خيارات يائسة.. واقع مأساوي يعيشه السودانيون وسط الحرب

إسراء عبدالمطلب

يعد الإغراء الخادع للحرب والحلم العنيد بالسلام، وجهان لعملة واحدة في هذا الصراع المدمر.


كل يوم، يواجه السودانيون خيارات مؤلمة بسبب القتال الدائر بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية.

ووسط الحرب الدائرة يجد الأب نفسه مضطرًا لاتخاذ قرار بترك بعض أطفاله في محاولة لإنقاذ ابنه المحاصر خلف الخطوط الأمامية. بينما يتوجب على الطبيب أن يختار بين العودة إلى المنزل لإنقاذ والديه أو البقاء مع الأطفال في المستشفى الذين يعتمدون عليه.

الأمم المتحدة: عدد العائلات المتضورة جوعًا في السودان زاد مرتين | شفقنا العربي

تصاعد الأزمة الإنسانية

يواجه الشباب الفقراء خيارات بين الثراء السريع الذي يعد به المجندون في الميليشيا واحتمال الموت في المعركة، حسب تقرير لصحيفة واشنطن بوست، الجمعة 19 يوليو 2024.

القيود المفروضة على التغطية الإعلامية أخفت الكثير من الخسائر الكارثية التي تسببت فيها الحرب في السودان، ما أدى إلى إهمال المجتمع الدولي لهذه الأزمة.

وبعد مرور 15 شهرًا على بدء الحرب تتفاقم الأمور سوءًا إذ تواصل قوات الدعم السريع شبه العسكرية الاستيلاء على المزيد من الأراضي وتشريد الملايين من السودانيين، ما يؤدي إلى تأجيج أكبر أزمة جوع في العالم. وتلوح المجاعة في الأفق، إذ تقول الأمم المتحدة إن نحو 750 ألف شخص على وشك الموت جوعًا، بينما تقدر الولايات المتحدة أن الحرب أسفرت بالفعل عن مقتل 150 ألف شخص.

الأبعاد الإقليمية والدولية للصراع

تدعم الدول الأجنبية الأطراف المتصارعة، كما انضمت العديد من الميليشيات والمرتزقة إلى المعركة. وامتد الصراع في السودان، ثالث أكبر دولة في إفريقيا، عبر الحدود وزعزع استقرار جيرانها. وتعثرت محادثات السلام التي تدعمها الولايات المتحدة، فيما تستمر الحرب بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة.

وقاد قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) والقائد العسكري عبدالفتاح البرهان البلاد إلى حرب أهلية بعد استيلائهما على السلطة من حكومة مدنية في أبريل 2023.

الأوضاع على الأرض

استولت قوات الدعم السريع على معظم منطقة دارفور الغربية الغنية بالذهب واقتحمت المناطق الزراعية في الجنوب، بينما يسيطر الجيش على الشمال القاحل والشرق الخصيب على طول ضفاف نهر النيل. نجح الهجوم العسكري الرئيسي الوحيد في استعادة معظم مدينة أم درمان، ثاني أكبر مدينة في البلاد، ولكن الحياة في الأحياء القريبة من خط المواجهة لا تزال مهجورة ومغلقة بالحواجز التي أقامها السكان المختفون.

وفي زيارة نادرة، زار فريق من صحافيي صحيفة واشنطن بوست 5 مدن سودانية في مناطق تسيطر عليها القوات المسلحة، وأجروا مقابلات مع عشرات الأشخاص. في أقسام الطوارئ، كانت الأمهات يداعبن أضلاع أطفالهن الذين يكافحون من أجل التنفس، في حين تحدث آباء عن أطفال نائمين قُتلوا في أسرتهم بسبب القصف. وتحدث السجناء والجنود عن شباب أُطلق عليهم الرصاص بعيدًا عن ديارهم، إذ تحللت جثثهم في الحر قبل أن تُلقى في قبور مجهولة.

حلم السلام وسط الصراع

تجتذب الحرب الأهلية في السودان موجات من الشباب من مختلف أنحاء المنطقة التي تعاني من عدم الاستقرار. كثيرًا ما تؤدي الانقلابات والفساد إلى حرمان هؤلاء الشباب من فرص العمل والتعليم، باستثناء كيفية استخدام السلاح. وفي ظل هذه الظروف يظل الحلم بالسلام قائمًا رغم الصعوبات والتحديات اليومية.

وتجسد قصص النضال وسط الأزمات المتقاربة بين الصحة والجوع والعنف والنزوح الصعوبات التي يواجهها السودانيون يوميًا، ويعد الإغراء الخادع للحرب والحلم العنيد بالسلام، وجهان لعملة واحدة في هذا الصراع المدمر.

ربما يعجبك أيضا