بعد 7 أكتوبر.. كيف أصبحت السياسة الأمريكية بالشرق الأوسط؟

إسراء عبدالمطلب

شهدت السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط تحولًا جذريًا بعد هجوم 7 أكتوبر 2023، والذي شكّل صدمة كبيرة للمنطقة وللعالم بأسره.

وأعادت الولايات المتحدة تقييم أولوياتها الاستراتيجية وتعزيز دعمها لحلفائها الإقليميين، خاصة في ظل تصاعد التوترات والصراعات، وبينما تسعى واشنطن لتحقيق التوازن بين دعمها لإسرائيل ومواجهة النفوذ الإيراني، فإنها تجد نفسها أمام تحديات كبيرة وفرص قد تغير مسار سياساتها الخارجية بالشرق الأوسط.

السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط بعد 7 أكتوبر

السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط بعد 7 أكتوبر

تحول في السياسة الأمريكية

من جانبه، قال الباحث في السياسة الدولية، الدكتور أحمد العناني، في تصريحات خاصة لـ”شبكة رؤية الإخبارية”، إن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بعد 7 أكتوبر في غزة، أصبح محورًا للتنافسات السياسية والاستراتيجية بين المرشحين في الانتخابات الأمريكية، وذكر أن المرشحين يحاولان توظيف هذا الصراع لخدمة أهدافهما السياسية.

وأضاف العناني، بالنسبة لجو بايدن فيسعى إلى استخدام هذا الملف لتعزيز فرصة كامالا هاريس في الانتخابات، حيث يضغط من أجل وقف الحرب ويؤكد دعمه لحل الدولتين، في المقابل، كان موقف دونالد ترامب واضحًا وصريحًا، حيث دعم بنيامين نتنياهو بشكل مباشر واتخذ خطوات مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان.

أحمد العناني

أحمد العناني

تحديات استراتيجية

فيما يتعلق بتأثير الصراع على الشرق الأوسط، يرى العناني أن السياسة الأمريكية تركز على التهدئة وتجنب التصعيد بالمنطقة، حيث توجد قواعد عسكرية أمريكية في العراق وسوريا، وأي تصعيد قد يضر بالمصالح الأمريكية.

وأضاف العناني أن الولايات المتحدة تسعى لوقف إطلاق النار وتحرير الرهائن، رغم التأكيد المستمر على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. وفي النهاية، أوضح أن تصعيد الصراع في الشرق الأوسط يضر بالمصالح الأمريكية، وأن الإدارة الأمريكية تفضل الحلول السياسية لضمان استقرار المنطقة وتجنب مواجهة مباشرة مع إيران أو حلفائها.

تأثير 7 أكتوبر على الشرق الأوسط

استضاف معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، في الثاني من أكتوبر، منتدى سياسي افتراضي، شارك فيه 3 من كبار المحللين والخبراء، وهم دينس روس، دانا سترول، وديفيد شينكر، يتمتع هؤلاء الخبراء بخبرات طويلة في مجال السياسة الخارجية الأمريكية والشرق الأوسط، إذ شغلوا مناصب عليا في إدارات أمريكية مختلفة.

وناقشوا في هذا المنتدى التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط، خاصة بعد هجوم 7 أكتوبر 2023 وتأثيره العميق على المنطقة.

من جانبه، قال المبعوث الأمريكي السابق للشرق الأوسط، دنيس روس، إنه في بداية أكتوبر 2023، كانت إدارة بايدن تعتقد أن الشرق الأوسط يقف على أعتاب تحول نحو السلام والاستقرار، بفضل الهدوء النسبي الذي ساد المنطقة، ولكن هجوم “حماس” في 7 أكتوبر جاء كصدمة هائلة، إذ أغرق الشرق الأوسط في حالة من الفوضى.

سياسات متباينة

أضاف روس، إنه رغم ذلك، استمرت الولايات المتحدة في دعم إسرائيل بقوة، حتى مع وجود بعض الخلافات بين البلدين، وبعد عام من الهجوم، تم تقليص تهديد “حماس” ليصبح غير عسكري، كما صمدت إسرائيل أمام تهديدات مباشرة من إيران، وتم تدمير قيادات رئيسية في “حزب الله”، ولكن لا يزال خطر التصعيد قائماً، وتحقيق السلام سيظل تحدياً كبيراً.

