المونيتور | مصر تسعى لصد النفوذ التركي في تشاد

آية سيد

ترجمة – آية سيد

أعلنت مصر في 10 مارس عن نيتها توقيع اتفاقية مع ليبيا وتشاد لإقامة طريق جديد يربط الدول الثلاث، وهو ما يفتح الباب أمام المنتجات التشادية لكي تصل إلى السوق المصرية.

جاء هذا عقب زيارة إلى تشاد يوم 1 مارس بقيادة رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل. زار الوفد العسكري المصري رفيع المستوى تشاد بهدف تعزيز التعاون بين البلدين وبحث طرق مكافحة التنظيمات الإرهابية في الدولة الحبيسة الواقعة في شمال وسط أفريقيا.

وقد سعت مصر في السابق لمزيد من التقارب مع تشاد في محاولة لدعم العلاقات الثنائية. ففي 5 مارس، قالت وزيرة الصحة والسكان المصرية هالة زايد إن مصر قدمت إلى تشاد المساعدات والدعم الطبي للقضاء على جائحة فيروس كورونا، ووفّرت مصر العلاج المجاني للمواطنين التشاديين، وأقامت مشافي ميدانية لجراحات العيون وجلبت أخصائيين تشاديين للتدريب في المشافي التابعة لوزارة الصحة.  

وفي تقرير صدر يوم 8 مارس، نقل موقع العربي الجديد عن مصادر قولها إن كامل زار تشاد مرتين الشهر الماضي، حيث التقى بمسئولين وأكد استعداد مصر لتحديث جيش تشاد، وأمنها ودعمها التقني، عن طريق تنظيم التدريبات العسكرية وتقديم منح للجيش.

وبحسب نفس المصادر، اتفق كامل مع المسئولين التشاديين على زيارات رئاسية متبادلة مستقبلًا. لقد ذكر أن مصر وجّهت تركيزها على تشاد لأن تقارير المخابرات المصرية أكدت أن تركيا كانت تسعى لترسيخ موطئ قدم في الدولة وبقية منطقة الساحل الأفريقي.

في الواقع، تحضر تشاد لاستضافة مؤتمر دولي دعا إليه معهد منتدى السياحة العالمي في تركيا، الذي يهدف إلى ترويج السياحة في البلاد وزيادة الاستثمارات السياحية وعدد السياح الوافدين.

كانت وزارة السياحة التشادية ومعهد منتدى السياحة العالمي قد وقّعا اتفاقية في ديسمبر 2020، في محاولة لتعزيز السياحة في تشاد. وقالت هبة البشبيشي، أستاذة العلوم السياسية في معهد البحوث والدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، لموقع المونيتور: إن مصر بدأت في التقرب إلى الدول الأفريقية بعد سنوات من الإهمال.

وأضافت: “تحت الأنظمة السابقة، ظلت أفريقيا مُهمَلة لعقود. لكن عزم تركيا على اكتساب موطئ قدم في تشاد كان بمثابة جرس إنذار لمصر. لحقت مصر مؤخرًا بالركب بينما تحظى تركيا بتواجد قوي في تشاد”.

في 24 نوفمبر 2020، أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مكالمة هاتفية مع نظيره التشادي، إدريس ديبي، أكد فيها رغبة أنقرة في توطيد التعاون التجاري والاقتصادي مع أنجمينا، في كافة المجالات.

وخلال أزمة فيروس كورونا، كثّفت تركيا دعمها لتشاد. وفي 26 مايو 2020، أعلنت وزارة الدفاع التركية أنها بصدد إرسال طائرة شحن عسكرية تحمل مساعدات طبية لمساعدة تشاد في التعامل مع تفشي الجائحة.

وفي 18 يونيو 2020، أقلعت طائرة شحن عسكرية تحمل مستلزمات طبية وعربات إسعاف، من قاعدة إتيميسجوت الجوية التركية إلى تشاد بتوجيهات من أردوغان. وفي 25 يونيو 2020، قال اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي: إن تركيا كانت تبذل جهودًا لـ”اختراق عدة دول أفريقية،” مثل النيجر، وتشاد ودول القرن الأفريقي.

