«السياحة المظلمة».. رائحة الحرب تجذب الأجانب إلى أفغانستان

بعد 3 سنوات من حكم طالبان.. رياح الأمل تداعب السياحة في أفغانستان

عبدالمقصود علي

منذ سيطرة حركة طالبان على كابول في 15 أغسطس 2021، تحسن الوضع الأمني ​​بأفغانستان، وبدأت السياحة في النمو، ورغم المخاطر التي ينطوي عليها هذا الأمر، هناك مزيد من الأجانب يخاطرون بالسفر إلى هذا البلد الذي يتمتع بضيافة أسطورية ومناظر طبيعية خلابة.

فمنذ استيلائها على السلطة قبل 3 أعوام، جعلت حركة طالبان البلاد في عزلة دولية بسبب الكثير من القوانين، حيث قمعت النساء وكممت أفواه الحريات، لكن الأمن يسود الآن معظم البلاد.

رياح السياحة

بسبب عودة الهدوء النسبي إلى الريف والمدن، وهي مناطق حرب سابقة، اخترقت رياح السياحة هذه الأماكن، حيث يتزايد عدد الأجانب الذين يزورون أفغانستان، ووفقًا للتقديرات، ارتفع العدد من 691 في عام 2021 إلى أكثر من 7 آلاف العام الماضي، وفق صحيفة “لاكروا” الفرنسية.

وأوضحت الصحيفة أن هناك انجذاب حقيقي لهذا البلد المعزول عن العالم، والذي سحقته الحروب منذ فترة طويلة، بين استراتيجيات القوى الأجنبية وحمل السلاح من قبل فصائل المجاهدين.

السياحة في أفغانستان

السياحة في أفغانستان

تقع أفغانستان على طريق الحرير، مبهرة المسافرين، وتحت السحب التي ترخي بظلالها على جوانب الأودية، تتجلى مساحاتها في جمال لافت، فالمناظر الطبيعية القاحلة والمعدنية، وآلاف التأثيرات الضوئية تشجع على التأمل، كما أن الطرق بمثابة دعوات للسفر إلى مكان آخر، والقرى واحات ضيافة يخرج منها رجال ذوو مظهر كريم ينظرون بفخر.

زهور وكلاشينكوف

“إن جمال أفغانستان بالنسبة لي جمال خام، لقد أحببت هذا البلد على الفور عندما اكتشفته قبل 15 عامًا”.. كما تقول الفرنسية أوريان زيراه، المصورة المقيمة في كابول الآن، والتي سافرت عندما كانت البلاد في حالة حرب.

ومن كابول إلى قندهار، ومن مزارع الخشخاش إلى حقول الزعفران، التقطت أوريان صورًا للزهور جنبًا إلى جنب مع بنادق الكلاشينكوف، وهي ملحمة ترويها في كتابها “الأفغان والأزهار”، والتي تقول عنه “أردت أن أظهر جانبًا آخر من القصة.. لا تختزلوا أفغانستان في مآسيها”.

191958743307861

لا تختزلوا أفغانستان في مآسيها

ومنذ الستينيات، جاب الهيبيون والمغامرون أفغانستان، حتى التدخل السوفييتي عام 1979 والحرب الأهلية. وفي بداية الصراع الذي أطلقته قوات حلف شمال الأطلسي 2001، عقب هجمات 11 سبتمبر ، مرت بضع سنوات من الإهمال على المغتربين الغربيين.

العنف يغرق حلم السفر

رغم ذلك تزلج السياح على سفوح باميان، وزاروا بحيرات باند أمير الفيروزية، وفي كابول، تناولوا المشروبات في مطعم أتموسفير المفضل لديهم، لكن سرعان ما تضاعف العنف عشرات المرات واستُهدف الأجانب، وغرق حلم السفر إلى أفغانستان في دوامة العنف.

منذ الستينيات، جاب الهيبيون والمغامرون أفغانستان

منذ الستينيات، جاب الهيبيون والمغامرون أفغانستان

واليوم لا يزال الخطر قائمًا، ففي مايو، قُتل 6 مسافرين، من بينهم 3 إسبان، في باميان، وهو الهجوم الأول من نوعه منذ 2021؛ وأعلن تنظيم “داعش” في خراسان مسؤوليته عنه، وهو فرع إقليمي للتنظيم العدو اللدود لطالبان.

وبحسب المركز الأمريكي لمكافحة الإرهاب في “وست بوينت”، نفذت هذه الجماعة 45 هجومًا خلال 2023 على الأراضي الأفغانية والباكستانية، ولا يزال السفر إلى أفغانستان غير مشجع بشدة، حيث تشير الولايات المتحدة إلى مخاطر “الإرهاب والاحتجاز غير المشروع والاضطرابات المدنية والاختطاف والجريمة”.

وكالة سفارات

في 2021، كان البريطاني جو شيفر أول من أسس وكالته “سفارات” المُخصصة للسياح الأجانب، إذ يقدم هذا المتحمس لأفغانستان الإقامة مع العائلات الأفغانية ونهجًا صديقًا للبيئة.

ويوضح قائلًا: “عملاؤنا هم مسافرون ذوو خبرة يحلمون بزيارة هذا البلد، إنهم يقدرون حقًا التبادلات مع الأفغان الذين يرحبون بهم جدًا”.

مسجد في كابول

مسجد في كابول

واستشعارًا أيضًا للإمكانات السياحية هناك، افتتح الفرنسي لوكا مارجريت وكالته “أفغانستان الفريدة” العام الماضي، ويعتقد أن “زيارة أفغانستان لا ينبغي أن يُنظر إليها على أنها دعم للنظام، بل نهج يساهم في الاقتصاد المحلي ويعزز الاحترام المتبادل”.

خزائن فارغة

رغم عزلته الدولية، يعمل نظام طالبان على تطوير السياحة في بلد خزائنه فارغة، وقد أعاد معهد إدارة الفنادق فتح أبوابه، وظهرت العديد من وكالات السفر، ويجري الآن إعادة بناء الطرق في جميع أنحاء البلاد، ولا سيما بفضل الدعم المقدم من الصين.

بحيرات باند أمير، أفغانستان

بحيرات باند أمير، أفغانستان

ويقول مصطفى زازاي، مسؤول من مكتب السياحة بوزارة الإعلام والثقافة: “في ظل حكم الإمارة الإسلامية، زادت السياحة الخارجية بنسبة 20% على الأقل سنويًا، في حين أن السياحة الداخلية راكدة بسبب الركود الاقتصادي والعقوبات الدولية”.

السياحة المظلمة

تعد “السياحة المظلمة” في أفغانستان مجال مفضل لبعض المسافرين الغربيين الذين تجذبهم رائحة الحرب، فبالنسبة لهم، التقاط صورة شخصية مع أحد أعضاء طالبان المسلحين ببندقية هجومية يعد بمثابة تذكار، كما هناك وكالات سفر أخرى كـ”الحدود الجامحة”، تتباهى بالوجهات “التي يتعذر الوصول إليها”، والتي تقوضها الصراعات.

ووفقًا لمصطفى زازاي: “السياحة لديها القدرة على أن تصبح ركيزة لاقتصادنا، أفغانستان بلد نقي وخام، وبحلول 2050 يمكن أن تجعله عوامل الجذب وجهة مفضلة”.

السياحة في أفغانستان

السياحة في أفغانستان

ومن بين الأمور الأساسية أيضًا رغبة طالبان في تغيير صورتها، وفي هذا الشأن يقول مصطفى زازاي: “هناك إعلانات سلبية ومُلفقة ضد أفغانستان”، والتي، حسب قوله، ستختفي مع زيارات الأجانب “سفراء المستقبل لبلدنا الجميل”.

لكن بحسب الصحفية: “من المستحيل محو الواقع، ولا سيما مأساة استبعاد 2.5 مليون امرأة أفغانية من النظام المدرسي”.

ربما يعجبك أيضا