ويؤمن روس بأن إنهاء هذا الصراع قد يفتح الباب لتحولات إقليمية كبيرة، مثل استعادة السيطرة على لبنان من “حزب الله”، وإتمام اتفاق التطبيع بين السعودية وإسرائيل، ولتحقيق ذلك، يجب على الولايات المتحدة أن تعمل مع إسرائيل لتحويل المكاسب العسكرية إلى إنجازات سياسية، وأن توجه رسالة قوية إلى إيران مفادها أن استمرارها في زرع الفوضى سيكون له ثمن باهظ.

تكامل إقليمي

أشادت نائبة مساعد وزير الدفاع الأمركي لشؤون الشرق الأوسط سابقًا، دانا سترول، بالنهج الذي اتبعته إدارة بايدن في العام الماضي، والذي جمع بين الثبات والمرونة، ودعمت الإدارة الأمريكية حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وسعت في الوقت نفسه لتحقيق التكامل الإقليمي بين دول المنطقة، وأشارت إلى أنه على الجانب العسكري، أظهرت الولايات المتحدة مرونة كبيرة، حيث اتخذت خطوات قوية في عدة مناطق لمواجهة التهديدات.

وشملت تلك الخطوات الدعم المستمر لإسرائيل في مواجهاتها العسكرية، واتخاذ إجراءات ضد “الحرس الثوري” الإيراني في العراق وسوريا، وتكوين تحالف لمواجهة الاضطرابات البحرية التي يثيرها الحوثيون، بالإضافة إلى إعادة نشر حاملات الطائرات لدعم استقرار المنطقة.

وترى سترول أن للولايات المتحدة دوراً حاسماً في تحديد مستقبل غزة بعد الحرب، إذ يجب التركيز على البعد الإنساني وإعادة بناء البنية التحتية، مؤكدة أن أي نجاح استراتيجي لإسرائيل لن يكون كاملاً دون معالجة الوضع الإنساني في غزة.

تحولات إقليمية

استعرض مدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن، ديفيد شينكر، تأثير هجوم 7 أكتوبر على التحولات الإقليمية في الشرق الأوسط، حيث أصبح الصراع أكثر تعقيداً، مشيرًا إلى أن إسرائيل أصبحت أكثر تحملاً للمخاطر في مواجهتها للتهديدات، وأقل استجابة للانتقادات الدولية، بسبب التهديدات الوجودية التي تواجهها.

ورغم وجود بعض التباين في وجهات النظر بين الولايات المتحدة وإسرائيل، إلا أن هناك اتفاقاً على ضرورة منع حماس من العودة إلى حكم غزة بعد انتهاء الصراع. كما أشار شينكر إلى أن الفرص الإقليمية التي يمكن أن تنشأ بعد الحرب تشمل إعادة التوازن إلى السياسة اللبنانية بعد تدمير قيادة حزب الله، وتعزيز التكامل بين إسرائيل والدول العربية.

مفترق طرق

اختتم شينكر بتأكيد أن الولايات المتحدة، رغم التحديات المقبلة، لديها فرص كبيرة لتحقيق تحولات إيجابية في المنطقة، خاصة إذا استغلت اللحظة الحالية لتعزيز تحالفاتها والدفع باتجاه تكامل أكبر مع إسرائيل.

ويُظهر المنتدى السياسي أن الشرق الأوسط يقف على مفترق طرق، حيث تواجه الولايات المتحدة وحلفاؤها تحديات كبيرة، ولكن في الوقت نفسه تلوح في الأفق فرص مهمة لتحقيق استقرار طويل الأمد في المنطقة، تحقيق هذه الفرص يتطلب تنسيقاً دقيقاً بين الجهود العسكرية والدبلوماسية، إلى جانب تعزيز التكامل الإقليمي ومعالجة الأبعاد الإنسانية للصراعات القائمة.

2024

ربما يعجبك أيضا