مقال المجلة البريطانية.

الصين والشركات الغربية

في عام 2021، حققت أكبر 200 شركة متعددة الجنسيات في أمريكا وأوروبا واليابان 13% من مبيعاتها في الصين وبلغت هذه الأرباح 700 مليار دولار، ومؤخرًا تراجعت هذه النسب لكن لا تزال كثير من الشركات الغربية تلقي بثقلها في الصين، وحسب المقال، فإن شركة تسلا تعد أكثر عرضة للخطر من غيرها، لأنها تحقق حوالي خمس مبيعاتها عن طريق الصين.

وتأتي معاناة الصين الاقتصادية في وقت تتراجع فيه مشكلات الاقتصاد العالمي، ففي شهر يوليو الماضي، عدّل صندوق النقد الدولي، توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي، بدلًا من توقعات إبريل، لتصبح أكثر إيجابية، كما تلفت الإيكونوميست.

هل من مستفيد؟

لكن ليست الأخبار سيئة بالنسبة إلى الجميع، لأن تباطؤ النمو في الصين يوفر قدرًا من الارتياح النسبي للمستهلكين في أنحاء العالم، لأنه سيعني انخفاضًا في الطلب على السلع الأساسية، ويؤدي ذلك بدوره إلى انخفاض الأسعار عامة وتراجع تكاليف الاستيراد.

مع ذلك تظل الأخبار ليست إيجابية تمامًا فحال تحقق “أسوأ السيناريوهات”، ستنعكس أزمة سوق العقارات في الصين على العالم، ومن شأن ذلك أن يتسبب في اندفاع المستثمرين نحو أصول أكثر أمانًا عامة، في حين ستتراجع إلى حد كبير أسعار الأصول العقارية، حسب مقال المجلة البريطانية.

كيف ينظر العالم إلى الصين؟

من شأن الصعوبات الاقتصادية الداخلية التي تعيش الصين على وقعها، أن تغير في الكيفية التي ينظر بها العالم إلى الصين، فعلى مدار السنوات الماضية قاد النمو السريع والإقراض السخي للخارج، إلى تعزيز الصورة الذهنية السائدة عن الصين “القوية والمزدهرة”.

في الدول الغنية عادةً ما تكون النظرة سلبية تجاه الصين، وهو ما أظهرته دراسة استقصائية حديثة أجراها مركز بيو للدراسات في 20 دولة، حسب الإيكونوميست.

وأما في المقابل كانت الصورة مختلفة إلى حدٍ بعيد في دول العالم النامي، فقد رأى المكسيكيون، والكينيون، والنيجيريون، الصين في صورة أكثر إيجابية، وكذلك الحال بالنسبة إلى جنوب إفريقيا، ورحبوا بالاستثمارات الصينية، ختامًا، يتساءل المقال مشككًا “هل ستظل هذه النظرة سائدة في غضون عام واحد؟”.

اقرأ أيضًا| الإيكونومست تسأل وتجيب: لماذا لن ينصلح الاقتصاد الصيني؟

اقرأ أيضًا|واشنطن: مستعدون لمواجهة عواقب ضعف الاقتصاد الصيني

ربما يعجبك أيضا