هل تنجح روسيا في تقسيم إمبراطورية فاجنر في إفريقيا؟

بعد مقتل بريجوجن.. ماذا سيحل بأصول فاجنر في إفريقيا؟

آية سيد
بعد مقتل بريجوجين.. مقاتلو فاجنر يواجهون مصيرًا غامضًا

طورت مجموعة فاجنر شبكة واسعة ومتشعبة من الشركات الوهمية التي تتحكم في موارد تساوي مليارات الدولارات.. فهل تستطيع الحكومة الروسية السيطرة عليها؟


في 23 أغسطس 2023، تحطمت الطائرة الخاصة التي تقل قائد مجموعة فاجنر الروسية، يفجيني بريجوجن، ما أسفر عن مقتله و9 آخرين كانوا على متنها.

ومنذ ذلك الحين، يحاول أفراد ومنظمات داخل الحكومة الروسية السيطرة على شبكة علاقات فاجنر وأصولها في القارة الإفريقية، وفق تحليل نشرته مجلة “فورين بوليسي” للأستاذ المساعد الزائر بجامعة كولجيت الأمريكية، لوسيان ستيانو دانيالز، أمس الأربعاء 27 ديسمبر 2023 .

نشاط فاجنر في إفريقيا

عملت مجموعة فاجنر العسكرية الخاصة في عدة دول إفريقية منذ 2017، ولعبت دورًا في الصراعات في مالي، وليبيا، وجمهورية إفريقيا الوسطى. وقدمت فاجنر خدمات للأنظمة الإفريقية، مثل العمليات القتالية، والأمن والتدريب، وحملات التضليل الإعلامي، مقابل الدعم الدبلوماسي والموارد.

وحسب دانيالز، سمح استخدام المرتزقة لروسيا بتوسيع امتدادها الجيو استراتيجي بتكلفة قليلة، ورغم أن موسكو أعلنت عن فرص اقتصادية تزعم تقديمها لإفريقيا في مجالات مثل الزراعة، والهيدروكربونيات، والطاقة، والنقل، والتحول الرقمي، فإن استثماراتها الفعلية في القارة قليلة.

وكانت مجموعة فاجنر في إفريقيا ذاتية التمويل إلى حد كبير، وتغطي تكاليفها التشغيلية من خلال الامتيازات النقدية وامتيازات التعدين، وحتى وقت قريب، كان المرتزقة يوفرون غطاءً من الإنكار للعمليات الروسية بالخارج.

تطور المجموعة

طورت مجموعة فاجنر شبكة واسعة ومتشعبة من الشركات الوهمية التي تتحكم في موارد تساوي مليارات الدولارات، وفق دانيالز.

وفي هذا الشأن، قال المحلل جوليان راديماير لدويتشه فيله، في فبراير الماضي، إن مجموعة فاجنر تطورت مع مرور الوقت “كتنظيم تحول من كيان تعاقد عسكري خاص إلى مجموعة متعددة من التحالفات والعلاقات التجارية، وشبكة من الشركات”، بعضها شركات واجهة في الدول التي يعملون بها في إفريقيا.

خيارات الحكومة الروسية

لفت دانيالز إلى أن أحد الخيارات المتاحة للحكومة الروسية هي أن تجلب هذه الشبكة مترامية الأطراف تحت السيطرة المباشرة للدولة، وهذا يشمل دمج مقاتلي فاجنر في وزارة الدفاع.

والخيار الثاني الذي طرحه المحلل هو فعل ما وصفته شركات المرتزقة القديمة بـ”إصلاح” السرية أو الكتيبة، ما يعني حل فاجنر وتوزيع جنودها على وحدات أخرى.

%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A7 %D8%AA%D8%B9%D8%AA%D8%B2%D9%85 %D9%86%D8%B4%D8%B1%D9%87 %D9%81%D9%8A5 %D8%AF%D9%88%D9%84 %D8%A5%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A9 1.pngشركات بديلة

حسب المحلل، جرى تأسيس شركتي المرتزقة “ريدوت” و”كونفوي” كبدائل لفاجنر خاضعة لسيطرة الحكومة، وتأسست “ريدوت” في 2008، وأعاد نائب رئيس الاستخبارات العسكرية الروسية تنظيمها في 2022، الذي عيّن قريبًا له رئيسًا لها، وبعد تكبد خسائر فادحة، سيطرت عليها وزارة الدفاع.

على الجانب الآخر، تُعد “كونفوي” حديثة نسبيًا، إذ تأسست في القرم في 2022، ويموّلها بنك روسي مملوك للدولة وأوليجارش مقرب من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.

ولفت دانيالز إلى أن نائب وزير الدفاع الروسي، يونس بك يفكيروف، يبدو وأنه سيسيطر على علاقات بريجوجن مع القادة الأفارقة، لكن هذه المرة نيابة عن الدولة.

كاريزما بريجوجن

رأى المحلل أن هذه الشركات والأفراد يفتقرون لعلاقات بريجوجن الشخصية وخبرته الإفريقية، وكذلك كاريزمته، وجاذبيته الشعبوية، وقدرته على كسب ولاء رجاله، ولفت إلى أن مقاتلي فاجنر العاديين لم يروا أن الخدمة في المجموعة تتعارض مع الخدمة في جيش أكثر انحيازًا للحكومة.

إنفوجراف| محطات بارزة في حياة قائد فاجنر الراحلوبالنسبة للسجناء الذين جندتهم فاجنر، رأوا في بريجوجن رجلًا مستعدًا لإعادة كرامتهم لهم عبر جعلهم جنود. وحسب دانيالز، حظت فاجنر بجاذبية قوية لدى بعض الأشخاص، رغم قساوتها، أو ربما بسببها.

تعزيز سلطة الدولة

إذا نجحت المنظمات داخل الحكومة الروسية في الاستيلاء على أصول فاجنر في إفريقيا، قد يمثل هذا تعزيزًا لسلطة الدولة الروسية. وفي تحليل سابق، لفت دانيالز إلى أن بريجوجن، قبل وفاته، أصبح مستقلًا عن رئيس الدولة التي يُفترض أنه يخدمها، وأدى اغتيال بريجوجن إلى تعزيز سلطة الحكومة المركزية على القوات المسلحة.

وإذا استطاعت منظمات الدولة الروسية الحصول على أصول فاجنر الإفريقية، قد يمثل هذا تغييرًا جزئيًا لأوضاع الدولة الروسية التي وصفها المحلل، في يوليو الماضي، بأنها تضعف لأن عملاء غير حكوميين يتولون الكثير من وظائف الدولة.

وختامًا، قال دانيالز إن توقيت وفاة بريجوجن، التي حدثت بعد شهر واحد من إخبار رجاله أن يستعدوا لشيء كبير في إفريقيا، ربما يعني أنه لم يُقتل بسبب الخيانة فقط، بل أيضًا لجلب عمليات فاجنر المربحة في إفريقيا تحت السيطرة المباشرة للدولة الروسية.

ربما يعجبك أيضا