ووفقًا للبشبيشي، كانت تركيا تستغل الأزمات التي تجتاح تشاد، مثل الفقر، والمجاعة، والإرهاب والصراعات الداخلية. وجادلت بأن تركيا كانت تحاول كسب موطئ قدم في تشاد على جميع المستويات – سواء ثقافية، أو اقتصادية أو عسكرية – بهدف خلق مناطق نفوذ في أفريقيا وتحقيق السيطرة الكاملة على ليبيا، وتضييق الخناق على مصر.

في 5 مايو 2020، أعلنت وكالة التعاون والتنسيق التركية عن بناء مدرسة زراعية تطبيقية في تشاد، دعمًا للتنمية الزراعية في الدولة الأفريقية. وقال منسق وكالة التعاون والتنسيق التركية في تشاد مليح مجاهد آتش حينها: إن المدرسة التي ستُبنى داخل إطار عمل مشروع مجمع الصداقة بين تشاد وتركيا ستساهم بدرجة كبيرة في تقدم الدولة.

في 28 فبراير 2019، وقّع أردوغان مع نظيره التشادي أربعة اتفاقات، تشمل اتفاقية إطار عمل عسكري، وأخرى تتعلق بالمساعدات النقدية، والتعاون في مجال التعليم والتعاون في المجال الثقافي.

جادلت البشبيشي بأن تشاد تمثل مسألة أمن قومي لمصر، حيث إنها دولة تلعب دورًا محوريًّا فيما يتعلق بتأثيرها على الوضع في السودان وليبيا. وقالت: “من خلال تشاد، من الممكن خلق الفوضى في مصر وتشكيل تهديد على الحدود المصرية”.

وأضافت: “تمتلك تشاد طريقَا مباشرًا إلى دارفور السودانية، دون أي تواجد للقوات التشادية. تشاد متصلة أيضًا بليبيا عبر طريق صحراوي، حيث يتم تهريب الأسلحة والأفراد.. وهكذا فإن سيطرة تركيا على تشاد تهدد أمن مصر”.

واتفق شفاء العفاري، الكاتب والمحلل السياسي الإريتري المتخصص في الشئون الأفريقية، مع البشبيشي. لقد أخبر المونيتور أن نهج مصر تجاه تشاد له أهداف واضحة، تحديدًا حماية الأمن القومي المصري من أية تهديدات، حيث إن تشاد تمثل امتدادًا للعمق الاستراتيجي المصري.

وقال العفاري إن هناك أيضًا تحركًا لـ”قطع الطريق أمام الهيمنة التركية في المنطقة، وظهور القاهرة كمنافس قوي لأنقرة في مجال الدعم اللوجيستي العسكري”.  وأضاف أنه خلال زيارته الأخيرة لتشاد، بحث رئيس المخابرات المصرية طرق الدعم العسكري واللوجيستي الذي يمكن أن تقدمه القاهرة لتشاد من أجل مكافحة الإرهاب والجماعات المسلحة.

في 27 يوليو 2020، ورد أن الحكومة التركية وقعت اتفاقية عسكرية مع النيجر وتحضر لإعلان اتفاقية مماثلة مع دول أخرى مجاورة لليبيا، مثل تشاد، كجزء من محاولات تركيا لإحكام السيطرة على ليبيا.

يعتقد العفاري أن مصر تحاول أيضًا كسب موطئ قدم في ليبيا لأن القاهرة تريد تعويض خسارتها في ليبيا، بعد أن هزمت حكومة الوفاق الوطني، المدعومة من تركيا، حليف مصر خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، وهو ما زاد من النفوذ التركي في ليبيا.

في 4 يونيو 2020، تلقى حفتر مجموعة من الهزائم على يد حكومة الوفاق الوطني، ما دفعه إلى الانسحاب بالكامل من طرابلس. وفي 20 يونيو 2020، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن محافظتي سرت والجفرة الليبية “خط أحمر” بالنسبة إلى مصر، خشية أن تسيطر حكومة الوفاق الوطني، بدعم تركيا، على الحدود الشرقية الليبية مع مصر.

للاطلاع على الرابط الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا