ماذا وراء المظاهرات المناهضة «للسياحة المفرطة» في إسبانيا؟

ما تأثيرات «السياحة المفرطة» السلبية على بيئة الوجهات السياحية واقتصاداتها؟

بسام عباس
مظاهرات في برشلونة ضد السياحة المفرطة

نظم آلاف المتظاهرين في برشلونة خلال عطلة نهاية الأسبوع، مسيرة هاجموا فيها السياح بمسدسات المياه وسط تزايد الإحباط من السياحة المفرطة في إسبانيا، وفق ما أوردته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية.

ونشرت الجماعة المنظمة للمظاهرة بيانًا يتضمن 13 مطلبًا، بما في ذلك فرض قيود على أماكن الإقامة السياحية وعدد أقل من محطات الرحلات البحرية في ميناء المدينة.

برشلونة ليست الوحيدة

أوضحت مجلة وورلد بولتيكس ريفيو، في تقرير نشرته الأربعاء 10 يوليو 2024، أن مدينة برشلونة الإسبانية أصبحت نموذجًا للسياحة المفرطة، حيث عندما يتجاوز عدد الزوار قدرة مراكز المدينة والمواقع الثقافية والأحياء السكنية على استقبالهم.

وأضافت أن مدينة برشلونة ليست الوجهة الوحيدة التي تعاني من هذه المشكلة، مشيرة إلى أن قائمة المدن التي تعاني من السياحة المفرطة آخذة في التزايد، خاصة وأن الطلب المكبوت على السفر الترفيهي خلال جائحة كوفيد-19 أدى إلى انفجار السياحة في العامين الماضيين.

رد فعل عكسي

قالت المجلة الأمريكية إن السياحة المفرطة أصبحت تمثل مشكلة للبلاد، فكلما أعادت الوجهات ترتيب نفسها لتلبية الإنفاق السياحي، أصبحت الثقافة المحلية والإسكان والموارد سلعة للاستهلاك السياحي، ما يتطلب بدوره جذب المزيد والمزيد من السياح لتغذية الاقتصادات المحلية.

وأضافت أن هذه الوجهات أصبحت معرضة لاضطرابات التدفقات السياحية، وبعيدًا عن إفراغ الثقافات والاقتصادات المحلية، أدت السياحة الجماعية إلى تفاقم التأثيرات البيئية لهذه الصناعة، حيث ساهمت في انبعاثات الكربون، وفرض ضرائب على إمدادات المياه المحلية وتهديد النظم البيئية الهشة.

ومن المنطقي أن تؤدي هذه التأثيرات إلى ردة فعل محلية عكسية، كما رأينا بشكل أكثر وضوحًا في إسبانيا وهولندا واليابان ودول أخرى، وبدأت العديد من الأماكن التي تعاني من السياحة المفرطة في تنفيذ تدابير للحد من عدد الزوار، أو على الأقل الحد من تأثير السياح على المجتمع المحلي.

مظاهرات في برشلونة ضد السياحة المفرطة

مظاهرات في برشلونة ضد السياحة المفرطة

نمو اقتصادي

أشارت المجلة إلى أن السياحة هي محرك هائل للنمو الاقتصادي في العديد من الوجهات، وإسبانيا كانت ثاني أكثر الدول زيارة في العالم العام الماضي، ويأتي أكثر من 10% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد من السياحة، موضحة أن تقليص عدد الزوار إلى الوجهات الشعبية سيكون له تأثير سلبي على الاقتصاد.

ومن الجدير بالذكر أيضًا أن المعضلات التي يفرضها صعود السياحة الجماعية توازي المناقشات حول تزايد الهجرة العالمية، والتي كان لها تداعيات مماثلة على العديد من المناطق، وأصبحت المجتمعات المحلية على طول طرق العبور تعتمد على الهجرة في النشاط الاقتصادي، في حين تتمتع بلدان المقصد للمهاجرين بفوائد اقتصادية كبيرة.

وأوضحت أن الأسباب المباشرة للسياحة والهجرة مختلفة، لكن تزايدهما في العقود الأخيرة كان بفعل العولمة، التي سمحت بزيادة التنقل عبر الحدود، في حين أدت أيضا إلى زيادة النزوح، وعلى خلفية هذا التوتر بين التنقل والنزوح، يمكن النظر إلى ردة الفعل المتزايدة تجاه كل من السياحة المفرطة والهجرة على أنها جزء من ردة فعل عكسية أوسع نطاقا تجاه التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية للعولمة.

ما هي السياحة المفرطة؟

استخدم المصطلح لأول مرة عام 2001، وبحسب الخبراء يجب على الحكومات أن تتبنى استجابات سياسية حازمة لإدارة الطلب السياحي، بدلاً من مجرد الاستفادة من الأرباح الناجمة عن الإنفاق والاستثمار السياحي، ويحدث الإفراط في السياحة عندما يتجاوز الطلب السياحي القدرة الاستيعابية للمجتمعات المضيفة.

وعرفت منظمة السياحة العالمية السياحة المفرطة على أنها تأثير السياحة على وجهة سياحية، أو أجزاء منها، الذي يؤثر بشكل زائد على جودة حياة المواطنين وجودة تجارب الزوار بطريقة سلبية.

ومن أبرز الوجهات السياحية التي تأثرت سلبيًّا من السياحة المفرطة حول العالم، سور الصين الذي تضرر بسبب السياحة، وفي فرنسا أضرب عمال متحف اللوفر احتجاجًا على ظروف العمل شديدة الاكتظاظ، وفي الهند، بدأ تاج محل في تغريم الزوار الذين يبقون لأكثر من 3 ساعات.

ربما يعجبك أيضا