حوكمة الذكاء الاصطناعي.. أين وصلت طموحات الصين؟

حوكمة الذكاء الاصطناعي.. إلى أي مدى وصلت طموحات الصين؟

بسام عباس
طموح الصين في السيطرة على الذكاء الاصطناعي

في يوليو 2024، استضافت شنغهاي مؤتمرها العالمي السنوي للذكاء الاصطناعي، والذي جمع كبار الخبراء والشركات والحكومات لعرض أحدث التقنيات واستكشاف اتجاهات الذكاء الاصطناعي المستقبلية وتعزيز التعاون العالمي.

وسلط مؤتمر 2024، للمرة الأولى، الضوء على قضايا حوكمة الذكاء الاصطناعي العالمية، حيث استخدمت حكومة شنغهاي حفل الافتتاح لإصدار إعلان شنغهاي بشأن حوكمة الذكاء الاصطناعي العالمية.

مبادرة غامضة

قالت مجلة “أوراسيا ريفيو”، في تقرير نشرته الأربعاء 11 سبتمبر 2024، إن إعلان شنغهاي عبارة عن وثيقة قصيرة تفتقر إلى التفاصيل باستثناء التركيز الشديد على الحفاظ على سلامة الذكاء الاصطناعي وتعزيز التعاون العالمي الشامل، وعند قرأتها بمعزل عن غيرها، لا تحمل أهمية كبيرة، ولكن ينبغي فهمها في سياق سعي الصين لتنفيذ رؤيتها لحوكمة الذكاء الاصطناعي العالمية.

وذكرت أن هذه المساعي بدأت في أكتوبر 2023، عندما استخدم الرئيس الصيني، شي جين بينج، خطابه الرئيس في حفل افتتاح منتدى الحزام والطريق الثالث للتعاون الدولي لطرح مبادرة حوكمة الذكاء الاصطناعي العالمية، مشيرة إلى أن الوثيقة تؤكد على ضرورة تطوير الذكاء الاصطناعي لصالح البشرية، مع الحفاظ على مبادئ الاحترام المتبادل والمساواة.

وعلى غرار إعلان شنغهاي، تتسم مبادرة حوكمة الذكاء الاصطناعي العالمية وقرار الأمم المتحدة بالغموض، ولكن يمكن تحديد موضوعات مشتركة عبر هذه الوثائق، فالصين تدعو إلى اتباع نهج يركز على الأمم المتحدة في حوكمة الذكاء الاصطناعي وتضع نفسها في موقف المدافع عن الجنوب العالمي بالتأكيد على أهمية نقل التكنولوجيا والحوكمة الشاملة.

نقاط ضعف

أوضحت المجلة أن الصين تهدف لأن تكون مركزًا رئيسًا للابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي في العالم بحلول عام 2030، من خلال أبحاثها الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، وجهودها الرامية لأن تصبح “صانعة معايير” دولية، فليس من المستغرب أن يصف العديد من المعلقين مبادرات حوكمة الذكاء الاصطناعي العالمية الأخيرة بأنها نابعة من موقف قوة.

وأضافت أن الصين دولة رائدة في تطوير وتصدير وتنظيم الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم، ما يضعها في موقف مؤثر على المستوى الدولي. ولكن الفحص الدقيق للسياق الأوسع يكشف عن نقاط ضعف سياسية وتكنولوجية في الجهود التي تبذلها الصين مؤخرًا للعب دور أكثر حزمًا في حوكمة الذكاء الاصطناعي العالمية.

وذكرت أن العديد من المنظمات الدولية والحكومية نشرت مبادئ ووثائق إرشادية لحوكمة الذكاء الاصطناعي، وأن الصين لعبت دورًا هامشيًا إلى حد كبير في حوكمة الذكاء الاصطناعي العالمية، حيث يزعم بعض المعلقين الصينيين أن العديد من المبادرات القائمة هي جهد من جانب الغرب لإملاء القيم المناسبة لحكم الذكاء الاصطناعي بشكل استباقي.

تحفظ صيني

أوضحت المجلة أن صناع السياسات الصينيين، بحلول أوائل عام 2023، أصبحوا أكثر قلقًا بشأن المخاطر المحتملة التي قد تشكلها أنظمة الذكاء الاصطناعي المتطورة، في حين يواجهون أيضًا خطر التهميش في المناقشات العالمية السريعة التقدم حول الذكاء الاصطناعي، مشيرة إلى أن هذا يكشف أهداف الجهود الصينية الأخيرة الرامية إلى إرساء وتعزيز رؤية لحوكمة الذكاء الاصطناعي العالمية.

وأضافت أن القضية الأساسية في هذه الرؤية الرجعية هي أن الخطاب والواقع لا يتطابقان، ففي حين تدعو الصين إلى الشمولية، فإن الإجراءات التي اتخذتها تركز إلى حد كبير على بناء الشراكات لمواجهة الهيمنة الغربية المتصورة في مجال الذكاء الاصطناعي، وهذا أمر مفهوم بالنظر إلى الواقع الجيوسياسي.

وأشارت إلى أن رفض الصين التوقيع على اتفاقية عالمية عُرضت في قمة سلامة الذكاء الاصطناعي في سيول في وقت سابق من هذا العام يمكن تفسيره على أنه علامة على التحفظ على المشاركة بشكل هادف في المبادرات الدولية التي لا تقودها الصين أو الأمم المتحدة.

مشاركة عملية

قالت المجلة إن مثل هذا النهج من شأنه أن يلحق ضررًا كبيرًا بجهود حوكمة الذكاء الاصطناعي العالمية، لافتة إلى ضرورة أن يكون للأمم المتحدة دور في حوكمة الذكاء الاصطناعي نظرًا لشموليته وشرعيته، ولكن الطبيعة التقنية والعامة للذكاء الاصطناعي، و”الجمود” الذي تواجهه الأمم المتحدة، تجعلها مؤسسة غير مناسبة لمعالجة قضايا الحوكمة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي.

ولكي تنجح مبادرات حوكمة الذكاء الاصطناعي العالمية، فإن المشاركة العملية بين الصين والغرب في مجموعة متنوعة من المؤسسات تشكل أهمية بالغة، وإلا فإن الفشل في القيام بذلك من شأنه أن يؤدي إلى تقويض المبادرات الواعدة وتفتيت النظام البيئي العالمي لحوكمة الذكاء الاصطناعي.

ربما يعجبك أيضا