حملات التضليل الروسية.. كيف أصبحت أمريكا عاجزة عن المواجهة؟

بسام عباس
أحد مقدمي البرامج في قناة روسيا اليوم

أعلنت الحكومة الأمريكية سلسلة من الإجراءات لمواجهة حملات النفوذ الروسي قبل انتخابات نوفمبر 2024، مستهدفةً وسائل الإعلام التي تديرها الدولة بالعقوبات، فضلا عن منظمات أخرى تقول إنها تساعد الكرملين في نشر الدعاية والتضليل بأمريكا.

وقالت صحيفة “نيويورك تايمز”، إن الإجراءات تشمل العقوبات وتوجيه الاتهامات ومصادرة نطاقات الويب التي يقول المسؤولون الأمريكيون إن الكرملين يستخدمها لنشر الدعاية والمعلومات المضللة حول أوكرانيا، التي غزتها روسيا منذ أكثر من عامين.

تشويه بيئة المعلومات

قالت مجلة “وورلد بولتيكس ريفيو” الأمريكية، في تقرير نشرته الخميس 5 سبتمبر 2024، إن الجهود التي أُعلنت عنها الحكومة الأمريكية ليست سوى أحدث الجهود التي تبذلها دولة غربية في محاولة للرد على حملات التأثير الروسية، والتي تتسم بالنشاط والاتساع.

وذكرت أن موسكو، على مدى عشرات السنين، نشرت الدعاية والمعلومات المضللة من خلال منافذها الإخبارية التي تديرها الدولة، وكذلك من خلال برامج الروبوت على وسائل التواصل الاجتماعي والمحتوى المدفوع، لتشويه بيئة المعلومات في الغرب.

اجتماع لفريق عمل التهديدات الانتخابية التابع لوزارة العدل في واشنطن

اجتماع لفريق عمل التهديدات الانتخابية التابع لوزارة العدل في واشنطن

نقطة تحول

أوضحت المجلة أن الفترة التي سبقت الانتخابات الأمريكية في عام 2016 كانت بمثابة نقطة تحول، حيث تأخرت وكالات الاستخبارات الأمريكية في اكتشاف المحاولات الروسية للتأثير على التصويت لصالح دونالد ترامب، ومن ذلك الحين، أصبحت الولايات المتحدة، والعديد من الدول الأوروبية أكثر عدوانية في التصدي للتدخل الروسي.

وأضافت المجلة أن هذه الجهود وضرورتها، مسألة مشكوك في فائدتها، ففي حين أصبحت المعلومات المضللة كلمة طنانة شائعة بعد انتخابات عام 2016، ولا يزال من غير الواضح مدى فعالية حملات المعلومات المضللة، ففي هذه المرحلة تشارك موسكو في جهود واسعة النطاق لنشر معلومات وأخبار كاذبة بهدف زرع الانقسامات في المشهد السياسي.

أسئلة شائكة

قالت المجلة إن محاولة استهداف التضليل تثير الكثير من الأسئلة السياسية الشائكة حول حرية التعبير، ففي جوهره، يتطلب تحديد ما يجب استهدافه التمييز بين الكلام العضوي وغير العضوي، وهذا ليس بالأمر السهل، فحتى عندما تدفع أموال لشخص ما من عملاء أجانب، فمن الصعب إثبات أنه لم يكن ليعتنق نفس المعتقدات بغض النظر عن ذلك.

ولكن ربما تكون المشكلة الأكبر هي أن التضليل هو أداة واحدة من بين أدوات عديدة للتأثير غير المشروع، وأن حملات التأثير الفعّالة تتجاوز مجرد نشر المعلومات، وكما كتب “كارل ميلر وجافين وايلد” في عام 2022، فإن هذه الحملات “مصممة لتغذية واستغلال جميع أنواع الظواهر الاجتماعية التي قد توجد وتستمر حتى بدونها”.

وبالتالي فإن “التحدي الحقيقي متجذر بعمق في السلوك البشري الفردي والجماعي”، وإذا كان استهداف نشر المعلومات الكاذبة من جهات أجنبية صعبًا بما فيه الكفاية، فإن الدفاع ضد حملات التأثير الكاملة يكاد يكون مستحيلًا، ذلك أن التركيز على “التضليل” يخلق مشاكل أكثر مما يمكنه أن يحلها.

ربما يعجبك أيضا