في أوروبا.. هكذا أصبحت إسبانيا دارًا للمسنّين

كيف أصبحت إسبانيا الوجهة المثالية للمتقاعدين والمسنين؟

عبدالمقصود علي

يضيء التوهج الوردي لغروب الشمس جبل “مونت بيناكانتيل” بمنطقة “​​كوستا بلانكا” على شواطئ البحر الأبيض المتوسط في مدينة “أليكانتي” الساحلية، التي يبلغ عدد سكانها 330 ألف نسمة.

على هذه المدينة الواقعة في مقاطعة “بلنسية”، إحدى مناطق الحكم الذاتي الـ 17 بإسبانيا، يتردد صدى اللغة الفرنسية، في طابق علوي بمطعم للوجبات السريعة يطل على ساحة تصطف على جانبيها الأشجار.

300 يوم مشمس

بالداخل يشيد حوالي 20 متقاعدًا، من المتزوجين والعزاب، بهذا الجو الآسر حول ” المقبلات فرنسية”، وهو حدث يجري تنظيمه في المكان يوم الخميس من كل أسبوع، منذ عام 2022.

وبحسب مجلة “لوموند ديبلوماتيك” هؤلاء المتقاعدون لم يعرفوا بعضهم البعض في البداية، ولكنهم يشتركون في شيء واحد، جميعهم أتى من فرنسا، وسويسرا أو كندا، ويقيمون بكوستا بلانكا، خلال أشهر الشتاء أو بشكل دائم.

هكذا أصبحت إسبانيا دارًا للمسنين

اختاروا هذه المنطقة بسبب مناخها وأسلوب حياتها اللطيف

ويقول بيير، 71 عاماً، وهو رسام سابق من مدينة ليل: ” لقد اختاروا هذه المنطقة بسبب مناخها وأسلوب حياتها اللطيف”، ويضيف “هنا 300 يوم مشمس في السنة، والإسبان مرحبون جدًا بنا. ليس لدينا ما نشكو منه، وأصدقائي الذين ما زالوا يعملون في فرنسا ينتظرون فقط للمجيء “.

“السنونو”

وتؤكد المجلة أنه بمنطقة بلنسية يوجد 20 ألف مواطن فرنسي على مدار العام، أكثر من ثلثهم تزيد أعمارهم عن 60 عامًا. وفي المجمل، تستقبل إسبانيا 161 ألف شخص يتلقون معاشًا تقاعديًا من النظام العام بفرنسا؛ ناهيك عن آلاف المسنين الذين يأتون ويذهبون، ويقضون فصل الشتاء، دون أن يعلنوا ذلك، والذين تطلق عليهم الصحافة المحلية والفرنسية أحياناً لقب “السنونو “، مقارنة بالطيور المهاجرة.

في إسبانيا ليس الفرنسيون وحدهم من يذهبون إلى هناك إذا نجد أيضا البلجيكيون، كما يؤكد كيفن سينتورام، أحد المغتربين في هذا البلد الأوروبي لصحيفة ” لا ديرنيير أور ” البلجيكية.

نوعية الحياة

هذا الرجل افتتح وكالة للتسويق العقاري منذ أغسطس 2015 بإسبانيا، فهو يعرف السوق البلجيكي جيدًا، ويقول “90% من زبائني بلجيكيون. هناك الكثير من البلجيكيين الذين يشترون منزلاً لقضاء العطلات أو يأتون للاستقرار. أما بقية زبائني فهم فرنسيون أو من جنسيات أخرى”.

ويشير سينتوارم أن ما جذبه إلى إسبانيا وبالتحديد أوريويلا كوستا في مقاطعة أليكانتي، الجو المشمس طوال العام “في البداية، كان لدى أهل زوجتي منزل لقضاء العطلات في المنطقة، وكنا نأتي إلى هناك عدة مرات في السنة، بسبب نوعية الحياة، والشمس والهدوء”.

Screenshot 2024 08 05 144607

العديد من المتقاعدين يأتون للعيش في إسبانيا وأيضًا الشباب من أجل المناخ

ووفقا له، الأزمة الصحية ثم الاقتصادية غيرت الأمور “فمنذ انتشار فيروس كوفيد، حدث انفجار في عدد البلجيكيين الذين يصلون إلى هنا لتغيير حياتهم. ما تغير أيضًا هو المظهر، هناك العديد من المتقاعدين الذين يأتون للعيش في هذه الجو، ولكن أيضًا المهنيين الشباب الذين يأتون من أجل المناخ”.

القوة الشرائية

كما يلاحظ زيادة عدد البلجيكيين للمنطقة “في عام 2021، كان هناك حوالي 10000 بلجيكي في كوستا بلانكا، واليوم يوجد ما يقرب من 15000”.

ويؤكد “العديد من الإنجليز باعوا عقاراتهم مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي التي اشتريت بعضها، كما أن القوة الشرائية جزء من تفضيل العيش بهذا المكان، حيث يمكنك الذهاب إلى مطعم وطلب ثلاثة أطباق مقابل 15 يورو للشخص الواحد في وقت الغداء”.

ian schneider zff v01anre unsplash

إسبانيا وجهة مثالية لتقاعد المغتربين

“لقد قمت بالتسوق أيضا، وكان لدي عربة ممتلئة للغاية مقابل 78 يورو، واعتقدت أنهم نسوا أن يحاسبوني على بعض الأشياء”، يضيف ضاحكًا.

فرص حقيقية

أما بالنسبة للسويسريين فقد اختار العديد من المسننين إسبانيا لتقاعدهم، وهو اتجاه يؤكده لوران باناتييه، مدير وكالة بروكسيمو العقارية في لوزان.

ويقول لموقع “ماركيه”: الطلبات تتدفق، لقد شعرنا بزيادة قوية للغاية في بعض الأحيان يلجأ الناس إلى المغامرة لأسباب مالية، بينما يرغب آخرون في تغيير نمط حياتهم أو ببساطة الاستثمار في إسبانيا”.

ويضيف “سوق العقارات آخذ في الارتفاع، وبالتالي فإن الفرص حقيقية. بالإضافة إلى ذلك، توفر هذه الدولة تكلفة معيشة منخفضة جدًا، وأشعة الشمس على مدار العام، وأمانًا كبيرًا وبنية تحتية جيدة. كل هذا على بعد ساعة واحدة فقط من جنيف”.

الإسبان يكافحون

وفيما يتعلق بالوجهات، يوضح باناتييه، تحظى كوستا كاليدا، وكوستا بلانكا بشعبية كبيرة بين المتقاعدين السويسريين، وهذا ليس مفاجئة فهناك توجد شواطئ رائعة والعديد من البلدات التي يسهل الوصول إليها، مما يسمح لهم بالراحة وزيارة أماكن جديدة.

ووسط هذه الحياة الجميلة والأسعار المنخفضة، أسعار العقارات في إسبانيا آخذة في الارتفاع بسبب تدفق الأجانب،  وبالتالي فإن السكان المحليين يكافحون من أجل العثور على مأوى جديد.

ربما يعجبك أيضا