دعم أوكرانيا للأزواد.. هل يغير معادلة صراع مالي وروسيا ضد الطوارق؟

تصاعد الصراع بين مالي وروسيا ضد الطوارق وتأثير دعم أوكرانيا لتمرد الأزواد

شروق صبري
دعم أوكرانيا للأزواد.. هل يغير معادلة صراع مالي وروسيا ضد الطوارق؟

مالي والأزواد يواجهان توترات متزايدة نتيجة المعارك بين الجيش المالي ومتمردي الطوارق، الذين يسعون للاستقلال في منطقة أزواد.


تتزايد الخسائر بين القوات المالية والمرتزقة الروس، مع تعميق الروابط بين المتمردين وجماعات إرهابية مثل القاعدة، ما يزيد من تعقيد النزاع وتحديات الاستقرار بالمنطقة، بحسب صحيفة “لوموند” الفرنسية الناطقة بالإنجليزية.

تُعد مالي واحدة من أكبر الدول في غرب إفريقيا، وهي تعاني من عدم الاستقرار السياسي والأمني منذ سنوات، وتعتبر منطقة الأزواد في شمال مالي بؤرة رئيسية للصراع، حيث تشهد نزاعًا مستمرًا بين الحكومة والحركات الانفصالية، بحسب التقرير، الذي نشر أمس الخميس 1 أغسطس 2024.

صراعات متعددة

بعد استقلالها عن فرنسا عام 1960، شهدت مالي تحولات سياسية كبيرة وأزمات أمنية متكررة إذ تواجه مالي صراعات متعددة من الجماعات مثل القاعدة وداعش، إضافة إلى الانقلابات العسكرية، هذا التوتر السياسي انعكس على جميع جوانب الحياة في البلاد، بما فيها الاقتصاد والأمن.

بالإضافة إلى أن الوضع في الأزواد لا يزال غير مستقر، حيث تستمر الهجمات والاشتباكات، مما يؤثر بشكل كبير على الحياة اليومية للسكان. وتظل الجهود الدولية لم تف بالغرض في تحقيق سلام دائم. وبالتالي فإن الصراع في مالي والأزواد يعكس تحديات عميقة تتعلق بالاستقرار الإقليمي والتنمية.

من هم الطوارق

من أبرز الصراعات التي تواجهها مالى هو الصراع مع الطوارق في “الأزواد” وهو اسم المنطقة التي تقع في شمال مالي، وهي منطقة صحراوية ذات أغلبية طوارقية.

والطوارق هم مجموعة عرقية بدوية تتوزع عبر الحدود بين مالي والنيجر والجزائر. تاريخيًا، كانت الطوارق يعيشون حياة بدوية، لكنهم واجهوا صعوبات في الحصول على حقوقهم الثقافية والسياسية في الدول التي يعيشون فيها.

المطالب الطوارقية

منذ أواخر السبعينيات، كانت  الحركات الطوارقية تطالب بالاستقلال الكامل للأزواد أو الحصول على حكم ذاتي موسع ضمن مالي. والاعتراف بهويتهم الثقافية وتعزيز حقوقهم السياسية، بما في ذلك استخدام لغتهم وتقاليدهم.

شهدت المنطقة صراعات مسلحة بين الحركات الطوارقية والحكومة المالية. منذ بداية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، كثرت هجمات الطوارق والجماعات الإسلامية المتشددة، مما أدى إلى تدخل دولي. إذ تدخلت الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي لمساعدة مالي في التعامل مع الوضع الأمني المتدهور.

المواجهات على الحدود

أمس 1 أغسطس 2024، أعلن المتمردون الطوارق في شمال مالي أنهم قتلوا ما لا يقل عن 84 من مرتزقة فاجنر الروس و47 جنديًا ماليًا خلال أيام من القتال العنيف في أواخر يوليو. يأتي هذا الإعلان في الوقت الذي أكدت فيه روسيا التزامها المستمر بدعم المجلس العسكري المالي.

قالت حركة الطوارق المتمردة،  إن الاشتباكات وقعت حول بلدة تينزاواتين الحدودية الشمالية، بينما قالت جماعة تابعة لتنظيم القاعدة إنها قتلت 50 من مقاتلي فاجنر في كمين بنفس المنطقة.

