رؤية – محمود رشدي
تسعى إيران لإيجاد موطئ قدم لها في مناطق جغرافية متعددة حول العالم عبر إيجاد أقليات دينية تدين لها بالولاء، وغالبًا ما تسعى تلك المجموعات للتسليح عبر الدعم الإيراني السخي لتقوم بمواجهة دولتها، والمجموعات العرقية الأخرى، فإيران تمارس نفس الآلية لتعظيم نفوذها؛ ففي لبنان يتواجد حزب الله الذي يعد جيش مصغر داخل الدولة، ويدين بالولاء العلني لطهران، وكذلك في العراق توجد ميليشيات الحشد الشيعي التي يستصعي على الدول العراقية إعادة دمجهم داخل الجيش العراقي، ناهيك عن اليمن وسوريا.
أما عن أفريقيا فتسعى طهران لتعزيز وجودها بها عبر جذب جماعات عرقية تدين لها بالولاء لتعيد تكرار النموذج اللبناني، فنجد في نيجيريا حركة زكزاكي الشيعية، والتي دخلت في مواجهات مسلحة مع قوات الشرطة، وغيرها من الدول الأفريقية كالصومال وجيبوتي.
نيجيريا؛ تلك الدولة الأفريقية التي تعاني ويلات الفقر والانقسام الداخلي، في ظلّ صراعات ممتدة، قبل أن تنال استقلالها من بريطانيا، عام 1960، ظلّت في صراعات مستمرة يغلب عليها الطابع الديني، لتتضاعف المسألة في العقد الأخير، مع تنامي خطر جماعة “بوكوحرام” المتطرفة، وتزايد المشكلات الاقتصادية بالغة التعقيد، بعد الانخفاض العالي لأسعار النفط، واستشراء الفساد السياسي والمالي، وعدم قدرة الحكومات المتعاقبة في تقليل إحصائيات الفقر المتنامي.
حركة زكزاكي وإيران
كان المدعي العام الإيراني، حجة الإسلام محمد جعفر منتظري، قد طالب، الأسبوع الماضي، مسؤولي القضاء في نيجيريا بنقل زكزكي إلى طهران للعلاج.
ويطالب زكزكي بثورة إسلامية على غرار تلك التي قادها الخميني، عام 1979، وانتهت بإسقاط نظام الشاه. وتستمد الحركة الإسلامية في نيجيريا فكرها وأنشطتها من الثورة الإيرانية.
وتدعم إيران، سرّاً وعلانية، حركة زكزكي، ما حال دون التوصل إلى حلّ ينهي المواجهات الدموية التي تشهدها نيجيريا من حين إلى آخر.
وانتقد منتظري ما وصفه بـ”النهج العسكري والأمني في التعامل مع زكزكي”، مطالباً المسؤولين النيجيريين بالعمل على استقلال القضاء وحماية حقوق مواطنهم السجين وتوفير الأرضية لإطلاق سراحه”.
وتحتجز السلطات النيجيرية زكزكي منذ (ديسمبر) 2015، رغم صدور حكم قضائي، في (ديسمبر) 2016، بإطلاق سراحه، ويُحاكم رجل الدين الشيعي النيجيري بتهم القتل والتجمهر بشكل غير قانوني، فيما يتعلق بأعمال العنف عام 2015، لكنّه ينفي تلك الاتهامات، ويصرّ على أنّ الحركة الاحتجاجية التي يقودها حركة سلمية.
وتقول منظمات حقوق الإنسان: إنّ نحو 400 من مؤيدي زكزكي قتلوا في المواجهات مع الشرطة منذ 2015، وخرج أعضاء الحركة الإسلامية في نيجيريا في مظاهرات بالعاصمة النيجيرية، أبوجا، للمطالبة بالإفراج عن زعيمهم إبراهيم زكزكي.
وتراهن طهران على حركة زكزكي للتمدّد في أفريقيا، انطلاقاً من نيجيريا؛ التي تشهد اضطرابات أمنية بفعل اعتداءات إرهابية تشنّها جماعة بوكو حرام المتشددة، والتي خلفت مئات القتلى، فيما تواصل الأقلية الشيعية، بدفع من طهران، احتجاجاتٍ تخشى السلطات النيجيرية من خروجها عن السيطرة، وتحوّلها إلى صراع طائفي مذهبي.
الوجود الشيعي في نيجيريا
يعود تاريخ الوجود الشيعي في نيجيريا إلى عام 1980، ويقدر عددهم، بحسب تقارير غير رسمية، بــ 3 ملايين شخص، معظمهم في منطقة “زاريا” بولاية “كادونا”، ويتزعم المجموعة إبراهيم الزكزكي، الحاصل على ليسانس الاقتصاد من جامعة أحمد بيللو، وقد اعتنق المذهب الشيعي، وبدأ في نشره، وأعلنه رسمياً في عام 1995؛ بعد حوار له مع صحيفة إيرانية.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=334878