ورغم الخسائر الفادحة، لم تعلن مالي ولا مجموعة فاجنر عن عدد الجنود الذين فقدوا في هذه الاشتباكات، على الرغم من أن فاجنر قد أصدرت بيانًا نادرًا في 29 يوليو يعترف بتعرضها لخسائر كبيرة. حسب ما نشرت وكالة أنباء رويترز أمس.

تمرد الازواد فى مالي

تمرد الازواد فى مالي

الردود الروسية والمالية

لم تؤثر هذه الهزيمة الظاهرة على التعاون الروسي المالي، فقد قال أمس وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إنه تحدث مع نظيره المالي وأعرب عن “نية روسيا الثابتة لمواصلة تقديم الدعم اللازم”، حتى في القضايا الاجتماعية والاقتصادية، وتعزيز قدرة القوات المسلحة، وتدريب الأفراد العسكريين.

كانت القوات الروسية في مالي منذ أن طرد الجيش، الذي استولى على السلطة في انقلابين في 2020 و2021، القوات الفرنسية وقوات الأمم المتحدة التي كانت تشارك في مكافحة المتمردين لمدة عقد. اتهمت السلطات المالية جماعات الطوارق والإرهابيين بالتعاون، ولكن في بيانها قالت حركة الطوارق إنها قاتلت وحدها “من البداية إلى النهاية”.

دعم أوكرانيا للطوارق

يعيش الطوارق في الصحراء الكبرى التي تشمل أجزاء من شمال مالي. يشكو الكثير منهم من التهميش من الحكومة المالية، أطلق المتمردون الطوارق تمردًا ضد مالي في عام 2012، مطالبين بوطن مستقل يسمى أزواد. لاحقًا، تداخل نضالهم مع تمرد متحالف مع القاعدة في نفس المنطقة.

أفاد الإطار الاستراتيجي للدفاع عن شعب أزواد (CSP-DPA)،  بأنه أسر سبعة جنود ماليين ومقاتلين من فاجنر، بالإضافة إلى الاستيلاء على كمية كبيرة من الأسلحة والذخيرة والمركبات والمعدات الأخرى.

بعد المعركة بـ48 ساعة، أدلى أندري يوسوف، المتحدث باسم جهاز الاستخبارات العسكرية الأوكرانية (GUR)، بتصريح لافت على قناة تلفزيونية محلية، أشار فيه إلى تعاون جهازه مع المتمردين في شمال مالي. وقال إنه “تم إخبارهم بمعلومات مفيدة، وليس فقط تلك التي سمحت لهم بتنفيذ عملية عسكرية ناجحة ضد مجرمي الحرب الروس.”

الدعم الغربي للمتمردين

وفقًا لأحد قادة المتمردين، تجري بالفعل “تبادلات” مع أجهزة الاستخبارات الأوكرانية لدراسة سبل التعاون. وقال محمد المولود رمضان، المتحدث باسم (CSP-DPA) لدينا علاقات مع الأوكرانيين، كما لدينا مع الفرنسيين والأمريكيين وآخرين.

ومنذ طردهم من معقلهم التاريخي في كيدال بشمال مالي في نوفمبر 2023 على يد الجيش المالي وفاجنر، أجبر المتمردون على إعادة تنظيم صفوفهم لمواصلة القتال ضد المجلس العسكري الحاكم في باماكو.

حرب أوكرانيا ضد روسيا بأفريقيا

من جانبها، أكدت السلطات الأوكرانية التي تدعي خوض حرب ضد روسيا في كل مسرح عمليات، أنها تستهدف المرتزقة الروس كهدف استراتيجي.

لذلك، في نوفمبر 2023، كشفت فيديوهات نشرتها صحيفة كييف بوست، الصحيفة الإنجليزية، أنهم فتحوا جبهة جديدة في إفريقيا بإرسال قوات خاصة إلى السودان لمواجهة المرتزقة الروس الذين يدعمون قوات الدعم السريع بقيادة الجنرال محمد حمدان دقلو.

ربما يعجبك أيضا